عمال غزة في مواجهة استخبارات الاحتلال.. حملة لتحصينهم من ابتزاز العمل والعلاج مقابل العمالة
0 307 3 دقائق
المجد – متابعة
“ساومني ضابط المخابرات بالعمل لصالحه في مقابل السماح لي بالعلاج”، هذا ما حدث مع محمد قبل نحو 4 أعوام عندما توجه إلى معبر بيت حانون (إيرز) بغرض الوصول إلى مستشفى المقاصد في مدينة القدس المحتلة.
في ذلك الوقت حصل محمد (34 عاما) -ويُكنى “أبو يزن”- على تصريح إسرائيلي بعد 3 مرات رفضت فيها سلطات الاحتلال منحه التصريح الذي يخوله المرور عبر إيرز من أجل تلقي علاج غير متوفر في مستشفيات غزة.
رفض محمد الخضوع لابتزاز ضابط المخابرات الإسرائيلي ومساومته له بالتخابر في مقابل العلاج، وعاد إلى غزة بعد سحب التصريح منه، ويقول للجزيرة نت “ما زلت أعاني من آلام شديدة في ذراعي وأعيش على المسكنات”.
الفلسطينيون يتعرضون للابتزاز مقابل إعطائهم تصريحا إسرائيلياً عند معبر إيرز
وتناوب ضابطا مخابرات على الحديث مع أبو يزن ومحاولة إغرائه بالحماية والكثير من الامتيازات، وعندما تمسك بموقفه الرافض صرخ أحدهما في وجهه “روّح (غادِر) وستموت في غزة”. وقال أبو يزن “العلاج مهم، والحياة غالية، ولكن الكرامة والوطن أغلى وأهم”.
وشاطر سعيد -وهو صديق أبو يزن، وكان يجالسه على شاطئ البحر- الرأي، وقال “لست مستعدا لخوض مثل هذه التجربة”، مضيفا أنه لم يتقدم للحصول على تصريح عمل في إسرائيل رغم أن الشروط كافة تنطبق عليه.
ويعتبر معبر إيرز ممرا إجباريا للوصول إلى إسرائيل ومناطق الضفة الغربية، ويتطلب المرور عبره -سواء للعلاج أو للعمل والتجارة- الحصول على تصريح إسرائيلي.
وتصف تقارير حقوقية فلسطينية هذا المعبر بأنه “مصيدة” تستخدمه سلطات الاحتلال لمساومة الفلسطيني على ألمه وحاجته للعمل أو العلاج، وأحيانا للاستدراج والاعتقال.
لجنة أمنية ودعوية
وتنشط في قطاع غزة حالياً فعاليات توعوية تحذر من مخاطر أساليب الاحتلال في الابتزاز والمساومة، واستغلال حاجة الفلسطينيين لهذه التصاريح.
وتشرف لجنة مؤلفة من وزارتي الداخلية والأمن الوطني، والأوقاف والشؤون الدينية في غزة على هذه الفعاليات، بالتزامن مع إشراف وزارة العمل على تسجيل الراغبين في الحصول على تصاريح للعمل في إسرائيل.
وقال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الدكتور عبد الهادي الآغا “للجزيرة نت” إن هذه اللجنة تنفذ خططاً وبرامج من أجل توعية المواطنين الفلسطينيين، خصوصاً شريحة العمال، وبما يضمن لهم الحصانة من الأساليب المخابراتية للاحتلال للإيقاع بهم في “وحل التخابر والجاسوسية”.
ويوم الجمعة الماضي، عممت الوزارة “خطبة موحدة” على جميع مساجد قطاع غزة خصصت للحديث عن مخاطر التخابر مع الاحتلال، وتبيان الحكم الشرعي في المتخابر مع العدو.
وأضاف أن “حُرمة” التخابر مع العدو متحققة ومتفق عليها بين جمهور العلماء والفقهاء، وذهب البعض إلى وجوب القصاص من المتخابر بقتله في كل الأحوال.
وحث الآغا العمال وكل من تدفعه الحاجة للتصريح للمرور عبر إيرز على التحلي بـ”العزة والكرامة”، وعدم الخضوع للابتزاز مهما كانت الأساليب والمغريات، وقال “نحن لا نقتات بديننا ووطننا”.
تنشط لجنة أمنية في غزة لتوعية الفلسطينيين مما قد يتعرضون له من ابتزاز ومساومة واستغلال حاجة الفلسطيني للعمل أو السفر.
صراع أدمغة
بدوره، قال الدكتور إبراهيم حبيب الخبير الأمني والمحاضر في “كلية الرباط الجامعية” التابعة لوزارة الداخلية في غزة للجزيرة نت إن أساليب الضغط والابتزاز كثيرة، ولكنها لا تجدي نفعا مع ذوي الإرادة الصلبة.
وأوضح حبيب أن ضباط مخابرات الاحتلال يدرسون “نقاط الضعف” لدى الشخص المستهدف -سواء كان عاملاً أو مريضاً أو تاجراً- ويجعلون منها مدخلا للمساومة، وفي مقابل ذلك تقوم الأجهزة الأمنية في غزة وفي إطار “صراع الأدمغة” بحملات توعية وتعريف بأساليب المخابرات وكشفها للفلسطيني لمساعدته على الصمود والمقاومة.
ولضابط المخابرات -بحسب حبيب- سقف للمحاولة واستخدام أساليب الترغيب والترهيب، وفي حال وجد من أمامه “صلبا” فإنه يتراجع ويبحث عن هدف آخر.
ويحذر حبيب “البعض” ممن يعتقدون أن بإمكانهم خداع ضابط المخابرات لدى الاحتلال بمسايرته وإبداء موافقة زائفة على التخابر، وقال “مجرد الموافقة على التعاطي مع ضابط المخابرات هو خطوة أولى للولوغ في وحل العمالة والتخابر”.
وقدّم النصح للعمال وكل العابرين عبر إيرز ممن يتعرضون للابتزاز والمساومة للتخابر مع الاحتلال بالمسارعة وعدم التردد في إبلاغ الأجهزة الأمنية الموجودة على الجانب الفلسطيني من المعبر لعمل اللازم، وطمأنهم على مصالحهم وسرية المعلومات.
وقال إن “الأجهزة الأمنية تتعامل مع هذه الحالات بكثير من المهنية، وتقدم النصح والإرشاد لصاحب البلاغ، وتراعي مصالحه وحاجته، وليس بالضرورة أن تصدر قرارا بالمنع من السفر”.
وفي شأن شريحة العمال، قال الخبير الأمني إن الأجهزة الأمنية “ليست بحاجة إلى عمال مرتبطين بالمقاومة”، ولا تمانع حصول العمال على تصاريح للعمل، وتشجعهم على البحث عن مصادر رزق تخرجهم من حال الضيق والفقر في ظل تدهور الواقع المعيشي وارتفاع معدلات البطالة في غزة.