” الأمن في غزة ” من نسـأل !؟
إن أردنا أن نسأل عن بضاعة معينة في متجرٍ محدد , فإننا لا نوجه سؤالنا لتاجر لئيم يكره ذاك المتجر و يُدبر له المكائد و يسعى بكل السبل ليُفشل عمله و يسيطر عليه و ينهي تفوقه المشهود لدى الناس .
و كذلك الحال إن أردنا أن نسأل عن حالِ غزة ؛ فالمنطق يمنعنا من سماع أصوات القابعين في المقاطعة والذين لا همًَّ لهم إلا السعي لتشويه صورة القطاع ؛ لتأنيب العالم و نزع التعاطف و المحبة من قلبه تجاه أهل غزة و حكومتهم المنتخبة .
فقد شارك هؤلاء في إغلاق المعابر , و اعتلوا شاشات التلفاز للطعن في إنجازات الحكومة و بث الأكاذيب التي تزيد من تضييق الحصار , كاتهام أهل غزة بالظلامية و الادِّعاء بأن فيهم القاعدة !
وإن أردنا أن نسأل عن حال غزة , فلنبتعد عن رأي الناطقيين باسم الحكومة الفلسطينية أو حركة المقاومة الإسلامية حماس , لأن رأيهم إيجابي و يفتخر بواقع غزة , و يُظهر الأوضاع في القطاع بصورة زاهية يغلب عليها مدح الأمن و النظام , ولأن البعض قد يظنَّ ذلك تزييفاً للحقائق أو تجميلاً لها ؛ فإننا لن نأخذ هذه الآراء الكثيرة في أثناء البحث عن إجابة سؤالنا ” كيف حال الأمن في غزة ” !؟
إذاً من نسأل !؟
سنسأل المحايدين الذين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء , يقفون مع الحق , ويقولونه حتى لو كان على حساب أنفسهم , لكن انتظروا ! لن نسأل الفريق ” المحايد ” الذي صمت عن مقتل الشهيد مجد البرغوثي و هاجم الأجهزة الأمنية في غزة لإنهائها وكر ” عائلة حلس ” بينما تجاهل أن من استهدفتهم الحكومة من أبناء هذه العائلة كانوا يعملون لصالح الكيان الصهيوني الذي سارع و فتح أبوابه لهم – في حين أنَّه يُغلقها في وجه أطفال القطاع المرضى بحجة ” مرفوض أمنياً ” !
ولن نسأل أيضاً الفريق الآخر الذي يدَّعي الحيادية والذي لم يُدن جريمة الشاطئ ومُرتكبيها , و الذي ساوى قديماً بين الضَّحية والمُعتدي في الجريمة والعقاب !
ولأن المنصف العربي غير موجود – لم يدخل قطاع غزة نتيجة لمنع مصر فتح المعبر, ولا يتابع الأخبار أولاً بأول – فلن نأخذ برأيه , و سنستمع لرأي “الآن جونستون” الصحفي البريطاني الذي كان مختطفاً في قطاع غزة على يد جماعة مسلحة ، حيث قال في 4-7-2007 : “إنَّ أهم ما يريده الفلسطينيون الآن هو الامن والامان، وإنه بدأ بالتحقق بعد فرض حماس لسيطرتها على القطاع، وإنه بإمكان أي شخص أن يسأل أهل القطاع عن ذلك، وهذا الأمر لم يعد خافياً على أحد”.
أشار جونستون إلى أنَّ حماس ” بدأت ” بتحقيق الأمن , و أزعُم بأنه لم يكن يتخيل أن تُصبح غزة أكثر أمناً من عاصمة الدولة التي ينتمي إليها !
هذا ما قاله ( حق نواز ) المخرج السينمائي و الناشط الباكستاني في حقوق الإنسان – الذي زار أكثر من 40 دولة في العالم آخرها قطاع غزة و الذي استضافته قناة الأقصى الفضائية في برنامج لقاء خاص 26-8-2008 , حيث قال : ” إن غزة أكثر أمناً من لندن ” . فردَّت الصحفية البريطانية (إيفون ردلي ) والتي كانت ضيفةً في ذات البرنامج , بأن الوضع أفضل مما يصفه “نواز” !
إيفون ردلي و حق نواز جاءا إلى قطاع غزة لنقل الصورة الحقيقة للقطاع , فهما لا ينضمان إلى أي فصيل سياسي حالهم كباقي المتضامنين الذين قدموا عبر سفن التضامن الجريئة , والذين تعهَّدوا بنقل كل صورة يرونها في القطاع إلى العالم , والذين أجمعوا بأن غزة من حيث الأمن الداخلي ككثيرٍ من بُلدانهم بل وأفضل حالاً منها .
هذه التطمينات هي ذاتها التي نسمعها من الحكومة الفلسطينية في غزة , وهي تُعاكس تماماً الإدعاءات التي تُروجها سلطة المقاطعة التي رفض سفيرها في الأمم المتحدة مشروع قرار قدَّمته قطر و أندونيسيا يقضي باعتبار قطاع غزة منطقة منكوبة تستحق المساعدات الإنسانية !!
هذه الأوضاع المميزة تزرع الغيظ و القهر في قلوب عملاء الاحتلال , ولذلك هم يسعون بكل السبل لنشر الفلتان و الفساد بالإضرابات المسيَّسة و القلاقل و شرارات الفتن , وهنا على وزارة الداخلية و الحكومة الفلسطينية ؛ الضرب بيد من حديد تقصم ظهر كل من يحاول تشويه صورة غزَّة الحرَّة .
فالحقد المُريع و الكره الفظيع الذي يحمله أبناء التيار الخياني على غزة , يُعادله و يتفوَّق عليه حبٌ سرى في قلوب أحرار العالم من مختلف الديانات و البلدان لهذا القطاع الذي حقق كل معاني الصمود و الثبات و العزَّة و الرُّقي .