عن أي وحدة وطنية يتحدث “الحِركيون” ؟
هناك مفاهيم و عبارات مضللة و خبيثة انتشرت منذ سنتين و حتى الآن و أصبحت قيد الاستخدام في جميع وسائل الإعلام المرئي و المسموع والمقروء , وربما كان أخطر هذه العبارات “انقسام الوحدة الوطنية الفلسطينية”, “الانقسام الداخلي الفلسطيني” و غيرها من العبارات التي توحي بوجود تجزئة أو انقسام في الصف الشعبي الفلسطيني, و أن الشعب الفلسطيني منقسم على نفسه وهو على وشك حرب أهلية, إضافة إلى توظيف عملية تنظيف غزة من الحثالات و تطهيرها من الجواسيس و قطاع الطرق أزلام عباس ومن ثم إحلال الأمن فيها, وتوظيف ذلك في مصلحة العدو الإسرائيلي وأعوانه “الأوسلويين”.
و تتجلى خطورة تفشي استخدام هذه المصطلحات في أنها تعطي للناس انطباعاً بأن نصف الفلسطينيين عملاء وجواسيس و هم أتباع حركة “فتح”, و النصف الآخر وطنيون و هم أتباع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وأن هناك شرخاً حاصلاً بين حركتي “فتح” و”حماس” على المناصب و الوزارات , ولكن الحقائق تفيد بأن هذا الكلام غير صحيح البتة من الجهة الإحصائية, والحقيقة أن الساحة الفلسطينية تشهد صراعاً بين فئة صغيرة نسبياً هم “الفتحاويون” و ذيولهم الماركسيون الذين استمرأوا المتاجرة السياسية و العمل ضد قضية فلسطين مقابل ملايين الدولارات التي يغدقها عليهم “الموساد” الإسرائيلي من الأموال الأميركية و وفق مخطط وضعه الجنرال الأميركي كيث دايتون لتصفية المقاومة, وبالتالي فإن هؤلاء “الفتحاويون” و ذيولهم الماركسية لا يمكن اعتبارهم فلسطينيين بأي حال من الأحوال, و في المقابل مجمل الشعب الفلسطيني الذي رسم أهدافاً واضحة لعل أهمها تحرير الأرض الفلسطينية كاملة و على رأسها القدس .
إن الوضع الحالي للفلسطينيين يشبه إلى حد بعيد الحالة الجزائرية من حيث التقسيم الشعبي وعليه فإن “الفتحاويين” الفلسطينيين يمكن أن نطلق عليهم اسم “الحِركيون”, ( والحركيون هؤلاء هم فئة من الجزائريين الذين عملوا في خدمة المستعمر الفرنسي ويقدر عددهم بنحو ثلاثين ألفاً و بعد جلاء الفرنسيين عن الجزائر رحلوا مع الجيش الفرنسي و مُنحوا الجنسية الفرنسية و هم الآن في فرنسا ويعاملهم الشعب الفرنسي باحتقار و يعتبرونهم خونة لبلادهم ), و ليس للشعب الفلسطيني أدنى شك في الدور الذي تلعبه حركة “فتح” في التنسيق الأمني و الاستخباراتي مع الإسرائيليين للقضاء على المقاومة الإسلامية, و الدلائل على ذلك التنسيق أكثر من أن تحصى, و تقوم تلك العلاقات على أساس أن يمارس “الفتحاويون” اعمال التجسس و التآمر على حركة “حماس” و كذلك على الدول العربية والإسلامية و بكل مهارة بهدف الحصول على منزلة الطفل المدلل لأمه أميركا و أبيه إسرائيل .
و المقاومة الباسلة الآن تجابه في أصعب الظروف العدو الإسرائيلي مدعوماً من الولايات المتحدة من جهة و العدو “الأوسلوي” ( حِركيو فلسطين ) مدعوماً من بعض الدول العربية من جهة أخرى, ومما يدعو للاطمئنان أن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الآن أقوى من أي وقت مضى و الفلسطينيون جميعاً يلتفون حول قيادة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” , وإن كان الشعب الفلسطيني قد انتخب “حماس” بأكثرية كبيرة فإنهم الآن مجمعون على السير وراء قيادة “حماس” الحكيمة والتي للمرة الأولى منذ ستين عاماً أعادت القضية الفلسطينية للمربع الأول و أن فلسطين كلها من البحر إلى النهر محتلة ولا مكان فيها للمناورات السياسية والتكتيكات “الفتحاوية” الرعناء أي وجود, و دليلنا على ذلك الصمود البطولي لأهلنا في غزة في ظل المجازر الإسرائيلية و في الوقت ذاته الصبر و الثبات الذي يبديه أهلنا في الضفة في وجه “الحِركيين الفتحاويين” و أجهزة القهر السلطوية, و أصبح الإنتماء إلى حركة “فتح” ملازماً للعار و الخيانة .
و عندما نعقد المقارنة بين “الفتحاويين” و “حركي” الجزائر فإننا و بوعي تام ندرك أن هناك أخوة لنا من شرفاء “فتح” و لكن لا حول لهم ولا قوة في إدارة سياسات و توجهات الحركة, رغم أن اللوم يقع على كثير من هؤلاء الشرفاء لسكوتهم طوال هذه السنوات الأربعين من دون نقد فعال أو تغيير لهذه الحالة من الفساد و بقائهم صامتين حتى تحولت حركة “فتح” إلى أداة يتحكم فيها الصهاينة و يسخروها وفق مقتضيات المصالح الإسرائيلية, و أصبح الانتساب إلى حركة “فتح” عار على جبين المنتسب و أضحت صفة “فتحاوي” توازي تماماً كلمة “حِركي” فهل سيتمكن هؤلاء الشرفاء من ثني عباس عن اعتزامه العودة إلى غزة على ظهر الدبابات الإسرائيلية و على أشلاء الأطفال ؟
لقد كان رفض حركتي “حماس” و “الجهاد” الدعوة التي وجهها زعيم “الحِرْكيين” عباس لاجتماع الفصائل تعبير “صادقاً” عن الرغبة الشعبية الفلسطينية في رفض رئيس متهالك ما زال يتشبث بأمنيات و لن تمنح المقاومة الإسلامية عباس شرف الاستجابة لدعوته أو الاعتراف به رئيساً.
أحمد الفلو
كاتب فلسطيني