إعلام العدو .. باللغة العبرية –الجزء الثالث
يضم عددا من القنوات الإذاعية والتلفزيونية ، تبث برامج تعبوية تحريضية متنوعة باللغة العبرية ، متضمنة نشرات إخبارية وتعليقات سياسية واقتصادية ، وبرامج تعليمية وترفيهية ومعلومات ، فضلا عن أفلام ومسلسلات ومسرحيات.
وهي عبارة نقل أو إعادة للتوجهات والفلسفة البرامجية نفسها التي تحكم الإعلام الصهيوني بشكل عام ، التي وضعت وفق برمجة في إطار استراتيجي مركزي تشرف عليها جهات متخصصة ، مثل الداخلية والخارجية والدفاع والإعلام ، وتضم مختلف الاختصاصات العلمية والأكاديمية وخبراء علوم الاتصال والاجتماع والنفس والحرب النفسية وغيرها ، وهذه القنوات هي :
1- إذاعة الجيش الصهيوني ( جاليه تساهال ) : تأسست الإذاعة عام 1950 ، لإبعاد الجيش عن السياسة ، أي جعل الجيش فوق التوجهات الحزبية ، ومنع المؤثرات الحزبية من الوصول إلى الجنود ، وهي خاضعة وتابعة كليا ومباشرة لوزير الدفاع ورئيس الأركان.
وهي إذاعة عسكرية قائمة لخدمة الجيش فقط ، وتدار بواسطة ضباط الجيش ، ويتغير كادرها العامل باستمرار ، وغالبيتهم من الجنود الذين يؤدون الخدمة الإجبارية في صفوف الجيش ، ويتم انتقاؤهم وفق مقاييس وامتحانات معينة ، وتتمتع هذه الإذاعة بهامش واسع من الحرية أكثر من غيرها .
2- التلفزيون التربوي الصهيونيي : وقد أنشئ في وقت متأخر عام 1968 ، في وجه معارضة دينية شديدة لأنه يتعارض مع التعاليم الدينية اليهودية ، وحتى خريف 1970 كان التلفزيون يتوقف عن البث تماما لمدة أربع وعشرين ساعة كل أسبوع تقيدا بشعائر يوم السبت اليهودي ، وقد تغلبت الحكومات الصهيونية على المعارضة الدينية ، متعللة بضرورة توجيه سكان المناطق المحتلة والأقطار العربية المجاورة ، مما يجعله ركنا أساسيا في إقرار الأمن .
وتطور فيما بعد إلى تلفزيون تربوي للمدارس والأطفال ، وفي الخامسة بعد الظهر يبث برنامجا بعنوان ( مساء الخير ) تناقش فيه القضايا السياسية الآنية ، وعند الثامنة مساء يبث البرنامج الإخباري اليومي ( مبات ) ويعني نظرة .
3- القناة الثانية : منذ عام 1993 برزت القناة الصهيونية الثانية، وكانت ترتكز على أساس التعاون بين شركة بيزك للاتصال وسلطة البث الرسمية ، وسرعان ما تحولت إلى قناة تجارية تشارك في رعاية برامجها شركات مملوكة لعمالقة الصحافة في دولة العد والصهيوني وهي : كشت ، تلعاد ، ريشت ، وتشرف على هذه القناة هيئة شعبية غير رسمية لمراقبة برامجها وتوجيهها .
تبث القناة عدة برامج إخبارية يومية : عند الساعة صباحا ، والخامسة مساء ، والساعة السادسة ، وفي الثامنة مساء النشرة الرئيسية المطولة 45 دقيقة .
4- القناة العاشرة : تقدم برامجها الإخبارية من خلال شركة ( حداشوت إسرائيل ) أخبار إسرائيل، وهي الشركة التي حصلت على امتياز بدء بث قناة إخبارية ، وتقدم برنامجا إخباريا محليا عند الساعة السابعة صباحا ، والسابعة مساء ، ونشرة تفصيلية عند الساعة الثامنة ، وبعيد انطلاق الانتفاضة استقطبت القناة عددا كبيرا من محرري ومراسلي القناتين السابقتين بصورة واضحة .
