عين على العدو

جيش الانتقام الإسرائيلي

 


يوني مندل- موقع “والا” الألكتروني..


ترجمة عرب48 


أتاحت القناة التلفزيونية الثانية يوم أمس، لمشاهديها النظر إلى مشهد نادر وصورت ضابطا إسرائيليا وهو يصدر التعليمات للجنود قبل التوغل في قطاع غزة. وعرض المراسل العسكري، روني دانئيل، تلك المشاهد في برنامج “ستة مع”.


كان الرائد داني جاهزا للقتال وتحدث وظهره للكاميرا. وكانت أقواله مليئة بروح القتال، أو كما يطلق عليها في الجيش- قيم القتال. ولكن بنظري يمثل ذلك الضابط وجنوده فقدان القيم لا أكثر، قيم الجيش وقيم الدولة.


” قتل في المواجهات مع ثلاثة مخربين فلسطينيين ثلاثة من سرية تسبر” ، قال الرائد داني. “هذا شيء لا يمكننا تقبله. قال الكلمات بصوت أجش واستمع الجنود إلى كلماته، ولكنه لم يذكر حقيقة كون الجنود قد قتلوا في عملية بمبادرة الجيش في عمق قطاع غزة، فهذه أشياء لا ينبغي ذكرها. وحقيقة كون العملية التي قتلوا فيها، ككثير من العمليات، ستؤدي فقط إلى إشعال القطاع، لم يتم الإشارة إليها. والادعاء أن للجيش لا يوجد حل لصواريخ القسام لم ترد في التعليمات، ناهيك عن عدم الإتيان على ذكر تداعيات العملية على حياة الفلسطينيين، وعلى حياتنا نحن. أمور من هذا النوع لا تذكر. فقد تؤدي إلى المس بوحدة ورجولة هؤلاء الخارجين إلى المعركة في حرب يوجد فيها أموات فقط.


وتابع الرائد داني، بحماس: “مهمتنا هي التوغل إلى الداخل والسيطرة على المنطقة، وتمشيطها، وإخراج كافة الرجال، والبحث عن بيوت ذات نشاط معاد، والبحث عن مخربين وقتل أكبر عدد من المخربين”.


بعد ساعات أوردت مواقع الأخبار نتائج العمليات العسكرية: قتل 15 فلسطينيا، من بينهم 12 مدنيا- من بينهم أربعة أطفال، وتلك كانت نتائج “قتل أكبر عدد ممكن من المخربين”. سيدعي الجيش بالتأكيد في وقت لاحق أن المسؤولية عن مقتل الأطفال تقع على عاتق الفلسطينيين، وأن المدنيين ليسوا مدنيين، وأن المسلحين هم قادة كبار في الجهاد الإسلامي. وقد ينطلي ذلك على البعض بفضل البيانات العسكرية المهنية إلى حد كبير، ولكن لدى آخرين سيسود شك كبير، بما في ذلك أن هذا الجيش، الذي يسمى جيش الدفاع الإسرائيلي منشغل فقط بالهجوم.


وتابع الرائد داني، بطريقته للدفاع عن الدولة: ” سرية تسبر تلك التي تعرضت للهجوم ستدخل مع دي9(جرافات عسكرية ضخمة)، لتجريف كافة البيارات المتواجدة هناك، وكل الكروم، والبيوت ستنزل وستمحى”. ولكنه لم يتوقف هنا: “يجب أن يفهم الفلسطينيون ” قال الرائد داني، أننا لا يمكننا قبول أحداث من هذا النوع، لا يمكننا وغير مستعدين. ولم يتوقف الضابط المحارب طبعا عند احتمالات أن تؤدي تلك العمليات إلى زيادة التحفيز لدى الفلسطينيين للمس بالجنود وبإسرائيل، وستوسع فقط دائرة الملتحقين بالتنظيمات المسلحة، ويتضح، حسب طريقة التفكير العسكرية، أن تدمير المنازل والبيارات هي طريقة مثلى لتحسين سلوك السكان في قطاع غزة.


ولكن ثمة شك في أن التدمير الرهيب الذي تركه الجنود و12 مدنيا الذين قتلوا حقا «علمت الفلسطينيين أننا لا يمكننا تقبل أحداث من هذا النوع». ومن المرجح أن تكون العملية في غزة يوم أمس أثبتت أن آلاف الاجتياحات في قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، لم تعلم قادة الجيش والقيادة الإسرائيلية شيئا . لم يتعلموا أن للمشاكل السياسية يوجد حلول سياسية، وأن العمليات العسكرية لديها بالأساس قدرة خاصة لتحقيق ذاتها بعمليات أخرى وبعدة اجتياحات ومزيد من القتل. قد يكون تمجيد الرجل بالزي العسكري، مع جهاز الاتصال، والسلاح، وألوان التمويه على الوجه وكل ما يمثله، حولت السياسة الإسرائيلية وربما جميعنا لمشلولين.


كي يصبح القتلى الإسرائيليون الثلاثة يوم أمس آخر الجنود الذين يقتلون في المناطق المحتلة، يجب أن تتخذ الدولة والجيش قرارا: أن لا يدخل جنود الجيش مرة أخرى لقطاع غزة وللضفة الغربية، وأن تحاور إسرائيل أعداءها بجدية. ولكن كي يحصل ذلك كنا يوم أمس بحاجة إلى صراخ الجمهور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى