(مدونة المجد)
التكادم الداخلي الصهيوني يتصاعد بوتيرة عالية، وتدحرج متسارعة لكرة الثلج الكبيرة، بما لم يسبق من قبلُ، وعوامل التفجير ومحفزاته تقترب من ابتلاع وتعطيل الكبح المانعة، بل ذاتها عمليات الكبح أصبحت أداة بيد فريق يستقوي بها على الطرف الآخر من المعادلة، وقارب النجاة (القضاء) يوشك أن يُقلب رأسه على عقب، ويبيت معطلاً بلا فاعلية.
لن يقترب المحللون إلا قليلاً منهم، من الحديث عن الاحتراب الداخلي، ليس لأن دواعيه غير موجودة، وأن كوابحه غير متداعية، ولكن لأنه غير ذي سابقة في الكيان، لهذا يجفل المحللون والقارئون من ذلكم التقدير الواضح.
إخواني وأخواتي، الكيان ليس له عمق وجودي حقيقي فهو بلا تاريخ مثل الأمم، وما يدعيه من تاريخ غابر ينسب نفسه إليه، فقد شهد هذا التاريخ المزعوم النسب لهم بانشقاق كبير وانفصال بين كيانين، مملكة إسرائيل الوثنية (المعادية للتوراة) في الشمال التي عاصمتها نابلس (شكيم)، ومملكة يهوذا في الجنوب وعاصمتها (أورشليم) والتي تغلب عليها القوى الدينية.
فهذا التاريخ الذي ينتسبون له أكد أنهم مختلفون إلى حد التناقض (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتا)، وأن لا عمق يستندون إليه، أو يحفظ بقاء كيان لهم، غير حبل من الله أو حبل من الناس.
لذلك؛ هم دوما يرتقبون الفناء أو الإفناء، ويستشعرون الأخطار حولهم مهددات وجود.
سؤال، لو أوشك وقوع الاحتراب الداخلي، ولم يكن بدًا غير تحفيز التهديد الخارجي، والذي يعد أهم مرتكزات الوجود (المظلومية والاضطهاد)، هل سيذهبون في جولة تصعيد يبتدئونها أم سيتركون عوامل الاحتراب تذهب بهم إلى الانهيار الذاتي؟
وهنا لا أتحدث عن جبهة معينة يبتدئون بها غدرهم، سواء من غزة (الحد الأدنى) أم من لبنان (الحد المتوسط) أم إيران (الحد الأعلى).
لكن، إذا تأكد من المستوى الأمني والعسكري أن حرباً مع غزة ستفتح الجبهات، فإنها لن تعطي ورقة نصرة إيران وحزب الله لـغزة، وهي ورقة جماهير الأمة، فإنهم عندئذ سيبدأون بالحد الأعلى أو المتوسط أو كلاهما، ليترك لغزة قرار الدخول من عدمه، فتكون بين خياري الدخول في حرب لا تستهدفها مباشرة، أو عدم الدخول في معركة نتائجها حتماً مصيرية لها.
فإن دخلت ستتهم من أبواق الإعلام الأجير بأنها تقاتل في معركة ليست لها، وإن لم تقاتل فهي مستهدفة حتمياً.
لهذا، يبقى التصعيد مُدّخلاً لا يجد العدو بداً إلا الولوج إليه، وشراً لا بد منه درءاً من الاحتراب الداخلي الذي يشكل تهديد وجودي كبير.
أما الجبهة التي سيبدأ بها العدو، ففي تقديري أنها إيران هي المرشحة لهذا الاستهداف، لضمان تأييد عربي رسمي من دول حلف أبراهام، وسحب ورقة الأمة فيما لو بدأت من غزة، واستجابت لها إيران عبر أي من أذرعها في المنطقة، أو هي بشكل مباشر، وهذا مستبعد إن لم يكن لها الاستهداف مباشرة.
في ضوء هذه القراءة، أنصح بتوخي الحذر الشديد والاستعداد الدائم، وكثيراً ما يكون اقتحام العقبة أفضل من انتظارها، فالانتظار سلبي، والاقتحام إيجابي.