إضافة إلى ما تقدم فهناك ما يسمى تلفزيون الكوابل الذي يبث أخبارا وأفلاما وبرامج موسيقية ورياضية متنوعة ، وهو غير متخصص في الشؤون الإخبارية والسياسية اليومية، كما أن هناك العشرات من الإذاعات المحلية ، حيث تم تقسيم دولة العدو الصهيوني جغرافيا إلى 31 منطقة من أجل تنظيم عملية توزيع البث .
• الإعلام الصهيوني المكتوب :
تتكون الصحافة في دولة العدو الصهيوني من العديد من الصحف ، إلا أننا سنكتفي بالحديث عن ثلاث صحف مركزية مملوكة لثلاث عائلات منذ إنشائها في مطلع القرن العشرين ، وهي:
1- صحيفة يديعوت أحرونوت : وهي مملوكة لعائلة موزيس ،والصحيفة هي الأوسع انتشارا في دولة العدو الصهيوني ، حيث توزع 250-320 ألف نسخة يوميا ، وتوزع ما بين 500-600 ألف نسخة أيام الجمعة ، حيث يصل عدد صفحاتها في نهاية الأسبوع إلى 280 صفحة ، وتضم خمسة ملاحق متنوعة : سياسية ، رياضية ، نسائية ، فنية ، صحية ، اقتصادية .
وتعتبر هذه الصحيفة متطورة وناجحة من حيث مصادر معلوماتها ، وكادرها الوظيفي المؤهل ، الذي يبلغ تعداده 700 موظف ما بين طابع وكاتب ومحرر ومتخصص بالإعلان.
2- صحيفة معاريف : وتملكها عائلة نمرودي ، وتحتل الصحيفة المركز الثاني من حيث الشعبية والتوزيع .
3- صحيفة هآرتس : وهي مملوكة لعائلة شوكن ، وتتخذ الصحيفة خطا يساريا ومعتدلا بعض الشيء بالمقارنة مع الصحف الأخرى .
إضافة إلى تلك الصحف الثلاث الرئيسية ، فقد غاب عن الساحة الصحفية في دولة العدو الصهيوني صحيفتا عل همشمار ، ودافار ، اللتان كانتا الأعلى في القدرة والشعبية في فترات سابقة ، ولكنهما بفعل أسباب مادية غيرها أزيلت عن الساحة .
• الإعلام الالكتروني :
قررت الحكومة الصهيونية في الأول من يوليو 2002 استخدام مواقع الانترنيت الحكومية كوسائل إعلام عبر الشبكة الالكترونية ، وأصدرت تعليمات للمديرين العاملين في الوزارات بإدخال مواد إعلامية على المواقع الخاصة بوزاراتهم ، تحمل مضامين تساهم في شرح السياسة الصهيونية مع ربطها بمواقع وزارة الخارجية ورئاسة الحكومة ، على أن يكون تحديد مضامين هذه المواد ضمن صلاحيات مكتب رئيس الحكومة ووزارة الدفاع ، وسيتم نشرها باللغتين العبرية والإنجليزية ، على أن يتم نشرها في وقت لاحق بلغات أخرى ، ومنها اللغة العربية ، وبالفعل هذا ما حدث بعد فترة وجيزة .
ومن أهم المواقع الالكترونية الإخبارية الصهيونية المواقع التالية :
– ديوان رئيس الحكومة ، ووزارة الخارجية ، والجيش الصهيوني ، وبعض المواقع الإخبارية ( نعناع ، ويللا ) .
– المواقع الصهيونية المعربة ، وأهمها: صحيفة يديعوت أحرونوت ، وزارة الخارجية ، وغيرها من المواقع التي تحدث خدماتها الإخبارية والتحليلية على مدار الساعة .
• أجهزة الإعلام الحكومي :
تبذل الحكومة الصهيونية بمختلف وزاراتها جهودا حثيثة على المستوى الإعلامي تحقيقا لأهدافها السياسية ، عبر سلسلة من الإدارات المتخصصة لاسيما في وزارة الخارجية التي تعتبر بكاملها جهازا إعلاميا متكامل النشاطات ، بل هي ركيزة الإعلام الصهيوني الخارجي ، الموجه لدول وشعوب العالم الخارجي .
