حينما تصبح الخيانة شرفا يفتخر به
الخيانة شيء قبيح قذر نكرهه ويكرهه كل الشرفاء والمخلصين، والخيانة عندنا نحن العرب والمسلمين عار وذل ومهانة ولا يقبل بها أي حر شريف مهما كانت الظروف ومهما كانت العواقب , ولقد كان الخونة فيما سبق يستترون من الناس ويحاولون جاهدين دفع الشبهات عنهم .
لكن اليوم ظهر نوع جديد من الخونة والعملاء هذا النوع قد حطم كل التقاليد المعروفة وأخذ هذا الصنف الجديد من العملاء يتباهى بالخيانة والعمالة ويفخر بها وكأنها أصبحت شرفا وعزا في غفلة من الزمن , وللأسف الشديد فإن هذا الصنف من الناس قد ملك زمام الأمور في بعض البلدان ومنها تلك الأرض الطيبة المباركة أرض فلسطين الحبيبة .
أمثال هؤلاء المدعو ذياب العلى قائد قوات الأمن الفلسطيني _ أقصد الصهيوني _ بالضفة الغربية والذي خرج علينا بتصريحات لا يقولها إلا من خلع رداء الكرامة والعزة فقد قال هذا الرجل لصحيفة هآرتس العبرية أنا أرفض إطلاق النار على اليهود وإنه بيننا وبين إسرائيل تعاون، وقد أحبطنا هذه السنة عشرات العمليات ضد القوات الإسرائيلية، واعتقلنا عدة خلايا ـ فدائية فلسطينية ـ كانت تعتزم العمل ضد إسرائيل، وأقمنا قيادة موحدة لمنع عناصر حماس من التسلل إلى مناطق نفوذنا وأكد العلي على أنّ التعاون الأمني بين الأجهزة العسكرية الخاضعة لحركة فتح وبين الإسرائيليين والأمريكيين يتم بشكل علني.
كما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط في عددها بتاريخ 28/10/2008 أن العميد سميح الصيفي قائد منطقة الخليل أكد لمراسلها اعتقال مجموعات مسلحة خارجة عن القانون , وتنظر السلطة إلى كل جماعة مسلحة على أنها “خارجة عن القانون” مهما كانت انتماءاتها أو دوافعها. وقال “نحن واضحون ونعمل ضد الخارجين عن القانون وتجار المخدرات واللصوص والفئات المسلحة التابعة لأي جهة والتي تحمل أي سلاح” وأضاف “أي سلاح غير سلاح الأجهزة الأمنية، غير شرعي “. وتابع “نحن استهدفنا سلاحا غير شرعي مع جماعات مسلحة كان هدفها الإرهاب وتخزن المتفجرات في أماكن سكانية مأهولة”. ويهزأ الصيفي من اتهامات حماس لأجهزته بالتنسيق مع الإسرائيليين , وقال “أنا وين بشتغل ، أنا عسكري في السلطة ولا يحق لي بعد الانتفاضة أن أحرك قواتي بدون التنسيق مع الإسرائيليين ، يجب أن يكون هناك تنسيق وهذا واقع ” . وتابع ” ثم أليس هناك تنسيق بين حماس وإسرائيل ، كيف يغادرون رفح ؟ “.
هكذا بكل بساطة يتحدث قادة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية عن التنسيق مع الاحتلال وكأنه شيء جميل يدعو للفخر والاعتزاز , هكذا بكل بساطة يتحدثون عن الخيانة وكأنها صارت ضرورة حياتية لا يمكن العيش بدونها , بكل بجاحة وحماقة ووقاحة يتحدث هؤلاء الشرذمة عن التنسيق الأمني وكأنه أمر واقع وعلني علينا أن نرضى به , هذه الشرذمة التي يتبرأ منها الإسلام ومن أفعالها ويتبرأ منها الشعب الفلسطيني ومن أفعالها ويتبرأ منها كل مسلم شريف مهما كان انتماءه السياسي أو اتجاهه الفكري .
حينما تصبح الخيانة شرف يفتخر البعض بها فلنعلم أن هؤلاء الذين يفتخرون بالمقاومة قد فقدوا أبسط معاني الإنسانية وأبسط معاني الكرامة والعزة وفقدوا كذلك كل خلق حسن وتخلقوا بكل ما هو قبيح من الأخلاق والمذموم الصفات.
هذا الأمر يوضح ويؤكد لنا عدة أمور كانت ولا تزال محل جدال حتى يومنا هذا منها :-
1/ أن قرار حركة المقاومة الإسلامية حماس بدخول الانتخابات التشريعية في عام 2006 لم يكن قرارا خاطئا بل كان قرارا صحيحا بكل ما تحمل الكلمة من معنى وما حدث من اقتتال فلسطيني بعد فوز حركة حماس ليس بسبب فوز حماس ولكن هذا الاقتتال كان سيحدث سواء دخلت حماس الانتخابات أم لم تدخل وسواء فازت حماس أم خسرت بل لو لم تدخل حماس الانتخابات لربما نشبت حرب أهلية بمعنى الكلمة وذلك لأن حماس ما كانت لتسكت على هذا التنسيق الذي كان موجودا وكان يخطط أن يكون بصورة أكبر في قطاع غزة , وهناك أمر آخر لقد كانت المؤامرات تحاك لحماس في قطاع غزة بعد الانتخابات وهي في السلطة وجزء منها فماذا لو كانت خارج السلطة نهائيا ؟
2/ أن الاقتتال بين فتح وحماس ليس اقتتالا على سلطة ومناصب كما يحلو للكثير أن يصوره ولكنه صراع بين الحق والباطل صراح بين المقاومة متمثلة في حركة حماس، والخيانة والعمالة متمثلا في فتح وأجهزتها الأمنية , هذا الصراع الذي استعملت فيه حركة فتح وأجهزتها كل ما هو قذر وقبيح من الأسلحة للقضاء على حركة حماس.
3/ أن عملية الحسم العسكري التي قامت بها حركة حماس وجناحها المسلح كتائب الشهيد عز الدين القسام في قطاع غزة كانت خطوة لابد منها لإنقاذ قطاع غزة من تنسيق أمنى مثل الذي يحدث اليوم بالضفة الغربية والذي يتباهى به فئران الأجهزة الأمنية الصهيوفلسطينية .