اعادة التفكير في المفاوضات مع سوريا!!
رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق يطالب بإعادة التفكير في المفاوضات مع سوريا
المجد
أثرت التطورات الأخيرة في الساحة السياسية الصهيونية على مسار المفاوضات غير المباشرة مع سوريا بالوساطة التركية، ورغم توقف هذه المفاوضات الى حين استبدال رئيس الوزراء أيهود أولمرت إلى أن الموضوع السوري لا يزال يحتل أهمية كبيرة في صفحات الصحف خصوصا لدى المحللين وكتاب الأعمدة الدائمين في الصحف .
فقد كتب غيورا ايلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق، مقالا في صحيفة يديعوت أحرونوت يوجه فيه تحذيرات من الطريقة التي تدار فيها المفاوضات غير المباشرة، ووجوب مراعاة عدة عوامل قبل المضي قدما في تلك المفاوضات .
حيث يعبر ايلاند عن قلقه من الطريقة التي تدير فيها تل أبيب الأمور، ويشير لوجود ثلاث مسائل مقلقة: “ترتيب الإعمال عندنا”، و”غياب استيضاح حقيقي في الموضوع الأمني”و و”تجاهل الولايات المتحدة”.
ويرى أن القيادة السياسية الصهيونية حسب برنامجها “تريد تحريك خطوة إستراتيجية (سواء كانت سلاما أم حربا)” ويجدر بها، بحسبه، أن تفعل ذلك وفقا للمراحل التالية: “أن تصف الواقع من خلال صياغة فرضيات أساس، تصيغ مصالح الكيان (وترتبها) وتعد “خريطة مصالح” (ماذا يريد اللاعبون المختلفون).
على أساس هذه القواعد الثلاثة تصف “الانجاز المطلوب” (ماذا ستكون نتيجة المفاوضات التي من الصحيح والممكن التوصل إليها)، وفقط بعد ذلك، في المرحلة الخامسة ندخل الى المفاوضات”.
ويقترح أن تعريف الانجاز المطلوب هو “القرار الذي يجب أن تتخذه القيادة السياسية قبل بدء المفاوضات”.متسائلا، هل جرى مثل هذا النقاش في المجلس الوزاري؟ هل جرى في أي محفل آخر على الإطلاق؟ هل حلل مستوى مهني ما العناصر التي ينبغي أن تسبق المفاوضات وعرضها على الأقل على رئيس الوزراء، وزير الدفاع ووزيرة الخارجية؟ الانطباع هو أننا نبدأ التخطيط الاستراتيجي فورا في المرحلة الخامسة.
وفيما يتعلق بالبعد الأمني يستذكر ايلاند المفاوضات التي دارت مع سوريا قبل نحو تسع سنوات، ويقول أن ” الموقف الإسرائيلي استند (خلالها) الى قول واضح في أن دولة الكيان لا يمكنها أن تدافع عن نفسها دون سيطرة على هضبة الجولان.
فكيف إذن وافق رئيس الوزراء في حينها على أن يعطي الهضبة للسوريين؟ “ويرى بأن تبرير الأمر كان كالتالي: “وان كانت قواتنا(الإسرائيلية) ستنسحب عن الهضبة، إلا أنها ستقف قريبة منها (سهل الحولة). هضبة الجولان ستكون مجردة من السلاح، والفرق السورية المدرعة تنقل بعيدا الى الشرق. إذا فهمنا انه توشك حرب على الاندلاع، سنتمكن من أن نحتل من جديد الهضبة قبل وصول الجيش السوري”.
ويرى بأن ذلك الفهم “كان منذ حينه في غاية الإشكالية، واليوم برأيه لا يحظى بأية منطقية. مطلوب إذن استيضاح جذري مع الجيش، في ختامه، إذا كنا مستعدين حقا لتسليم الهضبة، فإننا يجب أن نتخذ واحدا من القرارين التاليين: إما نتبنى المفهوم قبل تسع سنوات (ننزل من الهضبة فقط إذا ضمنا بأنه يمكننا أن نعيد احتلاها قبل وصول الجيش السوري)، أو نقرر انه يمكن البدء بالحرب في سهل الحولة والدفاع عن إسرائيل من هناك”، ويصف ايلاند “من يدير المفاوضات مع سوريا ويعنى بتفاصيل ترسيم خط الحدود دون استيضاح هذه المسألة المركزية بأنه يعمل بسطحية خطيرة”.
وفيما يخص عدم مشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات يقول ايلاند” ليس سرا أن الإدارة الحالية غير متحمسة للمفاوضات مع سوريا. في الماضي، عندما كانت الإدارة الأمريكية متحمسة (كلينتون)، كان بوسع تل أبيب أن تطلب المقابل من الأمريكيين لقاء “التنازلات المؤلمة”.
أما اليوم فهذا البعد ناقص، بل وبعد شهرين ستكون انتخابات في الولايات المتحدة. إذا ما صعد رئيس أمريكي معني بتقدم السلام مع سوريا، وإذا ما كنا سبق أن وافقنا على التنازل للسوريين في مواضيع مختلفة، فإننا لن نتمكن من اشتراط تلك التنازلات بمقابل أمريكي. توقيت المحادثات السريعة الآن، بالتالي، غريب حقا”.
ويقارن بين الطريقة التي تدور فيها المفاوضات مع سوريا وبداية مسيرة أوسلو وبالمفاوضات مع الأمريكيين في موضوع فك الارتباط.مع إشارته لوجود “فريق سري يدير المفاوضات وفقط بعد أن يصل الى اتفاق مفصل مع الطرف الآخر يؤتى بالوثيقة الى الحكومة لاتخاذ القرار. في هذه المرحلة لا يمكن إجراء بحث مبدئي، أو حتى التراجع، إذ أننا نكون “قد وعدنا”.
ويصف هذا التوجه بأنه ” نهج خطير وغير ديمقراطي”. ويبدي تعجبه بالتساؤل” لماذا لا يوجد طلب من الوزراء لإجراء نقاش في المسائل المبدئية، التي بعضها فقط عرض هنا، قبل إرسال المندوبين لإدارة المفاوضات. وحتى لو لم يتوصلوا الى اتفاق، فان ما يقوله المندوبون الصهاينة الرسميون يصبح أقوالا ملزمة في المستقبل “.