وتعنى مكاتب الإعلام الحكومية الصهيونية بالدرجة الأولى ، لاسيما خلال أحداث الانتفاضة ، بنشر المعلومات عن الحكومة ونشاطاتها ، وأهداف الدولة ومنجزاتها ، وعلى وجه الخصوص كل ما يتصل بترسيخ الوحدة الثقافية والروحية لليهود بوجه خاص ، وتعميق ارتباطهم وولائهم للدولة ، خاصة في ضوء تأثر هذا الارتباط بفعل القلاقل الأمنية التي يعيشها الصهاينة خلال انتفاضة الأقصى ، كما تعنى هذه المكاتب بتأهيل المواطن الصهيوني للتعبير، عن أهداف العدو الصهيوني القومية ومواقفها السياسية من القضايا الرئيسية ، مما يجعل من هذا المواطن الأداة الأولى من أدوات الإعلام الصهيوني.
وتحقيقا لهذا الغرض،ينظم الإعلام الحكومي بمختلف أقسامه المحاضرات والاجتماعات العامة في طول البلاد وعرضها ، ويصدر عددا كبيرا من المنشورات تزيد عن المائة منشور خلال عام واحد ، يوزع منها مئات الآلاف من النسخ داخليا وخارجيا .
وفيما يتعلق بدوائر الإعلام الصهيوني ، فإنه حسب خبرة عشرات الصحفيين الذين تعاملوا معها ، نود تسجيل بعض الملاحظات التالية :
– هذه الدوائر تتعامل مع الصحفيين والإعلاميين بصورة مهنية تكسبهم احترام وسائل الإعلام الأجنبية ، فمثلا حين يتصل صحفي ما لطلب رد فعل على خبر معين أو حادث حدث ، فإذا كان الرد متوفرا لديهم يزودونه به ، وإن لم يكن متوفرا فإنهم يأخذون رقم هاتفه أو رقم الفاكس ، ويوافونه بالرد بطريقة لطيفة !
– اليهود الذين هاجروا من أوروبا الشرقية والغربية ممن يمتلكون خبرة صحفية راقية ، نقلوا هذه الخبرة والتجربة ووظفوها في دوائر الإعلام الحكومية .
– استقطبت الحكومة الصهيونية كوادر إعلامية متنفذة في جميع بلدان العالم ، وخاصة أميركا وأوروبا ، للعمل ضمن هذه الدوائر ، والتعاقد مع شركات كبرى تعمل في مجال الدعاية وكسب الرأي العام .
– تقوم الدوائر الرسمية الصهيونية بتسفير إعلاميين وصحفيين يهود إلى الخارج ، ويتم تبادل الآراء والخبرات ما بين الداخل والخارج عن طريق الدورات التدريبية ، وتبادل المعلومات وتصدير التقنيات .
وتوجد حاليا في معظم الوزارات الصهيونية دوائر إعلامية تسعى جميعها لتحقيق ذات الأهداف ، إلا أننا سنركز البحث في ما يلي :
1- دائرة الإعلام في ديوان رئيس الوزراء :
ويضم عدة أقسام لعل أهمها المكتب الصحفي للحكومة ، وهو اللسان الناطق باسم الحكومة في مواجهة الصحافة الأجنبية والمحلية ، ويهتم بتقديم الخدمات الصحفية السريعة والفعالة لرجال الصحافة المحليين والأجانب ، ويضع تحت تصرفهم التسهيلات المناسبة ، وعند الضرورة تظل غرف الأنباء مفتوحة لمدة 24 ساعة يوميا ، ويضم المكتب الصحفي قسما للأبحاث ، ومكتبة للمراجع والأرشيف ، وعددا من الموظفين لخدمة المراسلين الأجانب،ويصدر عددا من المنشورات ، أهمها :
– نشرة إخبارية يومية باللغتين العبرية والإنجليزية ، تتضمن افتتاحيات الصحف الصهيونية ، وترجمة لأهم التصريحات للمسئولين الرسميين .
– ملخص أسبوعي باللغة الإنجليزية ، حول أهم التصريحات والأحداث الداخلية ، ويرسل إلى البعثات الدبلوماسية الصهيونية في الخارج ، والدبلوماسيين الأجانب المقيمين في دولة العدو الصهيوني .
– مختار إسرائيل , باللغة الإنجليزية ، يصدر مرتين شهريا ، بنفس المحتويات السابقة .
– الكتاب السنوي لدولة إسرائيل ، يصدر سنويا ، يضم حقائق عن الدولة ، يوزع على المراسلين الأجانب ، وتقوم وزارة الخارجية بتوزيع مئات الآلاف من النسخ منه سنويا بلغات مختلفة في كافة أنحاء العالم .
