الأمن عبر التاريخ

الصفة الشرعية والأخلاقية العاشرة لرجل الأمن في الاسلام

 


الصفة الشرعية والأخلاقية العاشرة لرجل الأمن في الاسلام


 


قراءة في كتاب” رجل الأمن في الإسلام “- شروطه.. صفاته.. آدابه  للدكتور إبراهيم علي محمدأحمد


 


عاشراً: الأناة


وهي الحلم والوقار، ورجل آن :كثير الحلم . والمراد من الأناة هنا التمكن من الحلم ، وعدم الاستعجال في الأمور . ورجل الأمن إنما وضع للاصلاح فمتى ما تيسر له ذلك بالرفق والاناة كان خيراً له من التوصل إليه بالسلطة لأن الاصلاح بالحلم يغرس الصلاح في النفس ، والقلب أما الاصلاح بالعقوبة والشدة غالباً ما يكون ظاهرياً ، وعند التخلص من الرقابة ترى المرء عائداً إلى الفساد ، والانحراف مرة أخرى.


 


وهذا الرسول صاى الله عليه وسلم يضرب لنا  المثل الأعلى في التحلي بصفة الحلم التي أسلم بسببها الكثيرون . جاء في قصة إسلام زيد بن سعنة وهو صحابي كان من أحبار اليهود ما ملخصه أنه قال:” لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه محمد صاى الله عليه وسلم حيث نظرت إليه اثنين لم أخبرهما : يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً ، فلبثت  أتلطف له لان أخالطه فأعرف حلمه جهله، فابتعت منه تمراً إلى أجل  فأعطيته الثمن ، فلما كان قبل مجيء  الأجل بيومين أو ثلاثة اتيت محمداً صاى الله عليه وسلم  ، فأخذت بمجامع قميصه وردائه على عنقه ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت: ألا تقضيني يا محمد  حقي فو الله  إنكم يا بني عبد المطلب مطل.


فقال عمر: أي عدو الله تقول لرسول الله صاى الله عليه وسلم ما أسمع! فو الله لولا ما أحاذر فوته  لضربت بسيفي رأسك ، فقال رسول الله صاى الله عليه وسلم: أنا وهو كنا أحوج إلا غير هذا منك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء ، وتأمره بحسن اتباعه، ثم قال صاى الله عليه وسلم اذهب يا عمر فا


قضه حقه وزده عشرين صاعاً مكان ما روعته، ففعل ذلك عمر رضي الله عنه. قال زيد : فقلت يا عمر كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله صاى الله عليه وسلم ، حين نظرت إليه إلا اثنين لم أخبرهما: يسبق حلمه جهله ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً. فقد اختبرته بها فاشهد يا عمر أنني  قد رضيت بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمد صاى الله عليه وسلم نبياً”


وهكذا ينبغي ان يكون حال رجل الأمن المسلم فلأن يهدي الله به رجلاً واحداً خير له من حمر النعم.


ولا تعارض بين الأناة والغضب لله تعالى فرسول الله صاى الله عليه وسلم جمع بين الصفتين معاً ، ومعنى هذا ان رجل الامن إذا غضب لله سبحانه وتعالى ، يبقى حليماً متأنياً فلا يخرج عن طور المؤمن المرشد ، ولا يعاجل بالعقوبة إلا إذا تأكد ، أو غلب على ظنه انها العلاج الوحيد.


هذا الحلم مع المسلمين والمجتمع المسلم ، أما معتادو الاجرام والعملاء ومرتادو السجون فالأمر يختلف ، فلا بد من ان يكون رجل الامن كيساً فطناً ، فلا يضع الحلم مكان الجهل، والعفو مكان العقوبة او العكس ، فعليه ان يكون على قدر من الدقة في استخدام الصفة لأنها سلاح ذو حدين.


 


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى