الجريمة تتفشى في المجتمع الصهيوني
بعد ثماني سنوات من بدء المواجهة العنيفة بين الفلسطينيين والصهاينة، والتي جبت من الطرفين الاف الضحايا، تقلص حجمها في الفترة الاخيرة. بقدر كبير بفضل اداء الجيش الصهيوني، المخابرات وقوات الامن الاخرى.
على خلفية التحسن بالاحساس بالامن الشخصي لمواطني الكيان في هذا السياق، يبرز التردي باحساس الامن الشخصي في السياق الجنائي. جريمة عنيفة، سواء من الافراد او من اعضاء العصابات، تستشري في شوارع المدن، في الاحياء السكنية وفي مواقع الترفيه. وليس فقط بيت الصهيوني لم يعد قلعته لانه مكشوف امام الاقتحامات، بل ان الساحة العمومية اصبحت ساحة معارك بين المجرمين، وبين الشرطة وبينهم.
تحليل بارد للمعطيات كفيل بان يبين بان الوضع ليس سيئا بهذا القدر، وبالتأكيد بالقياس الى دول اخرى، حيث الميزان اشكالي اكثر بكثير – بتعابير مطلقة ونسبية على حد سواء – لاعمال القتل والجرائم الخطيرة الاخرى. كما يمكن الادعاء بانه في حوادث الطرق يواصل الموت والاصابة صهاينة كثيرون اكثر مما بالرصاصات الطائشة في نتانيا وبات يام. مثل هذا النهج يخطىء الهدف؛ لان ليس الارقام الجافة هي التي تقرر بل الاجواء العامة، التي تعكس وضعا من جريمة معربدة لم تجد الشرطة بعد ادوات ناجعة للتصدي لها.
مكافحة الجريمة هي مهمة جهاز فرض القانون بكل اذرعه – الشرطة، النيابة العامة والمحاكم – ولكن عليها ان تكون في رأس اهتمام المجتمع باسره، بناخبيه ومنتخبيه. خطى اولى في الطريق الصحيح جرت في السنوات الاخيرة بمبادرة عامة ومحلية. على المستوى الحكومي تجدر الاشارة الى التعاون الوزاري بين المستشار القانوني للحكومة، النيابة العامة للدولة، الشرطة وغيرها من المحافل كسلطة الضرائب وسلطة منع تبييض الاموال.
تشكيل وحدة التحقيق “لهف 433” اجاد في استغلال القوى الداخلية التي تحت تصرف الشرطة. وعلى مستوى الالوية يبرز في الجنوب نجاح اللواء اوري بارليف في تقليص قوة الجريمة واضرارها الاقتصادية.
هذا وحده لا يكفي. فكرة تشكيل اجهزة شرطة مدينية، تستند الى قوى وصلاحيات شرطة اسرائيل ولكنها معززة بمراقبين مدينيين تنتظر وزير الامن الداخلي والمفتش العام اللذين يكونا ملتزمان بها. ولكن حتى في التركيبة الحالية للوزير والمفتش العام يوجد مجال لاستناد أكبر الى البلديات، التي في نطاق حكمها يقع كل النشاط الاجرامي تقريبا.
دولة الكيان غيرت وجهها دون أن يكون ممكنا التعرف عليه في العقود الاخيرة. سكان من 7 مليون نسمة، بينهم عشرات الالاف من مهاجري العمل والزوار الاخرين، مهاجرون وصلوا الى البلاد بدوافع مختلفة، تطور تكنولوجي للمجرمين التي تعانق اعمالهم العالم، نصف مليون ملف جنائي في السنة – وعدد غير كافٍ من الشرطة والنواب العامين لمعالجة الجريمة المتصاعدة.
هذا واقع يفسر مصاعب جهاز فرض القانون ولكن محظور جعله يوهن يد الشرطة. هذا الاسبوع اطلقت قيادة الشرطة تصريحات عالية عن حرب الابادة ضد الجريمة. حتى لو كانت خلف الكلمات تختبىء خطط عمل حقيقية، فان الثقة العامة بالشرطة ليست غير محدودة.