(مدونة المجد)
لا يشك أحد بأن ما بعد عملية إلعاد ليس كما قبلها، ويرجع ذلك إلى عدة اعتبارات سبقت وتخللت وأتت بعد هذه العملية، فهذه العملية سبقتها اعتداءات واستفزازات من تمت كلها تحت رعاية وتدخل حكومة بينت في المسجد الأقصى، استدعت هبة فلسطينية دعمتها قيادة المقاومة وخاصة في غزة وقيادات حماس في الخارج، حيث صدر تحذير واضح للاحتلال من عواقب استمرار “الاعتداءات الإسرائيلية” على المسجد الأقصى، وفعلاً لم يعر الاحتلال أي اهتمام لمشاعر الفلسطينيين، واقتحموا الأقصى بشكل استفزازي ومثير لمشاعر الفلسطينيين.
وفعلاً وقع ما كان متوقع، وقعت عملية إلعاد التي قتل فيها 3 مستوطنين إضافة إلى إصابات عدد منها في حالة حرجة، هذه العملية بهذا الشكل الذي نفذت فيه والمكان التي وقعت فيه هزت “المستوى السياسي الإسرائيلي”، وأربكت المنظومة الأمنية، المستنفرة إلى الذروة، لكنها لم تمنع وقوع هذه العملية، وأشعلت هذه العملية جدلاً داخلياً في الكيان حول من هو المسؤول.
هذه العملية تأتي في ظل واقع سياسي داخلي حرج جداً ومضطرب ومع بداية الفترة الصيفية للكنيست والتي ربما تشهد نهاية حكومة بينت لابيد، وبالتالي يظهر السؤال المهم، “هل ستكون هذه الحالة السياسية الإسرائيلية المضطربة سبباً لمنع تطور الأوضاع الأمنية لعملية خاصة تركز على اغتيال شخصيات تعتقد المؤسسة العسكرية والأمنية أنها تقف وراء التحريض على هذه العمليات وتوجه الشباب المنفرد في الضفة الغربية لتنفيذ عمليات كبيرة تكون بعيدة غزة عن التأثر بها؟”
الحديث يدور في “الإعلام الإسرائيلي” عن نقاشات سياسية وأمنية عالية المستوى عقدها نفتالي بينت مع قيادات أمنية وسياسية، وخلصت إلى أن الحالة الحالية لا يمكن السكوت عنها، وأن صبر “إسرائيل” بلغ مداه، وأوعز بينت إلى المستويات الأمنية والعسكرية بالذهاب بعيداً في تنفيذ ما يمكن لهم به وقف هذه السلسلة المستمرة من العمليات والجهات المحرضة عليها، لذلك هل نشهد في قادم الأيام عمليات خاصة خلف خطوط التحريض سواء في غزة أو الخارج أو ضد مكتب الضفة في غزة وتركيا وحتى قطر.
لفهم طبيعة الموقف الرسمي علينا أن نقرأ موقف مستشارة بينت القريبة جداً منه، والتي تعتبر اليوم صانعة لسياساته التنفيذية والمتهمة بأنها اليد اليمنى لحكومته، والتي قالت خلال كونها مستشارة للشؤون الفلسطينية في الإعلام: “للقضاء على السنوار، عليك أن تقرر الحرب وتختار توقيتها”: هكذا ردت المستشارة السياسية لرئيس الوزراء بينت، شمريت مئير، على احتمال تصفية يحيى السنوار في الماضي عندما كانت مختصة بالشأن الفلسطيني.
إن الحديث يدور الآن عن التحريض من غزة وخاصة من السنوار، مع أن العمل يأتي من الضفة أو من أراضي فلسطين 48، من جهة “إسرائيل” الضفة الغربية لا تحتاج لسور واقٍ 2، لأن الجيش يدخلها متى شاء وفي أي مكان شاء، وهو أمر لم يكن متاحا في 2002 لذلك احتاج الأمر حينها لسور واقٍ.
الآن الأمور يقوم بها أشخاص منفردون لا يشكلون عنوانا، ولا يظهرون نوايا قد تكون مادة استخبارية توصل إليهم قبل الإقدام على تنفيذ العملية، وهذه تعتبر معضلة بالنسبة لإسرائيل في الوضع الطبيعي، لكن ليس بعد عملية إلعاد.
قال مسؤول أمني كبير للقناة 12 كما ذكرت “دانا فايس” الليلة: “أن القضاء على السنوار لن ينهي موجة العمليات” لكنها ذكرت أن الهجوم القاتل في إلعاد أدى إلى تغيير القرص لدى المستوى السياسي، وخاصة عند رئيس وزراء العدو بينت.
وتذكر فايس من القناة 12: “بعد حوالي يوم على مقتل الإسرائيليين الثلاثة في الهجوم على إلعاد، أدركت المؤسسة الأمنية والعسكرية وحتى رئيس الوزراء بينت نفسه أن إسرائيل في وسط موجة من العمليات، كان القصد محاولة اجتياز فترة رمضان دون إجراءات توتيرية، وترك التوتر يهدأ، بعد الهجوم على إلعاد، أدرك رئيس الوزراء أنه من المستحيل الاستمرار في الوضع المعتدل وأنه ينبغي تغيير القرص”.
وفي تقييمه للأوضاع الداخلية قال رئيس الوزراء بينت: “يجب تغيير الفاز الآن، رغم صعوبة الحصول على المعلومات الاستخباراتية للمنفذ المنفرد، القتل بالسكاكين والبلطات والفؤوس في شوارع المدينة، هذا وضع غير مقبول”.
قال بينت في المناقشات الداخلية للمؤسسة العسكرية والأمنية: “لا تقلقوا بشأن أي اعتبارات سياسية، سنفعل كل ما يجب القيام به ومع العواقب السياسية التي سنتمكن من التعامل معها وترتيبها، ليس لديكم أي عوائق، فاعملوا واذهبوا بقوة قدر المستطاع”.
تدرك كل من المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي بأكمله أن هناك حاجة حقيقية لزيادة الثقل وتقوية اليد، والمعاقبة على المستوى المدني وكذلك العمل ضد التحريض، خاصة بالأدوات القانونية، كان من المفهوم أيضاً أنه يجب خفض ذروة اللهب الديني في الأقصى، أيضاً عبر القنوات السياسية، تجاه الأردن والسلطة الفلسطينية تقول فايس نقلاً عن مصادر سياسية.
قال مسؤول أمني كبير لدانا فايس: “نحن في وضع مشابه لانتفاضة السكاكين، لكن أكثر دموية، لا يوجد عنصر وعامل واحد مسؤول يمكن الإبلاغ عنه والتصدي له، أي شخص يعتقد أننا بقضائنا على السنوار سننهي موجة العمليات فهو مخطئ، هناك تطرف ديني، والسنوار يقوم بتغذية اللهب له، لكنه ليس الوحيد، في جميع الاحتمالات سيكون هناك هجوم آخر ملهم، وسوف يستغرق المزيد من الوقت”.
أمنون ابراموبيتش اعتبر أن إطلاق سراح السنوار وتنفيذ صفقة شاليط أدت إلى ضرر استراتيجي “لإسرائيل” خاصة أن صفقة شاليط هي أول من دمجت بين الساحات، وذكر أمنون أن هناك مناسبات عديدة كان بالإمكان القضاء فيها على قيادة حماس كلها لكن المستوى السياسي رفض ذلك.
“دانا فايس” قالت إنه في الاجتماع القادم للكبينيت سيطلب الوزراء من بينت اغتيال السنوار كما كان يفعل في الكبينيت عندما كان نتنياهو رئيساً للوزراء، مع أنه في الوقت الحالي لا يوجد أي طرف طالب باغتياله، وأضافت أن من أخرج منفذي عملية إلعاد لتنفيذها هو المسجد الأقصى وليس السنوار.
“بن كسبيت” قال إن السنوار ليس له علاقة بالعملية بشكل مباشر، لكنه هو من حرض عليها، وأضاف بن كسبيت أن حماس قوية جداً في الضفة الغربية، “اوهاد حيموا” ذكر أن كم التحريض الهائل والقادم من مكتب الضفة الغربية في غزة يعمل بشكل كبير على تحميس الشباب للخروج لتنفيذ مثل هذه العمليات، واستغرب المحللون السياسيون سبب عجز “السايبر الإسرائيلي” عن التشويش على ماكنة التحريض التي تقوم بها حماس ضد “إسرائيل”.
وبالتالي فإن معظم المحللين السياسيين وخاصة ألون بن دافيد ونير دفوري ومحللي القناة 12 و13 والقناة 11 يذهبون إلى أن التحريض قد يقود إلى قيام حكومة بينت بناءً على ما قاله في الجلسات المغلقة بالتعامل موضعياً من المحرضين في قطاع غزة وتركيا وقطر.