في قبضة المقاومة وما خفي أعظم
(مدونة المجد)
ما شاهدناه في قبضة المقاومة يبعث علي الفخر بمقاومة غزة المحاصرة ورجالها فهم من نجح في هذا التحدي نجاحا تجاوز كل معايير صراع القوى، أحداث ووقائع يكشف عنها القسام تستنزف روح (إسرائيل) وأعصابها وثقتها في ذاتها.
? يعد الظهور الإعلامي الأول لنائب قائد أركان المــقاومة مــروان عيسى في برنامج “ما خفي أعظم” الذي يقدمه تامر المسحال على قناة الجزيرة مساء الأحد للحديث حول كواليس صفقة وفاء الأحرار التي أُنجزت في 2011، تأكيد على أهمية تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي لدى حـــماس، التي سعت منذ انطلاقتها عام 1987، وإلى يومنا هذا على العهد مع شعبها وأسراها بتبييض السجون بما لديها من جنود في غياهب وحدة الظل القــسامية.
? سبق لصحيفة “معاريف” العبرية قالت “على الشعب الفلسطيني أن ينحني لرجليْن أو ثلاثة دوّخوا المخابرات “الإسرائيلية” والعالمية التي سعت لمعرفة مكان شاليط بكل الوسائل لكنها عجزت عن ذلك”، في إشارة قوية لقائد كتائب القسام الشهيد أحمد الجعبري الذى رافق شاليط عند تسليمه للجانب المصري، والقائد مروان عيسى “الشبح” الذي يعتبره الاحتلال محرك ومرجعية العمل العسكري في حماس فضلاً عمّا يحوزه من قدرات على المناورة، ووفقاً لوصف أحد الضباط الإسرائيليين، فإن لديه قدرة «على لحام البلاستيك بالمعدن» (دلالة على صنع المستحيل).
? حديث القائد البطل مروان عيسى في برنامج “ما خفي أعظم” يؤكد أن حركة حماس والمقاومة قادرة بصُمودها، وقِتالها الشّرس، ونفسها الطّويل، سواءً في ميادين المُواجهة العسكرية، أو على مائدة المُفاوضات الغير مباشرة على إخضاع “إسرائيل” للقبول بشروط المقاومة، ويرسخ مبدأ تعامل المقاومة مع الاحتلال فبالقوة نقاوم ونفاوض الاحتلال “الإسرائيلي”، وحينها نقاوم ونفاوض من موقع القوة، لأن المحتلين عبر التاريخ كله لم يُسَلموا للشعوب بالحق في الحرية أو الاستقلال دون مقاومة.
? إن عملية أسر شاليط كانت معركة عسكرية أمنية وعملاً فدائياً متواصلاً، فلم تنته عملية الوهم المتبدد، عند أسر الجندي شاليط ،بل استمرت المعركة مفتوحة في جولات التفاوض ، بل كانت أشرس في ميدانها الأمني والاستخباري، حيث الاحتفاظ بالجندي شاليط في قطاع محاصر ، ومحاط بالدبابات ومغطاة سماؤه بطائرات التجسس الصهيونية، ولم تفلح مخابرات العدو بالحصول على معلومة واحدة عن شاليط ومكان تواجده ، وقد استطاعت المقاومة قيادة وإدارة تلك العملية المعقدة في كل تفاصيلها بتحقيق انجاز وطني كبير ، كسر إرادة الجلاد الصهيوني التي هدفت إلى تركيع شعبنا عبر سياسية الاعتقال والمؤبدات الصهيونية.
? إشارات القائد مروان عيسى لصفقة وفاء الاحرار الأولى، تنطوي على دلالات عدّة ذات صلة وثيقة بمغزاها الجوهريّ، فهي كرست واقعا سيتحكّم في عمليّات التّفاوض لإنجاز صفقة وفاء الاحرار الثانية، لأنّها كسرة سياسة “إسرائيل” باستحالة الإفراج عن معتقلين “أيديهم ملطّخة بدماء الإسرائيليّين”، في سابقة تفاوضية فريدة، وبقواعد تفاوضية جديدة في ظل واقع أمني وعسكري وسياسي معقد لا تنطبق عليه النظريات السياسية وموازين القوة في أي معركة .
? بالرغم من أن الاحتلال استخدم مع المقاومة كل قدراته العسكرية والاستخباراتية والمفاوضات والوساطات والقنوات السرية والعلنية، ووسائل وأساليب الضغط والترهيب، ووظف كل خبراته التفاوضية وتجاربه السابقة في صفقات التبادل مع جهات عربية وفلسطينية، وجندت علاقاتها الدولية والدبلوماسية، فلم ينجح بكسر إرادة وعزيمة المقاومة التي استخدمت سلاح النفس الطويل، وأصرت على تحقيق الأهداف التي رسمتها قيادة المقاومة إلى أن تم الإفراج عن الجندي “الإسرائيلي” الأسير جلعاد شاليط بشروط المقاومة.
? المقطع الصوتي لأحد جنود الاحتلال “الإسرائيلي” لدى القسام والذي يتحدث فيه الجندي بوجوده في الاسر لدى القسام ويطالب بالعمل على استعادته، لها ما بعدها وستكون سببًا في إثارة الرأي العام الإسرائيلي -خاصة ذوي الجنود المأسورين في غزة- ضد الحكومة سواء الحالية أو الجديدة.
? المقاومة اكتسبت خبرة في التعامل مع الاحتلال في قضية تبادل الأسرى وهي تعلم أن البعد النفسي عامل مهم في تحريك العملية، إضافة لتحريك الرأي العام داخل المجتمع الإسرائيلي والمقطع الصوتي لأحد الجنود يمثل صفعة قوية على وجه نتنياهو الذي يعمل على تضليل الشارع “الإسرائيلي” عندما يصر أن الجنديين قتلا وهو يريد إعادة جثمانيهما إلى ذويهم وهو يجهل مصيرهم ولا توجد لديه معلومات حقيقية عن حقيقة أسرهم ، وهل هم أحياء أو أموات ؟ الكشف في هذا الظرف والسياق بعد معركة “سيف القدس” يعطي زخماً جديداً ويبرز جانباً مهماً من فلسفة المقاومة وقدرتها على اتخاذ القرار الشجاع والمضي في تحمل تبعاته وتحقيق أهدافه حتى النهاية.
? إن المقاومة الفلسطينية باتت تمتلك أدوات تفاوض جديدة غير تلك الأدوات التي ينتهجها المفاوض الفلسطيني، أدوات تستثمر كل أوراق القوة التي يمتلكها شعبنا العظيم، مما جعلها في وضعية مريحة، و أنها هي صاحبة القوة القتالية المؤثرة ، وأن أي صفقات وحلول ستفرض على شعبنا لا يمكن أن تتحقق ما بقي المفاوض الفلسطيني مقاوما يتمسك بسلاحه وبإرادة شعبه، فالمقاومة لا ترضى بالقشور.
? اليوم يشعر الشعب الفلسطيني في كل مكان بالفخر والاعتزاز بالمقاومة وهو يرى إنجازاتها تتحقق في كل ميادين المواجهة مقاومة دفعت دماء قادتها وأبنائها الأبطال من أجل ان يخرج الأسرى رغم أنف الاحتلال وبإرادة فلسطينية مقاومة فلم يعد قفل الزنزانة بيد الصهيوني وحدة وسيأتي اليوم واللحظة التي يسقط هذا القفل من اليد الصهيونية فلم تعد تتحكم به ليقول المقاوم كلمته ويخرج أسرانا بالهمات الشامخة والجباه الشماء.
✍️ بقلم : رامي أبو زبيدة