الإعلام الصهيوني وانتهاج سياسة لوم الضحية الفلسطيني
المجد
يمارس الإعلام الصهيوني منذ انطلاق الانتفاضة ، سياسة غريبة قامت على لوم الضحايا الفلسطينيين ، ليس لأن آلة القتل الصهيونية حصدتهم جماعات وفرادى ، بل لأن أجسادهم تصدت للرصاص الصهيوني ، كما جاء على لسان أحد الصحفيين الصهاينة ، أن الإعلام الصهيوني لا يبالي بقتل الضحية الفلسطيني ، بل بتعب الجلاد ( الصهيوني ) في قتلها ، فالإعلام إذا لا ينظر إلى الجثة الهامدة ، وإنما يفكر كم أتعبه قتل هذه الضحية !!!
وقد تبني هذه السياسة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي أكد في مقال شهير له أن جيش الاحتلال الصهيوني يحرص على توجيه أعماله بقصد الدفاع عن النفس ضد المسلحين ومن يرسلهم ، وإذا ما قتل أطفال أو أبرياء آخرون ، فهذا نتيجة لهذه الأعمال ، أو نتيجة خطأ محض ، فقط !!
ووردت تعليقات صهيونية مختلفة تبرر مقتل الفلسطينيين ، تشير إلى عدم وجود ما يعرف بالحرب النظيفة ، وبالتالي لا يجب على العدو الصهيوني أن تتأسف على الإصابة غير المقصودة بالمدنيين الفلسطينيين في إطار حربها ضد الإرهاب.
خاصة وأن الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب الفلسطيني هي حرب شاملة ، كما أن السكان المدنيين الذين يقدمون المأوى والدعم للمخربين ، لا يستحقون أن يطلق عليهم اصطلاح الأبرياء ، ولذلك فإنه لا ينبغي ذرف الدموع والتأسي على الإصابة غير المقصودة ضدهم.
ليس هذا فقط ، بل إن ما حدث في جنين كان مدار بحث ونقاش أكاديميين لدى المؤسسات الإعلامية الصهيونية ، فقد جرى يوم دراسي نظمه مركز يافي للدراسات الاستراتيجية بعنوان : استراتيجية الإعلام الصهيوني : جنين مثالا ، وكان خلاصته أن ما حدث في المدينة من دمار ومعاناة للفلسطينيين ، لا نستطيع تجاهله ، ولكن يجب أن نعلم أن ذلك نتيجة ذنب المخربين الانتحاريين الذين كانت جنين ” عاصمتهم ” والذين حولوا السكان المدنيين إلى دروع بشرية !
ولعل أكبر مثال على إتباع هذه السياسة ، الأمثلة التالية :
– ما يحدث في مدينة الخليل بين الفلسطينيين والمستوطنين ، حيث تنتهج وسائل الإعلام طريقة شبه موحدة في وصف الأحداث هناك خلال الانتفاضة ، كما يلي :
تراشق عشرات من الشبان الفلسطينيين والمستوطنين بالحجارة قرب ( كريات أربع ) في الخليل ، مما أسفر عن إصابة عدد من الشبان الفلسطينيين ، ولسبب لم يعرف بعد !! فيما الحقيقة أن غالبية المواجهات تنجم عن اعتداء يشنه المستوطنون على منازل الفلسطينيين ومحلاتهم التجارية ، وفي الوقت الذي يواصل فيه المستوطنون إلقاء بالونات الغاز على الفلسطينيين وإحراق محلاتهم ، تصور وسائل الإعلام الصهيونية هذه الممارسات بقولها : المستوطنون اليهود يواصلون احتجاجاتهم في الخليل !
– مع قرب احتفالات مدينة بيت لحم بأعياد الميلاد في نهاية عام 2000 أورد التلفزيون الصهيوني تقريرا عن المدينة ، عارضا لصور المحلات التجارية الخالية من الزبائن ، وإلقاء اللوم في تدهور الوضع السياحي على الفلسطينيين ، وفي الوقت الذي أورد التقرير أن سلطات الجيش سمحت لجميع المسيحيين والسياح بدخول المدينة دون أي قيود أو تصاريح رسمية ، فقد فندت بعض الفضائيات هذه المزاعم بسبب وجود الحواجز العسكرية على مداخل المدينة .
– أوردت صحيفة هآرتس صورة تظهر جنديا صهيونيا يقوم بدفع مسن فلسطيني لا حول له ولا قوة يستند على عكاز ، حيث ثارت ثائرة عدد من الكتاب الصهاينة الذين اتهموا هذا المسن ابن الـ72 عاما بمحاولة اختطاف سلاح الجندي الذي يعتمر خوذة ومسلح ببندقية متطورة !!
– أجرى التلفزيون الصهيوني لقاء مع حسين الشيخ أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية ، بعد حادث مقتل حارس مكاتب التأمين الوطني في القدس ، وقد طلبت منه المذيعة ( غيئولا إيفن ) الانتظار لمشاهدة مقابلة مع زوجة الحارس ، على نسق مواجهة ( الضحية لجلادها ) وسألته ماذا تقول لهذه المرأة ؟ وبهذا يتحول الضحية ( الفلسطيني ) مسئولا عن مأساة هذه المرأة والعائلة !!
وبالتالي فقد استخدمت الاستراتيجية الإعلامية الصهيونية أسلوب لوم الضحية في حالات الاستخدام المفرط للقوة الذي تقوم به قوات الاحتلال ضد الجماعة المحرومة ( الفلسطينيين ) ، وبالتالي فإن نشر التقارير حول العنف الرسمي الذي تنفذه الدولة ضد هؤلاء كان يتلازم مع معلومات تحاول تبرير تلك الأعمال ، مثل المعلومات المفصلة حول العنف ضد قوات الأمن ، إضافة إلى الاتهام بأن أعضاء الجماعة المحرومة ( الأبرياء ) كانوا يبيتون نية الهجوم .