مدونة المجد
نحو وعي أمني يقينا مصارع السوء(1-2)
(مدونة المجد الأمني)
يخطئ البعض لو ظن لحظة واحدة أن المواجهة مع الاحتلال فقط تتم بالبارود والنار، والحقيقة أن المعركة مع الاحتلال تكون عبر كل الجبهات تبدأ بالمعلومة وتنتهي بالمواجهة العسكرية ، فالمواجهة العسكرية التي لا تعتمد على المعلومة تكون نوع من الخبط العشوائي ولا تحقق أهدافها، لذا لا تستهين بالمعلومة والتفريط بها مهما قل شأنها فهي قد تكون البداية التي يبني عليها الاحتلال سياسته ويحدد بنك أهدافه خاصة أن الاحتلال بات يفتقر لهذه المعلومة وخاصة في قطاع غزة وهو يحاول بكل ما لديه من أدوات وتقنيات وأساليب الخداع والمكر الحصول عليها لذلك نجد الاحتلال يستخدم كل أساليب الخداع ويبدع عبر المتخصصين في أساليب جديدة قد لا تكون معروفة لكثير من الناس والهدف هو الحصول على المعلومات وترتيبها والاستفادة منها في تكوين بنك الأهداف الذي يعده في أي عدوان على قطاع غزة .
وفي الفترة الأخيرة ونتيجة فقر الاحتلال للمعلومات نتيجة عمل المقاومة الجبار في ملاحقة ومتابعة أدوات الاحتلال في جمع المعلومات والقبض على عملاء مخضرمين جعل الاحتلال يتخبط ويبذل جهداً كبيراً في الوصول إلى المعلومة من خلال أساليب متنوعة تحتاج منا أن نكون أكثر وعياً في كشف خبائث المحتل والابتعاد عنها وعدم التعاطي معها كونها تضر بنا كمجتمع مقاوم يحتاج إلى أن يكون لدينا اطلاع وكشف ما يسعى إليه الاحتلال.
ولعل من الأساليب التي لجأ إليها الاحتلال في الفترة الأخيرة التواصل مع الجمهور وخاصة من النساء عبر التواصل بالجوال والادعاء أنه جمعية إغاثية تقدم معونات سواء طبية أو إغاثية ويتواصل مع بعض النساء ممن لديه بعض الموضوعات عن احتياجات طبية لمريض يعاني من نقص أو العائلة تعاني من ضيق اقتصادي ، فتتواصل العاملة في جهات المخابرات الصهيونية وهو غالباً من النساء من اللواتي يُجدنَ التحدث بالعربية وتبدأ بجمع المعلومات بدايةً حتى يوجد علاقة ثقة مع الطرف الآخر يقدم نفسه على أنه جهة إغاثية عبر مسميات معروفة كجمعيات تقدم خدمات وبعد السؤال عن الحالة يبدأ بالأسئلة الأمنية في السؤال عن الجيران عن اليمين وعن الشمال وأين يعملون وما علاقتكم بهم سواء كانوا أقارب أو جيران عاديين ، هذه المتصلة من جهة مخابرات الاحتلال هي تعلم بمن تتصل وتعلم قربها من المستهدف من الاتصال ، ومن خلال تزويد المتصلة بالمعلومات التي يظن من يدلي بها بأنها معرفة أو أنها معلومات عادية ولكن هي ليست كذلك ، هي معلومات ذات قيمة عالية جداً بالنسبة للمتصل ، وأحيانا يتصل على جوال لقريب للشخصية المستهدفة أو تكون جارة له ويدعي عدم القدرة على الوصول له وأن لديه على سبيل المثال طفل مريض وأنهم الجهة التي تريد توصيل حاجة للطفل المريض وتبدأ بالسؤال أين يسكن؟ ومتى يعود؟ وما هو رقم جواله؟ وماذا يعمل؟ وكثير هي الأسئلة التي تجد إجابات كافية وبشكل عفوي ظانين أن هذه المعلومات يمكن أن تنقذ هذا المريض وبها تستفيد جهة المخابرات من جمع المعلومات عن المستهدفين
ونقول باختصار شديد أننا لدينا من الذكاء ما يحول بيننا وبين المخابرات في تزويد المعلومات وهو أننا قد نخدع بالجهة المتصلة وهذا أمر لا غرابة به والأسئلة المتعلقة بالحالة سهل معرفتها وبعد ذلك من السهل كشف أسئلة جمع المعلومات حول شخص ما لا علاقة له بالحالة وعندها على المتصل بهم أن يدركوا ذلك وأن يتوقفوا عن الرد والاكتفاء بالقول لا اعرف حتى دون أن نقول له هذا الأمر غير متعلق بالموضوع أو غير ذلك والاكتفاء بما قدم من معلومات تتعلق بالحالة كونها معروفة وليست أسرار وعندها يمكن الاعتذار بأي عذر كالباب يدق أو الطعام على النار أو غير ذلك والأعذار المقبولة على الجميع ، هذا لا يعني أن كل المتصلين قد يكونوا نساء بل هناك رجال يقومون بالمهمة والهدف واحد هو جمع المعلومات كون المحتل بحاجة إلى أي معلومة.
ما تحدثنا به لا يعني أن المرأة الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة ضعيفة يسهل اختراقها ولكن لكون المرأة أكثر عرضة للسؤال من قبل الجمعيات والمؤسسات وهذا لا يعني أن نشكك بالجمعيات والمؤسسات ولكن الاحتلال يستخدم كل التقنيات لاختراق من يستهدفه ولكن علينا أن نعي حقيقة مهمة، أن الجوال أو التلفون ليس وسيلة لجمع المعلومات المتعلقة بالحالات الإنسانية في تكنولوجيا المعلومات وسهولة الاختراق وأي معلومة يجب أن تُقدم بشكل مباشر ومن خلالها تكون الجهة معلومة والجهة لا تريد طرح أسئلة والحصول على إجابات لا تتعلق بالبحث الاجتماعي.
ثم إن المرأة الفلسطينية لا تقل وطنية ووعي عن أي فئة من فئات الشعب الفلسطيني بل أحياناً تفوق في وعيها و وطنيتها ، فهي كاتمة سر نجلها وهي من تجهزه وتعده وتدفع فيه روح المقاومة والجهاد.
وهنا يجب أن نلفت الانتباه إلى أن الاحتلال يستهدف كثير من الفئات سواء بالاتصال أو بالتواري خلف مراكز أبحاث ودراسات ويتواصل مع الصحفيين وبعض النُخب أو من خلال من يسمح لهم من التجار وبعض الفصائل خلال تنقلهما إلى الضفة أو داخل فلسطين المحتلة ولذلك علينا الحذر من أن نفرط بالحديث وتقديم معلومات وأن يكون لدينا يقين أن هذا عدو ويبحث عن ما يخدمه ويقدم المعلومة له حتى دون قصد ، ولذلك على الجميع الحرص بالتفكير في السؤال عشرة مرات والتفكير بالرد مائة مرة حتى لا نقع في ما لا تحمد عقباه ويجد البعض نفسه عمِل عمَل العملاء .
نعم لدينا حس أمني ووعي كبير ولكن الاحتياط مسألة مهمة وعلينا أن نكون منتبهين لمثل هذه الأساليب الخبيثة التي يلجأ إليها الاحتلال فالتجربة علمتنا الكثير منها وليس صعباً علينا كشفها والتعامل معها بما يحقق أمننا ويصون جبهتنا الداخلية ويحميها من الاختراق.
الكاتب/ أ. مصطفى الصوّاف
المجد .. نحو وعي أمني