ابنة الجاسوس “إيلي كوهين” تنتقد السياسة الصهيونية حيال سورية
المجد:
وجهت صوفي بن دور، 48 عاما، ابنة ايلي كوهين الجاسوس الاسرائيلي الذي أعدم في سورية، انتقادات لاذعة للسياسة الاسرائيلية الرسمية، التي تطالب دمشق ببادرة انسانية لاعادة رفات والدها، وفي الوقت نفسه تستفز سورية بعمليات عسكرية.
وقالت بن دور، في مقابلة نشرت في صحيفة «معاريف»، ان اسرائيل تدير سياسة خاطئة تجاه سورية منذ مؤتمر مدريد للسلام في سنة 1991. وانها تحدثت عن رغبتها في السلام مع سورية طوال الوقت لكنها أرسلت الطائرات الاسرائيلية العسكرية لتحوم فوق الأراضي السورية وأقدمت على عدة استفزازات عسكرية أخرى ضدها. ووجهت انتقاداتها بشكل خاص الى حكومة ايهود أولمرت الحالية، التي «تدعي انها تلاحق مسألة إعادة رفات والدي المدفون في سورية وتطالب دمشق بالقيام ببادرة انسانية كهذه ولكنها في الواقع لا تشجع سورية على الأمر، و«تدير مع سورية مفاوضات سلام غير مباشرة في تركيا وفي الوقت نفسه تنتهك حرمات هذه الدولة». وتساءلت: «كيف يمكن لسورية أن تتجاوب مع الطلب وهي تتعرض لمثل هذه الاستفزازات؟».
يذكر ان ايلي كوهين هو مواطن اسرائيلي يهودي من أصل مصري. وتجند لجهاز «الموساد» (المخابرات الاسرائيلية الخارجية) في نهاية الخمسينيات. ولم يخبر زوجته، وهي يهودية من أصل عراقي، بطبيعة عمله. واختفى عن أنظارها في سنة 1961 بدعوى انه كلف بمهمة عسكرية سرية في أوروبا. وفي الواقع كان قد أرسل الى الأرجنتين حيث حمل جواز سفر سوري مزور باسم كمال أمين ثابت. وراح يقدم نفسه كرجل أعمال سوري. وتحت هذا الاسم، وبعد تسعة أشهر من تثبيت هذه الشخصية، تعرف خلالها على شخصيات سورية عديدة، توجه الى دمشق بالادعاء انه قرر العودة الى بلاده لإدارة أعماله من هناك. ونجحت خطته بالفعل، واقام في دمشق وتصادق مع عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية السورية وأصبح معروفا في مقر الرئاسة ومختلف الوزارات. وحسب المؤرخين الاسرائيليين فقد زار اسرائيل خمس مرات بعد ان عاد الى سورية. وكان يرسل المعلومات عبر أجهزة لاسلكي متطورة، وبفضل هذه المعلومات، تمكنت اسرائيل في حرب 1967 من قصف مواقع سرية للجيش السوري.
وضبط كوهين في مطلع عام 1965. وحسب رواية اسرائيلية جديدة، فقد كشفه خبراء سوفيات في شؤون التجسس، إذ انه كان يسكن قرب عدد من المواقع العسكرية. وكانت مكالماته تشوش على اللاسلكي الذي يستخدمه الجيش السوري، فطلبوا مساعدة السوفيات، فاكتشفوه. ثم حاكموه بسرعة وأدانوه وبعد أربعة أشهر أعدموه. وكما قال منذر الموصلي، مدير ديوان الرئيس (أمين الحافظ) في حينه، خلال مقابلة مع تلفزيون «العربية»، فإن السلطات السورية خشيت من أن تقوم اسرائيل بعملية عسكرية لتحرير ايلي كوهين، أو خطف جثمانه، فقد أعدم بسرية ودفن ثلاث مرات بنفس السرية، ولذلك فإن مكان رفاته غير معروف. وتقول صوفي بن دور انها لا تصدق ان مكانه غير معروف واعتبرت هذا الادعاء «ساديا بشعا». وقالت ان سورية لا تتعامل بانسانية في هذه القضية الانسانية.
ورفضت بن دور التعامل مع قضية والدها على الشكل الذي يظهرونه في اسرائيل باعتباره «بطلا قوميا أسطوريا». وقالت: «أنا طفلة فقدت والدها وحرمت من حنان الأبوة. وأعيش اليوم مع شقيقتي وشقيقي. فشلت في زواجي. حياتنا مريرة للغاية. وكل ما يهمنا اليوم هو الجانب الانساني، أن نعيد رفات والدنا الى البلاد ليكون هناك قبر نزوره ونعرف ان لنا أثرا ما من والدنا». وكشفت بن دور ان «الموساد» أقام نظاما متكاملا لخداعها وخداع والدتها وبقية أفراد العائلة. فقد كانوا يكتبون رسائل باسم ايلي كوهين الى زوجته ويزعمون انها رسائل منه. وأضافت: «نحن ووالدتي كنا نعيش لسنين طويلة على مضمون تلك الرسائل. نقرأها ونتأثر بها ونردد ما جاء فيها، واليوم نشعر بأننا كنا نعيش على وهم وأكاذيب، وهذا قاتل. اننا نشعر كما لو اننا تعرضنا للاعدام مثل والدنا
صحيفة الشرق الأوسط
15/10/2008