الإعلام الصهيوني وتسويق الأكاذيب وترويجها-الجزء السابع
المجد
أن يتم تشويه الحقيقة ، واختلاق كذبة لتصبح حقيقة في الإعلام الصهيوني، ليس أمرا غريبا أو خارجا عن نطاق الممارسات السياسية الإسرائيلية ، بل يدخل في صلبها ، وهذا أسلوب يؤكد أن القاتل لم يجد ملجأ يسوغ من خلاله ممارساته إلا بالافتراء على الضحية عبر اتهامها بأنها سبب الجريمة التي استحقها ، ولعلنا نذكر المقولة الشهيرة لغولدا مائير حين قالت : لن أسامح الفلسطينيين لأنهم يجبرون جنودنا على قتلهم.
ومن الأساليب التي انتهجتها وسائل الإعلام لتسويق الأكاذيب وترويجها :
– عمدت وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة إلى استخدام صيغة المبني للمجهول ، كما في كلمة ( قتل ) لإبقاء الفاعل مجهولا ، ومن أجل تقليل مسؤولية الجيش ، فأحداث العدوان التي يتم ارتكابها ضد الفلسطينيين ، تعرض كأحداث ( حصلت ببساطة ) ، وهي معادلة تركز على النتيجة وليس على الشخص المتضرر من الحدث .
– تعمد وسائل الإعلام إلى اعتماد عدد من الروايات المختلفة ، وربما المتناقضة لحادث واحد ، رغبة منها في وضع المتلقي بين عشرات علامات الاستفهام حول أي من هذه الروايات الأصح ، إن كان فيها شيء من الصحة أصلا .
– التشكيك بمقتل بعض الفلسطينيين على أيدي الجنود الإسرائيليين والمستوطنين ، من خلال تلفيق الأكاذيب حول ظروف استشهادهم ، ومن ذلك ما صرح وزير الخارجية السابق شمعون بيريز الذي صرح أن التلفزيون الفلسطيني يبث صورا لأشخاص أصيبوا في حوادث طرق ، ويعرضهم وكأنهم أصيبوا بجراح خلال الاشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية .
ومن أبرز هذه الحالات :
• حادثة إعدام الطفل محمد الدرة : الذي استشهد بتاريخ 30/9/2000 ، بأنه سقط في تقاطع نيران بين المسلحين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين ، فرغم أن الصورة التراجيدية قد مزقت الكثير من سطوة الإعلام الإسرائيلي ، فما كان منه إلا أن خاض حربا إعلامية لتبرير عنصريته ، فعمل على تسويق الأكاذيب التالية :
– أن الطفل قتل برصاص الفلسطينيين .
– ثم قيل أنه سقط في تقاطع نيران .
– أن الطفل كان مشاغبا مؤذيا جلب الموت لنفسه .
– الصيغة الرابعة جاءت في صيغة سؤال : ماذا كان الطفل يفعل هناك ؟ بصيغة استفهامية ….
• حادثة استشهاد الرضيعة إيمان حجو : التي استشهدت بتاريخ 7/5/2001 ، حيث أوردت مختلف وسال الإعلام الإسرائيلية رواية مشابهة تمحورت حول سقوط حجو بنيران الجيش الإسرائيلي ردا على إطلاق قذائف هاون باتجاه المستوطنات جنوب القطاع ، موردة أسف المسئولين الرسميين على مقتل الطفلة التي سقطت خلال تبادل لإطلاق النار بين جيش الدفاع وعناصر فلسطينية ، وتصريح آخر لوزير الدفاع الذي قال إن مقتل حجو جاء نتيجة لنيران غير متعمدة .
– اختلاق أكذوبة التوازن الخاطئ ، بين المحتل والشعب الواقع تحت الاحتلال ، بين القاتل والمقتول ، بين ضدين لا يلتقيان إلا في إطار جدلية الصراع ، ومقارعة بعضهما الآخر .
ومن الممكن الاستدلال ببعض الأمثلة على هذه الأكاذيب :
– حادث مقتل عنصرين من الوحدات الخاصة التي حاولت التسلل إلى مدينة رام الله في بداية الانتفاضة ، وتصويره وكأنه مثال للبربرية الفلسطينية ، وتوزيع صور مقتلهما على شاشات التلفاز العالمية .
– درجت وسائل الإعلام على التصريح بسماح السلطات العسكرية لآلاف العمال الفلسطينيين بالدخول إلى الخط الأخضر ، كجزء من سياسة التسهيلات الإنسانية التي تتبعها هذه السلطات ، إلا أن الواقع كان كثيرا ما يكذب هذه الأنباء .
– أشاعت وسائل الإعلام أن سيارات الإسعاف الفلسطينية تقل مسلحين فلسطينيين يستغلون المهمة الإنسانية لهذه السيارات للوصول إلى أهدافهم بقتل الجنود الإسرائيليين ، وإن جنود الاحتلال قلما يردون على مصادر النيران هذه الآتية من سيارات الإسعاف بسبب خشيتها من إصابة هذه السيارات !
ووصل الاتهام مؤخرا أن الاستشهاديين يستغلون سيارات الإسعاف وحرية الحركة التي تتمتع بها ، لاستغلالها والوصول إلى أهدافهم باجتياز الحواجز العسكرية .
– يصور الأطفال الفلسطينيون الذين يشاركون في المظاهرات ويلقون الحجارة ، في وسائل الإعلام الإسرائيلية على أنهم ( كتائب) بيد السلطة والمنظمات الفلسطينية ، ويدفعون إلى موتهم دفعا لجني مكاسب سياسية .
وبعد أن قتل أطفال في حادثة اغتيال قيادات حماس في مدينة نابلس في نهاية يوليو 2001 ، قال رعنان غيسين: ليس من المستبعد أن تكون حماس تقوم باستغلال الأطفال ” كتروس دفاعية حية ” ، لأنها كانت على الدوام تجند الأطفال لساحة المعركة .