في العمق

انتفاضة الضفة إلى أين؟

الآفاق والعرين والانعتاق

المجد –

إن المتابع للحالة الثورة المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس والتي تحولت إلى كُرة لهب متدحرجة أضحت لا تقض فقط مضاجع العدو ومستوطنيه، بل هاجس استراتيجي يشكل علامة فارقة ضمن المحطات المهمة والحساسة في تاريخ المعركة مع العدو نحو التحرير والانعتاق من نظامه الاحلالي العنصري.

ربما يعتقد البعض أن قمة هذه الحالة الثورية هو “عرين الأسود “كحالة وطنية جامعة في نابلس والممتدة شمالاً وشرقاً في طول الوطن وعرضه، ولكن عرين الأسود تبقى- وبأهميتها الشديدة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ محاولات شعبنا للحرية والانعتاق من المحتل -هي انعكاس للحالة التي وصلت إليها الأجيال المختلفة والتي عبر عنها بعض كتاب ومحللون وخبراء أمنيون للعدو بحالة من الإحباط وإلياس من وجود أفق سياسي وقبلها من اليأس من السلطة للدفاع عنهم على أقل تقدير ضد تغول المستوطنين وإرهابهم.

ولا نريد أن ننحرف في مقالنا هنا عن توصيف تفصلي للحالة التي وصلت إليها السلطة ولا العقود الثلاثة من أوسلو وأحلام العيش والتدجين بالتماهي  مع المحتل.

ووصف الحال عكيفا ألدار في مقال في هآرتس بعنوان -الفلسطينيون لديهم مقاتلون أيضاً-: “الواقع أصبح أكثر قسوة ودموية، فالتمسك بالاحتلال يجبر المحتل على تطوير أساليب السيطرة والرقابة على المجتمع المحتل، وخلق شعور بالاضطهاد والملاحقة وعمليات الإعدام بدون محاكمة (المعروفة أيضاً باسم اغتيالات)، والاعتقالات والتعذيب، والعقاب الجماعي، وتدمير المنازل وحواجز الطرق والحصار ونظام التصاريح وغير ذلك الكثير، ستجد من الصعب العثور على بيت فلسطيني لا يحمل أبناؤه ندوب الاحتلال في أجسادهم أو أرواحهم، وستجد أن “الكراهية لإسرائيل” والرغبة في الانتقام لديهم أقوى من الخوف واليأس”.

هذه الحالة موجودة في كل مكان في الضفة والقدس، وأيضاً غزة المحاصرة التي خاضت معاركها وجولاتها العشر لكسر هيبة شريط ساحلي ضيق محاصر براً وبحراً وجواً، ولازال يشكل ميزان رعب “لكيان العدو “إسرائيل”، ولا زالت بوصلة هذه البقعة الجغرافية التي سُميت بغزة هاشم هو تحرير القدس والوطن.

 جيل فلسطيني جديد

هذا ما ذكره الكاتب ايهود حمو في تحليله للقناة 12العبرية في وصفه لحالة العرين والمقاومة في الضفة الغربية، بأن مقاومو الضفة ينظرون إلى الضيف وأبو عبيدة والسنوار وباقي قادة المقاومة في غزة كقدوة، لهذا سعوا لأن يكون لديهم قدوات وقادة أبطال يخرجون كالعنقاء من بين ركام التدجين والاستسلام للذبح الذي وضعت السلطة فيه  الفلسطينيين خلال العقود الثلاثة الماضية.

وقال اليئور ليفي محلل القناة ال11العبرية بأن إبراهيم النابلسي في نظره يمثل شخصية متكاملة للجيل الفلسطيني الذي ولد في الانتفاضة الثانية، وهو جيل لم يقابل سوى جنود ومستوطنين طوال حياته، ولا يوجد له أي مستقبل في ظل السلطة الفلسطينية، وليس لديه ما يخسره وتوجه للقتال الاستشهادي وهذا الجيل فقط شهد الحواجز، وهو يمثل مشكلة للشاباك ولأبو مازن ولأجهزة أمن السلطة وهو يتحدى الجميع ويتحدى أبو مازن وهو جيل ليس له مستقبل ومحاصر داخل المدن والمخيمات.

كتب ميخائيل ميلشتاين في مقال لموقع القناة 12 العبرية “قبل دقائق من تقديره أن حياته تقترب من نهايتها، أرسل سلمان عمران، أحد قادة منظمة “عرين الأسود”، رسالة صوتية أشعلت الشبكات الفلسطينية، وفي الرسالة التي بعث بها من داخل منزل تحصن فيه قبل أسبوعين في قرية دير الحطب بالقرب من نابلس شجع عمران الشبان الفلسطينيين على اتباع طريق النضال، وأوضح أنهم يواجهون احتلالاً مزدوجاً من قبل “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية.

وأضاف ميلشتاين: “يبرز تحليل صور أو شكل نشطاء عرين الأسود عدة خطوط بارزة، فقد وُلِد معظمهم في حوالي عام 2000 (الجيل Z)، مما يعني أنهم يتذكرون الانتفاضة الثانية بطريقة محدودة نسبياً والراسخة في أذهان جيل آبائهم وتشكل عائقاً أمام الترويج لنضال آخر واسع النطاق ضد إسرائيل”.

“هؤلاء هم الشباب الذين كانوا قبل 7 سنوات في طليعة انتفاضة السكاكين والآن عندما كبروا فإنهم تطوروا، إنهم يحملون أسلحة نارية ويشكلون منظمات محلية على أساس المعرفة الشخصية”.

ظاهرة العرين

وصفهم جدعون لفي في صحيفة هآرتس: يعمل افراد “عرين الأسود” على حماية منازلهم ومخيماتهم ومدنهم عندما يغزوهم جيش أجنبي.

ووصفهم ميلشتاين في مقاله بأن عرين الأسود مجموعة نشطة في مدينة نابلس (خاصة في منطقة حي القصبة) لكن لها نظراء منظمين أقل حجماً وعلى نطاق أضيق مثل “كتيبة جنين وعش الدبابير، الذين يعملون في مخيم جنين للاجئين، وأضاف بأن عرين الأسود مفهوم جديد في كل من قاموس “المصطلحات الإسرائيلية” والفلسطينية، وقد اقتحم الوعي منذ أكثر من شهر بقليل، إنه تهديد أمني، ولكنه في الوقت نفسه أيضاً مقدمة لخطوات عميقة في النظام الفلسطيني، وقبل كل شيء هو التأثير المتزايد للجيل الفلسطيني الشاب الذي يتمتع بخصائص فريدة.

ومن السمات البارزة الأخرى لـعرين الأسود وأمثاله عدم الانتماء إلى أي تنظيم أو نشاط مؤسساتي، كما أن النشطاء يظهرون الازدراء للسلطة الفلسطينية، التي ينظر إليها على أنها تنفذ “التعليمات الإسرائيلية”، وهناك علاقة ضعيفة إلى حد ما مع عناصر ميدانية من فتح”.

في مقال لعاموس هرئيل في هآرتس أشار بأن ظاهرة العرين لا يمكن أن تختفي مهما فعلت “إسرائيل” من قتل واغتيال وقال: “نجح عرين الأسود في وصف أنفسهم بأنهم ظاهرة جديدة وشعبية، وعلى الرغم من العدد الصغير نسبياً لأعضاء المنظمة، فإن أي ادعاء سيتم سماعه بشأن تدميرها في المستقبل القريب لن يكون ذا مصداقية”.

“عرين الأسود هو فكرة، أكثر من مجرد هيكل تنظيمي، وبالتالي من الصعب إيقاف انتشارها”

وفي مقال للدكتور أفنير بارنيع عضو الشاباك السابق، والباحث في مركز أبحاث الأمن القومي للعدو في جامعة حيفا، قال: “يخشى جهاز الشاباك من الاعتراف بأنه لا يوجد الكثير مما يمكن فعله ضد العمليات المسلحة من قبل الأفراد أو ضد مجموعة مثل عرين الأسود وحتى إذا تم القيام بشيء ما، فستظهر مجموعات أخرى بعد مرور بعض الوقت”.

وأضاف: “واضح للجميع أن ما يحدث في الضفة الغربية هذه الأيام هو معارضة شعبية متنامية، وخلافاً للرأي العام، هذا ليس بالضرورة اتجاه جديد، لانتفاضة السكاكين في 2015-2016، والتي وجدت في البداية أن المؤسسة الأمنية والشاباك مندهشة وعاجزة، كانت أيضاً انتفاضة لجيل شاب توقف عن الإيمان بقيادته، والتي في رأيه لم تفعل ما هو مطلوب منها بالعمل على إنهاء الاحتلال”.

وأضاف: “تتطور العمليات الفردية، التي هي ظاهرة انتشار عفوية، منذ عدة سنوات، بعد استراحة معينة، عادت الآن مرة أخرى والسبب في ذلك هو أن الفلسطينيين يفهمون استراتيجية إسرائيل الأمنية جيداً، وهم يدركون تطور الظاهرة التي يتم من خلالها إنشاء جيوب فلسطينية منفصلة، والتي يمكن إغلاقها بسهولة بينما يتمتع المستوطنون من حولهم بحرية التنقل على الطرق الالتفافية، فأي شخص يعتقد أن الهجمات المتزايدة من قبل المستوطنين والتي بلغت حوالي 100 في الشهر الماضي وحده، وعدد كبير منهم كان الجيش الإسرائيلي يغض الطرف عنهم – ستمر بآذان الفلسطينيين ولا تخترق وعيهم ؟ فهو مخطئ”.

الضفة لا تهدأ

إن بركان الثورة في الضفة لم يهدأ برغم تغول المستوطنين وإرهابهم، حيث توجد أكثر من 60% من قوات العدو البرية واحتياطه في الضفة الغربية وعزل الفلسطينيين في حوالي 150 كونتون وسجن صغير في الضفة الغربة والتحكم في حياتهم عبر المنسق وضابط الشاباك وأجهزة استخبارات العدو.

وفي مقال للكاتب عكيفا إلدار في هآرتس قال “منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية سبتمبر قُتل في الضفة الغربية بنيران قوات الجيش الإسرائيلي ومستوطنين يهود أكثر من 110 فلسطينياً، من بينهم خمس سيدات و 21 طفلاً ومازال الحبل على الجرار مازال أمامنا ثلاثة أشهر لنكوي وعي الفلسطينيين وجعلهم يفهمون إما عليهم العيش مع الاحتلال أو الموت خلال مقاومتهم ضده هذا هو أكبر عدد من القتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عام 2015 (حينها قُتل 99 فلسطينياً خلال العام بأكمله)، للتوضيح بالتناسب مع حجم السكان فإن هذا الرقم يعادل 40 قتيلاً في الشهر، هذا بالإضافة إلى مئات الجرحى وآلاف المعتقلين، لدينا كلب وحدة اليمام الذي قتل في الخدمة حظى بتغطية أكثر من طفل فلسطيني يبلغ من العمر 12 عاماً قُتل على يد قواتنا”.

الضفة كانت ولازالت هي السباقة في إشعال فتيل الثورة

فاستشهاد أبطال العرين وقادته، سبقه استشهاد قادة من وزن العزيزي وإبراهيم النابلسي وغيرهم وتحولت دمائهم وقوداً لحالة ثورية – هي  في المقياس الفلسطيني طبيعة، وتكررت كثيراً- ولكن بالنسبة للعدو الخائف المرتجف والذي يبحث في قواميس التبريرات والتحليلات عن أسباب هذه الثورة والانتفاضة المباركة ملقيا خيبته مرة على  التطرف والإرهاب الاستيطاني من جهة ومن جهة أخرى يعلق فشلة على انعدام أفق سياسي وتراجع القبضة الأمنية وحالة الصراع الداخلي على وراثة عباس، ولكنهم غفلوا أو تغالوا عن الحافز الأهم وهو جينات المقاومة وعدم الرضوخ للذل والهوان والتي لا يمكن أن تنته أو تختفي.

ووصفها الدكتور مايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب: “نحن نتحدث هنا عن منطقة ذات تاريخ طويل من التمرد ضد جميع أنواع السيادة – من العهد العثماني مروراً بالانتداب البريطاني إلى الحكم الإسرائيلي – حيث لم تكن قبضة السلطة فيها قوية كما هي في أجزاء أخرى من الضفة الغربية”.

وفي مقال في يديعوت أحرنوت كتب المحلل العسكري رون بن يشاي: “في إسرائيل هناك خوف بدأ بالفعل، من أن الاضطرابات والاعتداءات القادمة من جماعة عرين الأسود في نابلس وأزقة مخيم جنين للاجئين ستكون بمثابة إلهام ومصدر تقليد في مناطق أخرى من الضفة الغربية والقدس”.

من الواضح تماماً أن التصعيد في الاحتجاجات الشعبية (إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف) الذي بدأ قبل ثمانية أشهر لن ينحسر – بل ويزيد – طالما أن بؤرتا الاضطرابات هذه نشطة.

يعتقد أفيف تاتارسكي عضو جمعية (عير عميم) والذي يتابع الأحداث في القدس منذ سنوات، أن الإضراب الذي تم الدعوة إليه في القدس بعد حصار شعفاط يعكس محاولة للانتقال من التظاهرات العنيفة وهجمات إطلاق النار إلى احتجاج شعبي أكثر اتساعاً، مما يوسع المشهد للأحداث من الضفة الغربية إلى القدس وهذا التوجه -من وجهة نظره- يشكل تحدياً مزدوجاً “لقوات الأمن الإسرائيلية”.

وثبت ذلك خلال المواجهات العنيفة غير المسبوقة في عناتا وشعفاط وسلواد وغيرها من مناطق القدس المحتلة إضافة لحالة الالتفاف الشعبي والتقليد والإلهام من عملية عدي التميمي كطعن مستوطن في التلة الفرنسية.

كيفية تعامل العدو مع العرين؟

قال الصحفي في صحيفة هآرتس يانيف كوبوفيتش: “تنقسم المنظومة الأمنية فيما يتعلق بمسار العمل الذي يتعين اتخاذه بالمنظمة، وقد أعربت عدة مصادر أمنية مؤخراً عن قلقها من تنفيذ عمليات اغتيال لنشطاء في الضفة الغربية لأنها – بحسبهم – قد تزيد من قوة التنظيم في الضفة الغربية وتزيد من الأسطورة حول النشطاء الذين سيُقتلون، ويتناقض هذا مع الادعاءات التي سمعت في الأشهر الأخيرة من بعض عناصر المعارضة الذين زعموا أن على “إسرائيل” تطبيق الاغتيالات الجوية باستخدام الطائرات المسيرة على غرار ما حدث في قطاع غزة.

ورغم افتراض بن يشاي في بأن اغتيال تامر الكيلاني أحد قادة العرين هو جزء من التكتيكات العملياتية الجديدة المستخدمة في أعقاب التوجيهات التي وافق عليها مجلس وزراء العدو، بهدف قمع موجة العمليات بحزم -حسب وصفه- مع القيام بذلك بطريقة تمنع انتفاضة عامة في الضفة الغربية.

ولكن في ظل ثلاثة قيود:

  • الأول: التقليل قدر الإمكان من عدد القتلى بين الفلسطينيين الذين لا يشكلون خطراً مباشراً على جنود الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود والتي تعمل في قلب التجمعات السكانية.
  • والثاني: السماح للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بتقوية واستعادة حكمها الذي ضعف بشكل كبير في العامين الماضيين.
  • الثالث: عدم الدخول في عملية واسعة النطاق في جميع مناطق الضفة الغربية، حتى لا يتم معاقبة السكان العاديين، وحتى لا تجرى الانتخابات في “إسرائيل” في خضم صراع عسكري مع العديد من الضحايا والمشاعر الملتهبة.

إلا أن اغتيال وديع الحوح ورفاقه ضمن عملية قادها رئيس أركان جيش العدو كوخافي والشاباك رونين برار من مقر القيادة والسيطرة في الشاباك ودون اتخاذ الترتيب الميداني والإدارة من قبل قائد اللواء أو حتى قائد فرقة الضفة إضافة لما نشرته قناة كان العبرية، حول مشاركة ولأول مرة قناصة من سيرت همتكال في عملية اقتحام نابلس مع قرار مسبق من المستوى السياسي للعدو باغتيال قادة عرين الأسود وليس بالاكتفاء باعتقالهم ليدل عل مدى المعضلة التي يعيشها العدو والتي يمكن تفصيلها على عدة نقاط:

إن العدو يعتبر نفسه مهزوماً أمام معركة الوعي: والتي فاجأت قادته لهذا أطلق على مجموعات العرين مجموعات التيكتوك