– إصدار كتيبات متنوعة في المناسبات الدينية والوطنية الصهيونية بلغات متعددة.
وخلال انتفاضة الأقصى ، عين عدد من الناطقين الإعلاميين في مكتب رئيس الحكومة ، من أبرزهم رعنان غيسين .
2- دائرة الإعلام في وزارة الخارجية :
ويمكن اعتبارها الجهة المسئولة عن تخطيط وتنسيق نشاطات الإعلام الصهيوني ، وفي عام 1970 شكلت الوزارة هيئة استشارية من الشخصيات العامة والمثقفين المختصين في وسائل الإعلام ، لمساعدة الدائرة في رسم الخطط الإعلامية ، وذات مرة قال بن غوريون : إن مهمة وزارة الخارجية الصهيونية هي أن تبرر وتفسر للعالم المغزى الكامن وراء عمليات الجيش الصهيوني ، ومن أهم نشاطاتها :
– الاتفاق مع كبرى الصحف العالمية على إصدار ملاحق خاصة عن دولة العدو الصهيوني.
– تنظيم مقابلات صحفية حول المناسبات اليهودية ، مثل حرب 48 ، وحرب حزيران ، والمجازر النازية ضد اليهود في أوروبا ، ونشرها على أوسع نطاق .
– إصدار نشرات إعلامية بلغات متعددة حول الأحداث المحلية والعالمية ، وموقف العدو الصهيوني منها .
– تنظيم جولات وزيارات ميدانية في شتى المدن والتجمعات السكنية ، ومرافقة وفود أجنبية ، لاسيما اصطحاب هذه الوفود إلى أماكن العمليات الفدائية .
– إقامة علاقات وثيقة مع شبكات التلفزة الأجنبية ، والاتفاق معها بهدف تزويدها بالأفلام الوثائقية الخاصة بالعدو الصهيوني .
– إرسال المفكرين والإعلاميين ، واستقدام مفكرين وإعلاميين إلى دولة العدو الصهيوني ، لإلقاء محاضرات وندوات تخدم الأهداف العامة للدولة .
ومن أهم من شغل منصب الناطق الإعلامي للوزارة خلال انتفاضة الأقصى : شاي بزاك ، جدعون مائير ، إسحاق بلومنتال .
3- دائرة الإعلام في وزارة الدفاع :
وتضم عددا من الدوائر والأقسام ، أهمها دار النشر ، التي توجه جل عملها لأفراد الجيش ، وتتولى إصدار كتب متنوعة تتناول الموضوعات الجغرافية والتاريخية والعسكرية المتعلقة بمختلف الأسلحة ، كما تصدر عددا من المجلات الأسبوعية والشهرية الموجهة لمنتسبي مختلف أسلحة ووحدات الجيش ، أهمها مجلة ( بمحانيه أي الثكنة ) ومجلة معرخوت .
• توظيف دوائر الإعلام الحكومي لوسيلة الضيافة :
عمدت دولة العدو الصهيوني منذ قيامها ، على استضافة عدد كبير من الأشخاص الأجانب من مختلف الجنسيات كل عام ، منهم من تستضيفه بصفته الشخصية ، ومنهم من تستضيفه بصفته الرسمية ، منهم من يدعى فرديا ، ومنهم من يدعى ضمن مجموعة متميزة ، منهم من تستضيفه لحضور مناسبة تحتفل بها ، ومنهم من تستضيفه دون مناسبة ، وإذا كانت وزارة الخارجية الصهيونية تستضيف القسم الأكبر من الضيوف ، إلا أنها ليست وحدها الجهة التي تلعب دور المضيف للمدعوين الأجانب .
وقد كان أهم ما ميز ضيوف دولة العدو الصهيوني خلال سنوات انتفاضة الأقصى ، أن دعوتهم تمت نتيجة دراسة واختيار ، فهم إما كانوا رجال سياسة ، وإما كانوا في مراكز السلطة ، وإما أن يكونوا قادة عسكريين أو نقابيين أو فنانين ، رجالا ونساء ، شبابا وطلابا ، المهم أن يتوفر فيهم من المؤهلات ما يجعلهم ، إن لم يكونوا اليوم فغدا ، أشخاصا مرموقين وذوي مكانة ونفوذ في بلادهم .