الصفة المهنية الخامسة لرجل الامن في الاسلام
قراءة في كتاب” رجل الأمن في الإسلام “- شروطه.. صفاته.. آدابه للدكتور إبراهيم علي محمد أحمد
خامساً: حفظ السر والكتمان
من اهم أبرز مرتكزات العمل الأمني الاستخباري حفظ الأسرار وكتمانها ، والخطورة تأتي دوماً من تسرب المعلومات للعدو ، لذا يجب ان يتحلى رجل الأمن المسلم بالكتمان وحفظ ما الديه من أسرار ومعلومات وعدم الثرثرة بها لأنه قد أؤتمن عليها ، فلا يحل أن يبوح حتى لأقرب الأقربين . وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتمان حيث قال صلى الله عليه وسلم :”استعينوا على انجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود) .
فاذا كان الكتمان في الحوائج الشخصية مطلوباً ومأمور به ، ففي الحوائج العامة المتعلقة بأسرار الأمة من باب أولى .
إن الكتمان وحفظ السر من أساسيات العمل الاستخباري إذ يترتب على إفشاء المعلومات السرية مخاطر جمة على المجتمع المسلم ،والأفراد ونظراً لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا أراد الخروج لغزوة ورى بغيرها وعندما دنا النبي صلى الله عليه وسلم من موقع بدر أمر اصحابه ان يقطعوا الاجراس التي كانت معلقة في أعناق إبلهم لئلا يسمع العدو أصواتها ، وروى عنه أنه بعث سيدنا عبدالله بن جحش رضي الله عنه في السنة الثانية للهجرة في إثنى عشرة رجلاً من المهاجرين ، وزوده بكتاب مختوم أمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين كاملين يبلغ بعدهما موقعاً معلوماً حدده له . فاذا كان النمط من التعامل النبوي مع الصحابة رضي الله عنهم ، وكلهم عدل ومؤتمن وصادق ، فكيف بسواهم ؟
ولقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم وبخاصة افراد المخابرات النبوية الذين اطلعهم النبي صلى الله عليه وسلم على سر المعلومة ، او اطلعوه هم عليها ، لقد ضربوا المثل الاعلى في كتمان تلك المعلومات والاسرار ، ولم يرد لنا في كتب السيرة ، او التاريخ الاسلامي ان احد افراد المخابرات النبوية باح بسرا، اوسرب معلومة قط الامر الذي يدل على مدى حفظهم لسر ، واتصافهم بالكتمان حتى ان احدهم وهو من رجال المخابرات النبوية كان يلقب بكاتم سر النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
لذا لا بد لرجل الأمن والاستخبارات الاسلامي أن يتأسى بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفظهم لأسرار الأمة ، وعدم البوح بها ، وبخاصة للأقارب ، وعلى وجه الخصوص الزوجات ، وكانت سبباً في حدوث خسائر كبيرة ، ونتائج مدمرة . ولنا في رسول الله صلى الله عليه الذي لم يكن يفضي سراً يرتبط بالأمة لزوجاته ، بل حتى لأحب الزوجات اليه أمناً عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها . بل أحب إلي الناس إليه سيدنا ابوبكر رضي الله عنه أسوة حسنة قال ابن هشام ( وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز أمر أهله ان يجهزوه فدخل أبوبكر على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي تحرك بعض جهاز الرسول الله فقال أي بنية : “أأمركم رسول الله صلى الله عليه ان تجهزوه قالت: نعم فتجهز ، قال فأين ترينه يريد ؟ قالت لا والله ما أدري ؟”
من النص السابق يتضح لنا مدى التكتم على المعلومة من القائد الأعلى سيدنا محمد صلى الله عليه فها هو سيدنا أبوبكر الصديق أحب الناس الي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرب الناس اليه لم يكن يعلم إلي أين يريد الرسول صلى الله عليه الخروج . بل كتم الأمر عن أحب زوجاته بعد السيدة خديجة رضي اللع عنها السيدة عائشة فأجابت إجابة مقرونة بالقسم لا والله ما أدري . إنه درس نبوي في الكتمان ، وحفظ المعلومة ، وعدم البوح بها إلا في نطاق العمل الأمني فقط وحبسها من أن تتسرب خارج القنوات الأمنية تماماً كما فعل سلفنا الصالح رضوان الله عنهم .