عين على العدو

في ذكرى يوم الأسير ..إذ تنعدم الإنسانية

 


قد يعجز الإنسان كاتباً أو شاعراً أو أياً كان أن يمتاز بقلمه ليضع تفصيل أو حتى توصيف دقيق لما آلت له وتؤول كل يوم حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، كما أنه من العيب أن نتحدث فقط عن أسرى في سجون الصهاينة، متناسين مليون ونصف من الأسرى في حصار قطاع غزة المنكوب “على رأي جامعة الدول العربية”.


ففي يوم عزيز على قلب كل فلسطيني يهوى ويتمنى الحرية ويعشق أن يعيش بكرامة، تمُر ذكرى يوم الأسير الفلسطيني والتي تصادف “السابع عشر من شهر نيسان” من كل عام، تمُر تلك الذكرى لتفتح في وجدان الشعب الفلسطيني جُرحاً عميقاً، هذا الجرح الذي ما كان له أن يستمر لولا ضعف وهوان وخذلان القريب والبعيد لشعب الأسرى والشهداء شعب فلسطين، في ذكرى يوم الأسير يتراءى أمام ناظري العالم كيف تنعدم الإنسانية ويغيّب الضمير، بل ويموت الضمير في جريمة يندى لها الجبين العالمي، هذا العالم الذي يرتعد خوفاً من أمريكا و(إسرائيل) فلا إنساني إلا ما تعتبره أمريكا إنساني، ولا أخلاقي إلا ما تعتبره أمريكا أخلاقي، ولا حق إلا ما تعتبره أمريكا حقاً، ولا إرهاب إلا ما تعتبره أمريكا إرهاباً، والعالم تسوقه أمريكا كقطيع من الغنم، هذا العالم الذي انعدمت لديه البصيرة، وقطع لسانه ولم ينبس ببنت شفة حين أقدم أرذال أهل الأرض الصهاينة على جريمة مروعة بحق الإنسانية فأسر الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، وبحق الديمقراطية التي شهد لها العالم فاختطف هذا الاحتلال البغيض ما يقارب من “خمسين نائباً فلسطينياً منتخباً” من قلب بيوتهم، ومن بين أحضان أبنائهم ولا مغيث ولا حتى استنكار أو إدانة.


 ومجلس الأمن الذي ينعقد في لحظات لإدانة أي عمل يمس أمريكا أو (إسرائيل) لم يجتمع بشأن الأسرى والنواب المختطفين في فلسطين حتى اليوم، ولكن معذرة الى مجلس الأمن، فكيف لنا أن ندين صمت الأمم في مجلس الأمن غاضين الطرف عن صمت من يدعي أنه فلسطيني ويصول ويجول متحدثاً باسم الشعب الفلسطيني، الشعب الذي انتخب نواباً هم الآن مختطفون ليس له أن يتحدث باسم الشعب ما داموا في الاختطاف، فالرئيس الفلسطيني التي يجتمع مع الصهاينة  أسبوعياً لم يتطرق في لقاء واحد إلى موضوع النواب المختطفين، ولا الأسرى، ولم نسمع في يوم أن الرئيس عباس يطالب بقوة إطلاق سراح الأسرى من كل الفصائل أوالنواب في سجون الصهاينة، أما عن الأشقاء العرب فحدث ولا حرج فلم نسمع قائداً عربياً واحداً تحدث عن الأسرى والنواب المختطفين في سجون الصهاينة في أي من لقاءاته الدولية أوالإقليمية أو العربية، ولا حتى في أي مؤتمر صحفي له، أما عن شاليط- هذا الجندي الصهيوني الأسير لدى المقاومة الفلسطينية- فعشرات الوفود تزور دمشق المحاصرة جزئياً والمعزولة دولياً وإقليمياً وحتى عربياً للقاء رئيس المكتب السياسي لحماس، الأستاذ خالد مشعل من أجل الاطمئنان على صحته، يا للعار من أمة عربية ضحكت من عجزها الأمم، ناهيك عن عشرات الدول التي تبرعت من أجل الدخول كوسيط للإفراج عن شاليط في صفقة مع حركة حماس، كل هذا ولم تتحرك دولة واحدة في هذا العالم كي تتوسط لدى الصهاينة للإفراج عن نواب فلسطينيين منتخبين ديمقراطياً عبر انتخابات شفافة شهِد لها العالم حتى أمريكا نفسها.


وليس بعيداً عن النواب وعشرات الأسرى أخواتنا الأسيرات وهن يصرخن “واعربااااه” ولا مجيب، ثم المرضى من الأسرى وهم يمنعون من العلاج، أما عن الأطفال في سجون الصهاينة الذين يبكون دماً يا أهل الديمقراطية يا من تنظرون الى دولة الإجرام بأنها دولة ديمقراطية كيف لها أن تكون كذلك، وهي تختطف الأطفال وتحتجزهم إدارياً من دون محاكمات أم أنها ديمقراطية “موس الكباس” .


وليس أخيراً قطاع غزة الذي لا يُعرف أهله هل هم من بين الأحياء أم هم من بين الأموات، والذي يطبِق عليه حصار لم يشهد له العالم مثيل، هذا الحصار جاء لأن أهل قطاع غزة يرفضون أن ينبطحوا كما انبطح الآخرون، ولأن أهله ما زالوا يؤمنون بالمقاومة التي “عفا عليها الزمن” من وجه نظر العرب وأهل المقاطعة في رام الله، تلك المقاومة التي تُذبح في شوارع وقرى ومُدن الضفة الغربية على أيدي الأجهزة التي تُسمى فلسطينية “أجهزة دايتون”، والتي استطاعت أمريكا أن تحولها إلى أجهزة الدفاع الأول عن أمن وسلامة الصهاينة، فيما الرئيس عباس يجتمع مع رجل السلام الأول في المنطقة رئيس الوزراء الصهيوني أيهود أولمرت، متوسلاً له أن يعطيه شيئاً يرفع من شعبيته ويعد انجازاً، فوافق الأخير على تفكيك خمسين حاجزاً تبين بعدها أن تسعة وأربعين منها ترابي، والأخير في رام الله يا له من إنجاز بعد أربعة أشهر من المفاوضات.


ثم يا للعيب تُضرب الحياة في قطاع غزة فيما ينتظر الرئيس مع الصهاينة السلام وهو واثق ومتفائل من ذلك في نهاية العام، وهنا أقول للرئيس بأنه يحتاج الى عمر آخر فوق عمره الذي تعدى الستين، ولن يحصل على السلام مع الصهاينة، يا أيها الشعب الفلسطيني انتبه؟! ما حك جلدك مثل ظفرك…فتولّ أنت جميع أمرك، يا شعبي العظيم إنك تعيش في وسط عالم تنعدم فيه الانسانية فبادر إنك قادر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى