الحرب العالمية الرابعة هل تطرق الأبواب؟
هل بات العالم مقبلا على شبح حرب عالمية نووية قد لا تبقي ولا تذر، لا سيما في ضوء التهديد الروسي الصريح غير المريح تجاه الدرع الصاروخية الأمريكية التي ستبدأ الولايات المتحدة الأمريكية نشرها قريبا في بولندا ولاحقا في التشيك والتي ربما تلجأ العسكرية الروسية كما أشار إلى ذلك نائب رئيس هيئة الأركان الروسية إلى استخدام السلاح النووي لحسمها؟
منذ أيام قلائل كانت العسكرية الروسية ترسل آخر الإشارات بشأن نواياها في المضي قدما لجهة استعداداتها العسكرية للمواجهة سواء مع واشنطن أو ما عداها من الأعداء وعندها أن الإصرار الأمريكي على نشر الدرع الصاروخية على حدودها في بولندا أو التشيك أمر ربما يكون المقدمة الطبيعية للمواجهة العالمية التي أفلت العالم من براثنها ذات مرة، فقد أعلن القائد العام لسلاح الجو الروسي الجنرال الكسندر زيلين أن طائرة روسية جديدة من الجيل الخامس ستبدأ التحليقات في عام 2009. وبعدها بأربعة أيام قال مصدر عسكري روسي رفيع المستوى أن “سلاح الجو الروسي سيتسلم في التاسع والعشرين من شهر أبريل/نيسان الجاري أول قاذفة استراتيجية حاملة للصواريخ مطورة من طراز “تو 160”. ونعتزم تحديث طائرتين أو ثلاث طائرات من هذا الطراز سنويا”. وأضاف أنه جرى تحديث أجهزة التصويب والملاحة والإرشاد في هذه القاذفة.
هل يتوقف المشهد على هذا النحو؟ بالتأكيد لا، ذلك أن هناك تصريحات تؤكد أن استعدادات القوات الجوية الروسية والتي باتت تسابق الزمن للتوصل إلى طائرات سوخوي معدلة توازن الطائرات الأمريكية إف 22 ناهيك عن الصواريخ بعيدة المدى التي تم الإشارة إليها كلها يمكن أن تصب في خانة الاستعدادات للمواجهة العالمية ممكنة الحدوث والعهدة هنا على الرواة الروس أنفسهم.
أول هؤلاء هو وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والذي صرح بالمطالب الحقيقية الروسية.. ماذا الذي قاله لافروف؟
أشار إلى أن التخلي عن فكرة نشر عناصر من المنظومة الأمريكية للدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية والتحول نحو تنفيذ مشروع جماعي في هذا المجال يعتبران أفضل وسيلة لتبديد قلق موسكو وتسوية هذه المشكلة.
والراوي الثاني هو رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال يوري بالويفسكي والذي قال: “إنهم يريدون تحصين أنفسهم وفرض سيطرتهم الاستراتيجية على العالم ويسعون إلى المحافظة على وتيرة الإنتاج الصناعي الأمريكي بإنتاج ما يحتاجه مشروع الدرع الصاروخي”.
وإذا كان بوتين في قمة سوتشي بدا دبلوماسيا في رفضه فإن وزير دفاعه سيرجي ايفانوف قد أوضح وحلل ما يمكن أن يكون ردا روسيا أوليا على الجموح الأمريكي حين حذر من عواقب نشر هذه الدرع الصاروخية وذلك عشية افتتاح أعمال مؤتمر الأمن الدولي الأخير في مدينة ميونخ بألمانيا، معتبرا أن المشروع الأمريكي إشارة غير ودية ستؤثر في العلاقات بين البلدين، مضيفا أن الخطوة الأمريكية ستجبر بلاده على اتخاذ إجراءات مضادة ومحذرا في الوقت نفسه من إعادة موسكو النظر في علاقاتها مع حلف شمال الأطلسي.
ومعروف أن إيفانوف كان قد أعلن في جلسة برلمانية روسية عزم بلاده على تحديث أسلحة الجيش بالكامل ونشر أكثر من 50 صاروخا عابرا للقارات من طراز “توبول ام” بحلول عام 2015 ويشير الخبراء إلى أن الصواريخ الروسية الجديدة قادرة على تجاوز شبكة الدفاع الصاروخية الأمريكية المزمع نصبها في شرق أوروبا.
وتدخل الصواريخ العابرة للقارات في إطار خطة ضخمة لتحديث ترسانة الجيش الروسي بدءا من 2007 إلى 2015 وتبلغ قيمة البرنامج 189 مليار دولار وأوضح وزير الدفاع الروسي أن برنامج التحديث الذي يمتد حتى العام 2015 يتضمن شراء 34 صاروخا SILO BASED من طراز TOPOL M ووحدات التحكم الخاصة بها فضلا عن 50 صاروخا آخر بمنصات الإطلاق.
وتنشر روسيا في الوقت الراهن ما يزيد على 40 صاروخا من هذا الطراز وكان بوتين قد وصف تلك النوعية من الصواريخ بحصن التفوق النووي الروسي على مدى الأعوام المقبلة، مشيدًا بقدراته على اختراق جميع أجهزة الدفاعات الصاروخية.
ولعل تعبير الحرب الباردة يصبح ضئيلا أمام ما يجري في روسيا من نهضة واستنهاض للقوى لاسيما العسكرية منها، وهنا يشار إلى أن موازنة الدفاع الروسية التي عانت شح التمويل في فترة التسعينات تضاعفت من 8،1 مليار دولار عام 2001 إلى 31 مليار دولار لهذا العام بفضل عائدات النفط. ورغم مضاعفة الكرملين للإنفاق العسكري خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن بوتين يصر على أن موازنة روسيا العسكرية مازالت ضئيلة أمام نظيرتها الأمريكية التي تفوقها 25 مرة. غير أن ما لم يذكره بوتين هو أن إحداث دمار شامل في أي بقعة على وجه الأرض أمر لا يحتاج إلى 25 مرة لحدوثه فيكفي رأس نووية أو اثنتان لحدوث هذا الكابوس المريع على أي جانب من الجانبين.
والنتيجة الطبيعية في نهاية المطاف يؤكدها مسؤولون في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية وهي “أن روسيا ستخطط لاستخدام القوة ضد منشآت تابعة لمنظومة الدرع الصاروخية الأمريكية في شرق أوروبا إذا رأت أن هذه المنظومة تمثل تهديدا لأمنها” فهل يعني هذا أن هذه الدرع يمكن أن تكون سببا في انطلاق حرب عالمية رابعة نووية جراء التطلعات الإمبراطورية الأمريكية التي تسعى رغم الإخفاقات التي أصابتها والأكلاف التي تحملتها إلى جعل القرن الحادي والعشرين قرنا أمريكيا بامتياز؟.