عين على العدو

سيناريو المعركة القادمة مع مقاتلي حماس

 


هآرتس


لجنة رؤساء الاجهزة الاستخبارية تجتمع في العادة في ديوان رئيس الموساد، شمالي تل ابيب. المستضيف يترأس النقاش في مواجهة ثلاثة ضيوف – رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «آمان» ورئيس الشاباك والسكرتير العسكري للحكومة. اللواء يوآف جلنات بصفته سكرتيراً عسكريا لأربيل شارون اعتاد التذمر من جاره في الطاولة رئيس الشاباك آفي ديختر.


 


جلنات الان قائد المنطقة الجنوبية لثلاث سنوات تقريبا وهو الذي يعلق عيونه الان على توقيت غزة. غزة وتل ابيب ابتلعتا قبل شهر حبة مهدئ. تأثيرها لطيف الا انه خفيف وعابر. العدوان ليس في هدنة وانما في استراحة مقاتل لاستجماع القوة توجهاً للمعركة القادمة.


 


موعد المعركة الدقيق وفقا إلى حماس ليس معروفاً ولكن التقديرات تقول انها ستنشب بعد الاعياد. بعد رمضان ورأس السنة وكلاهما في سبتمبر ويوم الغفران وعيد العرش الذي يتلوهما. ليس نهائياً ولا ملزماً فالمعركة قد تنشب قبل ذلك او قد تتأخر لعدة اسابيع وفقا لتوقعات حركة الغيوم والضباب التي قد تعرقل تحركات سلاح الجو.


 


التقلبات السياسية المتوقعة التي بدأت تتحقق من خلال بيان ايهود اولمرت حول استقالتها الوشيكة لن تغير الوضع جوهريا. الحكومة القادمة سترتكز على التركيبة الحالية مع مجهولين – هوية رئيس الوزراء قضية ضم الليكود، واعطاء حقيبة الخارجية لنتنياهو. هذا لن يؤثر على اعتبارات حماس وسياسيون اكثر حربجية من اولمرت سيفضلون في بداية عهد الحكومة القادمة الرد وليس الهجوم على غزة.


 


بين كل الجهات الضالعة في متابعة ما يحدث في الساحة الفلسطينية والتحضيرات لما هو آت اجماع نادر الحدوث. شعبة الاستخبارات العسكرية والشاباك وقيادة المنطقة الجنوبية ومنسق العمليات في المناطق وشعبة العمليات في هيئة الاركان – كلهم يعكفون على احصاء المخزون والانتظار النشط للانفجار.


 


الصورة التي تظهر مقلقة ويلوح منها صدق نبوءة من حظروا مسبقاً فكل الهدوء العابر الذي تتمتع به تجمعات غربي النقب اشتري بثمن باهظ. في مواجهة قيادة المنطقة الجنوبية التي يقوم جلنات وقادة طاقمه باعدادها تظهر فرقة إيرانية في زي او من دون زي من جيش حماس.


 


تنظيم حرب العصابات غير صورته على الاقل جزئيا وارتدى صورة شبه جيش نظريته وتوجيهاته من انتاج حرس الثورة الإيراني ومن المفترض ان المدربين من حزب الله قد تسللوا إلى داخل غزة من لبنان عبر مصر وربما هناك ايضا مشرفون إيرانيون.


 


عشرات كثيرة من المصابين


تعاظم قوة حماس يبرز بصورة خاصة من خلال بعدين اثنين: هز الجبهة الداخلية الإسرائيلية واراقة دماء الجيش الإسرائيلي عندما يحاول اسكات الهزة. حماس تزيد من قوتها الصاروخية بأضعاف مضاعفة خلال فترة التهدئة. لا يدور الحديث عن القسام المحلي وانما صواريخ طويلة المدى من طراز غراد وكاتيوشا مطورة كتلك التي كانت في القطاع بالعشرات او بالمئات القليلة.


 


الان اصبح عددها بالالاف لسهولة تهريبها عبر الانفاق. هذه الصواريخ ستطلق بالعشرات على اهداف كبيرة مثل عسقلان المدينة الممتدة طوليا الامر الذي يسهل اصابتها في اية نقطة خلافاً للاهداف العرضية التي تصعب اصابتها من دون سلاح دقيق.


 


ما تعلمته حماس من حزب الله يبث الان للتجمعات الجنوبية نقطة نقطة. 9 إسرائيليين قتلوا و393 اصيبوا خلال عمليات القصف من غزة منذ فك الارتباط. في الجولة العنيفة القادمة سيصبح الامر اشد صعوبة مناطق سقوط الغراد والقسام والراجمات تشمل مناطق واسعة وفقا لتوقعات الجيش الإسرائيلي من سديروت حتى عسقلان وغيرها. حماس ستسعى لضرب التجمعات السكانية القريبة من الجدار ودكها براجمات ثقيلة وبصواريخ حتى تخيف سكانها وتدفعهم للفرار.


 


عملية الاستعداد ليست احادية الجانب. وهي بارزة ايضا من خلال تحركات الجيش الإسرائيلي المختلفة ولكنها افضل بالنسبة إلى حماس، التي تمتعت في سنوات سابقة ايضا مثل حزب الله من تخوف إسرائيل من شن عمليات منهجية ضد ادخال الوسائل القتالية وامتلاكها. تعاظم قوة حماس في الاشهر الاخيرة تحول غزة كلها إلى قوة متكتكة.


 


هذه مراهنة خطيرة من قبل حماس – اعادة احتلال القطاع او اجزاء هامة منه وفقا لواحدة من 3 او 4 خطط بديلة اعدها الجيش ستؤدي دفعة واحدة إلى فقدان ما تمت مراكمته مثل القاء القبض على 100 سفينة سلاح على شاكلة كارين ايه، وخلافا لحزب الله في لبنان – من دون القدرة على استعادة التسلح بعد العملية لأن الجيش الإسرائيلي في هذه المرة سينسحب فقط بعد القيام بعملية جذرية تقضي على حكم حماس وقاعدته.


 


الاصابات في الجيش الإسرائيلي ستصل إلى عشرات كثيرة، الامر الذي سيدفع بالقادة للضغط على الحكومة والتحرك بحذر ومن دون تسرع، شهراً حتى شهرين في المرحلة الاولى وسنة او اكثر في الثانية. في غزة يستعدون لحصار طويل في شراكة غريبة بين السكان وحماس وإسرائيل. استبدال قطع نقدية قديمة بجديدة بملايين الشواقل من اجل تمكين السكان من التزود ومنع اطلاق ادعاءات بصدد الضائقة والمجاعة.


 


اعتبارات فلسطينية داخلية في خضم هذه العملية تدخل قضية جلعاد شليت واحتمالية اطلاق سراحه قريبا معدومة. في ظل تحذيرات الشاباك وشعبة الاستخبارات الحادة من كارثية ارسال قتلة نشطاء إلى الميدان وخصوصا إلى الضفة الغربية – لن تتجرأ الحكومة على قبول قائمة السجناء التي تطلبها حماس.


 


عشرات المخططين والمنفذين اللذين سيؤدي اطلاق سراحهم إلى مضاعفة القوة والقتل والدمار مع عودتهم الفورية لممارسة العنف. القرار الذي ستتخذه حماس لخرق التهدئة سيتأثر بالاساس من اعتبارات داخلية فلسطينية مع اضافة ضغط من إيران وحزب الله. لا وجود لحماس من دون مقاومة: صراعات القوة مع فتح هي التي ادت إلى تحطيم فترات التهدئة السابقة وحماس الان في حالة دفاع امام اتهامها باهمال الضفة. هناك احتمالية اقل ولكنها قائمة لهجوم إسرائيلي من اجل استفزاز حماس للرد الواسع الذي يتسبب بالتصعيد.


 


التشكيك في ذلك ليس نابعا من تقليد إسرائيلي بادارة الخد الثاني بعد الصفعة – ذلك لأن جهاز الدفاع باغلبيته عارض التهدئة من البداية وسيغتبط ان وضع حدٌ مبكر لها وانما من التقلبات السياسية في إسرائيل التي تثقل على اتخاذ قرار مدروس. ان كانت لإسرائيل اليوم مشكلة استخبارية فهي ليست في مجال التقدير وانما في مجالات اخرى: الصعوبة ليست استخبارية فليس لشعبة الاستخبارات العسكرية ولمركز الدراسات السياسي التابع لوزارة الخارجية تميزٌ على اي مراقب او محلل لنتائج الانتخابات الأمريكية.


 


اهمية التقدير ليست في جوهره وانما فيما يشتق منه وفي عهد لجان التحقيق هناك ضرورة لجرأة الاسماع او اسماع الرأي حول رد فعل الطرف الاخر (مثلا ان هاجموا مفاعلاً نوويا او اغتالوا قائداً معاديا) دون المسارعة لما يتوجب القيام به وهو شن هجمة وقائية من القوات التي قد يستخدمها الطرف المتضرر ضد إسرائيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى