ظواهر إعلامية في الإعلام الصهيوني-ج12
هناك دوائر ثلاث تضبط العلاقة بين وسائل الإعلام والسلطة في الكيان الصهيوني، وهي :
1- هيئة رؤساء التحرير،
2- المراسلون العسكريون ، ممن يملكون ماضيا عسكريا معروفا،
3- المراسلون السياسيون ، الذين يمتلكون علاقات مؤثرة مع المسئولين ، ويعتبرون بمثابة مستشارين لهم .
وتعمل هذه الدوائر وفق أسلوب تحقيق التوازن وتوزيع المعلومات حسب التخصصات والقدرات ، ونتيجة لذلك تقل الضغوطات على الإعلاميين إلى حد كبير .
ويلعب المراسلون الصحفيون والإعلاميون الإسرائيليون دورا خطيرا ومهما في المعركة الإعلامية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني ، ورغم محاولات كثير منهم لإقناع الرأي العام ، لاسيما الفلسطيني منه ، بحيادية تقاريرهم ، وبأنهم لا يمثلون الذراع الدعائي للحكومة الإسرائيلية بمختلف أجهزتها.
إلا أن تغطية أحداث الانتفاضة ، أكدت الحقيقة التي يحاولون إنكارها ، ولعل أبلغ ما قيل في هذا السياق ، ما ذكره توماس فريدمان الكاتب الأميركي الشهير والمقرب من الدوائر اليهودية في الولايات المتحدة : إن جزءا من الصحافة الإسرائيلية تسيره دوافع أيديولوجية.
ففي بعض الأحيان يعمد المراسل والذي مهمته نقل الأخبار ، إلى دمج الخبر وابتاعه بالتحليلات ، والنتيجة تكون خليطا من الحقائق ، وهذا يعني أن تقليد التقارير الموضوعية ليس راسخا في الإعلام الإسرائيلي .
وقد وجد ذلك طريقه إلى الترجمة العملية من خلال :
– يرتأى العديد من المراسلين نقل نصف الحدث للمستمعين أو القراء أو المشاهدين ، أما النصف الآخر فيترك لفبركة القائمين على العملية الإعلامية ككل ، بهدف التضليل ، وإيجاد حالة من التشويش ، وصناعة أكثر من رواية للحدث .
– غالبا ما يبدأ المراسلون تقاريرهم بسرد قصص أقرب ما تكون إلى الخيال عن حوادث إطلاق النار على مواقع إسرائيلية ثابتة أو متحركة.
وقد أشار البروفيسور شلومو زند المحاضر في قسم التاريخ في جامعة تل أبيب أنه منذ الأيام الأولى لبداية الانتفاضة ، لاحظ أن معظم الصحفيين الإسرائيليين من اليسار واليمين ، يندفعون إلى مواقف أطلق عليها مواقف قومية متلهفة.
وردا على سؤال إذا كان يقصد المراسلين العسكريين ، قال : لا يفاجئني المراسلون العسكريون ، فلم أتوقع من روني دانيئيل ، المراسل العسكري للقناة الثانية ، ولا من ألون بن دافيد المراسل العسكري للقناة الأولى ، شيئا آخر ، لأن وجودهما ومكانتهما مستمدان من معلومات تصدر عن عسكريين إسرائيليين ، إلا أن ما فاجأني ظاهرة ( إيهود يعاري ) محرر الشؤون العربية في القناة الثانية ، فهو يجلس كل مساء أمام الشاشة ، مع ثقة غير عادية بالنفس ويقرر كل ما يجري على الأرض ، قبل أن يعرف عرفات.
المشكلة أن يعاري لم يعد يتكلم بلهجة حيادية ، أسوة بمعظم المراسلين والمذيعين في الراديو والتلفزيون الذين تحولوا إلى محرضين وملتصقين بجهاز الدولة !