وهذا ما قاله الصحفي عاموس هرئيل في وصف ظاهرة العرين، وأضاف: “التنظيم الجديد الذي يتسم هيكله الهرمي بأنه فضفاض ولا يرتبط بأي منظمة قديمة – على الرغم من أن عناصره يتلقون دعماً مالياً من جميع الفصائل الفلسطينية – نجحوا في إثارة خيال جيل الشباب في الضفة الغربية في نابلس لديها عشرات الأعضاء ومئات من المؤيدين، وتثير منشوراتها على الشبكات الاجتماعية الكثير من الاهتمام والتعاطف من حولها”.

 وقال بن يشاي: “كل فلسطيني يُقتل – سواء كان مسلحاً أو وقع ضحية تبادل لإطلاق النار عرضياً – يخلق أسطورة شهيداً بطولياً، تشعله مواقع التواصل الاجتماعي وتوزعه على مئات من الأشخاص ومشاركة الآلاف من الشباب الغاضب، وتصبح جنازته حدثاً جماهيرياً يصبح، جنباً إلى جنب مع الصراخ على الشبكات، دافعاً قوياً يقود إلى تنفيذ هجمات التقليد والإلهام التي تمنح مرتكبيها الاعتراف والشهرة كما أن التحريض والحوافز المالية التي تقدمها حماس والجهاد الإسلامي في غزة تغذي النار”.

استرضاء اليمين المتطرف بالدم الفلسطيني

وصل عدد الشهداء منذ بداية العام 180 شهيداً، منهم 51 شهيد جراء عدوان العدو على غزة في أغسطس، إضافة للسماح لهم بتجاوز كل لخطوط والمحاذير في الأقصى والذي شهد أكبر موجة اقتحامات منذ احتلال القدس في 1967 وإقامة طقوس تلمودية وذبح قرابين وإدخال قرابين نباتية والتلويح بالأعلام ونفخ الأبواق وغيرها.

وهذ المغامرة والتي يقدم عليها غانتس ولبيد رغم نفي الأول في لقاء قناة كان بأن اغتيال قادة عرين الأسود في نابلس كان قراراً سياسياً بل كان قراراً أمنياً بالدرجة الأولى في ظل حالة عدم اليقين والاستقرار في مقاعد لبيد وغانتس في استطلاعات الرأي مع قطع الطريق من قبل غانتس على عدم الانضمام إلى أي حكومة سيشكلها نتنياهو مع بن غفير وسموترتيش.

البحث عن الإنجازات في ظل حالة التقريع

هناك اتهام شديد ضد المستوى العسكري والشاباك من قبل القيادة السياسية و”الجمهور الإسرائيلي” من قبل المعارضة اليمنية بالانهزامية واليسارية، وهذا الذي وصفه د. افنير بارنيع في يدعوت أحرنوت:” بالاستجابة الشعبوية من قبل الشاباك بمحاصرة نابلس وأغلاق مداخلها والذي جاء رضوخاً لمطالب المستوطنين بدلاً من التصرف بعقلانية والذي كانت نتيجته على الأرجح عكس ما هو مرغوب فيه، مع زيادة حجم الكراهية لإسرائيل وزيادة التأييد والانضمام إلى عرين الأسود”.

الخلافات بين قادة أجهزة العدو

هناك خلافات في مستويات العدو السياسية والعسكرية والأمنية في التعاطي مع الحالة النضالية في الضفة والقدس والتي تركزت جلها على الحلول العسكرية والأمنية من قتل واعتقال وهدم منازل، ويد ثقيلة ضد الفلسطينيين والضغط على السلطة وأجهزتها ليكون لها دور قمعي كالمعتاد ولم يتعامل العدو ولو للحظة مع أسباب المشكلة، فأكثر من 100 حالة من إرهاب المستوطنين خلال 10 أيام فقط في الضفة الغربية أغلبها في حوارة في نابلس والتي وصفها الصحفي يوفال أفراهام بهجمات تطهير عرقي جماعية نفذها المستوطنون وبحماية “جنود إسرائيليين” وبمعرفة تفصيلية من قيادة المنطقة الوسطى في الجيش والمجبرة على حماية المستوطنين خلال اعتداءاه على الفلسطينيين.

حالة الابتزاز

إن حالة الابتزاز الذي يخضع لها لبيد وغانتس وجميع أحزاب العدو ومفاصل كيانه لثلة من المستوطنين المتطرفين وهذا الذي أكده يانيف كوبوفيتش، وبحسب مسؤولين عسكريين في القيادة الوسطى، على خلفية الانتخابات يدير قادة المستوطنين حملة انتخابية تهدف إلى خلق شعور بأن الجيش يفقد السيطرة إضافة لمحاولة جر “الجيش الإسرائيلي” والوضع الأمني في الضفة الغربية لصالح الحملات الحزبية وهذا واضح على الأرض.

ماذا بعد؟

في الآونة الأخيرة انجرف الشاباك وراء النظام العسكري وفقد نفوذه المعتدل والمهني، بسبب الانتقادات العلنية القاسية التي وجهت إليه منذ موجة الهجمات في مارس وأبريل، ويخشى جهاز الشاباك من الاعتراف بأنه لا يوجد الكثير مما يمكن فعله ضد العمليات المسلحة.

وعندما لا يكونون مستعدين للاعتراف، فإنهم يتخذون خطوات غير حكيمة، وإليكم مثال: هرب عدي التميمي الذي قتل الرقيب “نوعا لازار” عند حاجز شعفاط ولم يتم القبض عليه، ونتيجة لذلك تم فرض حظر تجول لعدة أيام على مخيم شعفاط حيث يعيش حوالي 100 ألف فلسطيني، بعد حوالي عشرة أيام هاجم التميمي مرة أخرى في معاليه أدوميم، هل وقف أحد واعترف بأن إغلاق المخيم كان خطأ؟

عندما يتكشف سيناريو أمام أعيننا يتم فيه تسخين المنطقة لإعطاء سبب عام لعملية “السور الواقي 2″؟ ستعمق هذه الاتجاهات ويأس الفلسطينيين أكثر، إنهم لا يرون قيادتهم تتصرف بفاعلية في هذا الأمر، ولا أمل لديهم في أبو مازن ومؤسساته، كما أنهم يدركون أن السلطة تبدو كجسم في طور التفكك، من كل هذا يتعلمون أن الأمور ستكون أسوأ، في مثل هذا المستوى من اليأس، فإن الإجراءات المضادة “للجيش الإسرائيلي” لا تُضعف حقاً الإرادة الفلسطينية للثورة.

قال الدكتور مايكل ميلشتاين، “على الأقل في الوقت الحاضر لا يبدو أن التحركات الاقتصادية واسعة النطاق أو فتح أفق سياسي سيساعد في تقوية السلطة الفلسطينية التي تعاني من صورة سلبية لا تتعلق بإسرائيل فحسب، بل تنبع من ظاهرة الفساد والمحسوبية والانحلال التنظيمي وغياب الديمقراطية”.

وأضاف: “يجب ألا نستمر في افتراض أن النماذج القديمة لإدارة الصراع والسلام الاقتصادي بروح الوقت يلعب لصالحنا، أو سيسمح للواقع الحالي بالاستمرار لفترة طويلة، فتقدم أحداث الأشهر القليلة الماضية إشارات تحذيرية سواء فيما يتعلق بتعاظم التهديدات الأمنية.

وقال عكيفا الدار: “خلال سنوات الركود السياسي، تعمق مفهوم الوضع الراهن “لا شريك” أكثر وأكثر، ويتم إنشاء لغة جديدة ويسيطر أصحاب المصلحة الجدد على موارد المحتل، وتتطور دبلوماسية جديدة لتبرير محاربة مقاومة الاحتلال أمام المجتمع الدولي، ومن أجل الحفاظ على الاحتلال تتبلور ثقافة سياسية جديدة يتسع فيها الخلاف بين أنصار الاحتلال وخصومه ويتحول إلى جرائم كراهية.

كما أن القادة الذين المتمسكون بسياسة إدارة الاحتلال يتجاهلون حقيقة أنه في القرن الحادي والعشرين لا يوجد شعب مستعد لقبول حكم العيش تحت الاحتلال العسكري وتعتبر مقاومة الاحتلال في العصر الحديث أمراً شرعياً، وبالتالي كلها انتهت تقريباً.

المصدر/ شبكة الهدهد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى