الشاباك … دراسة موضوعية
المجد _ خاص
يعتبر جهاز الأمن العام الصهيوني المعروف باسم الشاباك من أكثر الأجهزة الأمنية جدلاً لدى الكيان لما له من تجاوزات قانونية متكررة، عدا عن السرية والغموض التي يحاول أن يغلف عمله بها، لأنها وحسب تصريحات بعض ضباطه المتقاعدين تعتبر أساس نجاحه في عمله، عدا عن الهالة الكبيرة من القصص والروايات الأقرب للخيال التي يحاول أن ينشرها بين الفينة والأخرى لتضفي إليه هيبة يحتاجها لتسجيل بعض النجاحات.
لذا يقدم موقع المجد.. نحو وعي أمني لقرائه الأعزاء تعريفاً بهذا الجهاز تحت عنوان اعرف عدوك.
يخضع جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل مباشرة لرئيس الحكومة ويدعى أحيانا بالشين بيت (ش ب) إختصارا لإسمه العبري (شيروت بيتحون كلالي) الذي يعني جهاز الأمن العام.
ويعتبر الشاباك من أصغر الأجهزة الاستخبارية ويتكون من بضعة آلاف من العناصر، ويتخصص في محاربة حركات المقاومة الفلسطينية والسعي لإحباط عملياتها ضد إسرائيل. من مهماته أيضا جمع معلومات حول الأشخاص المرشحين لمناصب ووظائف حساسة. وعلى الرغم من أن الشاباك، هو أصغر الأجهزة الاستخبارية في إسرائيل، إلا أنه يعتبر أكثر الأجهزة الأمنية حضوراً وتأثيراً على عملية صنع القرار السياسي والعسكري في الدولة، ولا يمكن مقارنة تأثيره الطاغي بتأثير أي جهاز أمني آخر في الدولة العبرية. تولى الشاباك منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية مهمة إحباط عمليات المقاومة، وجمع المعلومات الاستخبارية التي تم توظيفها في شن عمليات التصفية والاعتقال بحق قادة ونشطاء حركة المقاومة.
تولى رئاسة جهاز الشاباك عدد من رجال الأمن الإسرائيلي ولكن كان اسم رئيس الشاباك غير معلن حتى سنة 1995 أثناء تولي عامي ايالون رئاسته وأصبح اسم رئيسه معروفا.
أما الآن فيترأسه يوفال ديسكين الذي قاد الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
الشاباك و القانون
تأسس جهاز الأمن العام (الشاباك- שב”כ – שירות בטחון כללי) في دولة إسرائيل مباشرة بعد قيام الدولة حيث لم تكن وظائفه ومهامه وحتى العام 2002 مفصلة وفق قوانين رسمية، وإنما كان يستمد صلاحياته ووظائفه من خلال قرارات الحكومة.
وفي نهاية عام 1988 قررت إدارة جهاز الشاباك العام في إسرائيل العمل على تنظيم عمل الجهاز وتحديد مهامه ووظائفه والتي توجت بسن قانون الشاباك لعام 2002 وذلك بعد عدة مناقشات ضمت الأطراف واللجان المختصة. هذا القانون الذي احتوى 25 بندا قد تم من خلاله تعريف الجهاز وماهية مهامه ووظائفه وصلاحياته، وقد صار عمل الجهاز ساريا وفق القانون الجديد من تاريخ 11/02/2002.
إن قانون الشاباك العام يتمحور حول أربعة مواضيع أساسيه وهامه وهي:-
1. البناء التنظيمي للجهاز ومكانته ، كيفية تحديد مهامه ووظائفه ، علاقته بالحكومة ومكانة رئيس جهاز الشاباك.
2. عمل الجهاز وأهدافه والصلاحيات الممنوحة له لإجراء تحقيقات عامه وتلقي معلومات وإجراء تنسيق أمني.
3. المراقبة والمحاسبة وتحديد مكانة المراقب الداخلي في الجهاز والالتزام بالتنسيق مع الحكومة، الكنيست، والمستشار القضائي للحكومة والعمل على إيجاد آلية مشتركه للعمل فيما بينهما بما يتعلق بالمسائل الأمنية للدولة.
4. قوانين وتعليمات خاصة تتعلق بالتنظيم الداخلي للجهاز، ومنها الفحص الداخلي للجهاز وموظفيه وكل من يعمل في دائرته، والعمل على حفظ السرية التامة في العمل.
إن هذا القانون يستند ويرتكز إلى قوانين أخرى موجودة في القانون الإسرائيلي والتي تمنح الشاباك بعض الصلاحيات في تنفيذ مهامه وعمله، ومن هذه القوانين قانون العقوبات والإجراءات الجنائية وقانون تفتيش جسد الإنسان وممتلكاته، إضافة لقانون الطوارئ وقانون الحبس والتوقيف وكذلك قانون التنصت والإطلاع على السجلات الجنائية الخاصة.
وخلاصة الأمر هي أن قانون الشاباك يمنح محققي الشاباك صلاحيات موازية لصلاحيات الشرطة العادية بل ويُجيز لها تجاوز بعض القوانين المعمول بها من حين إلى آخر. من ناحية أخرى فان طريقة عمل الشاباك وأهدافه تحتم استعمال هذه “الحالات الشاذة” في كل وقت وحين، فينتج إن الشاباك يقوم في كثير من الأحيان بخرق القواعد المعمول بها بالدولة، وخاصة القوانين التي تحمي المواطن وحقوقه وحرياته وكرامته وخصوصياته، ومن هذه القوانين التي يخترقها الشاباك قانوني الأساس “كرامة الإنسان وحريته” وقانون “حماية الفرد “.
إن البند التاسع من قانون جهاز الشاباك العام لسنة 2002 يعطي الصلاحية الكاملة لجهاز الشاباك وموظفيه بتفتيش أي مواطن أو فرد على المعابر الحدودية للدولة حيث يمكنهم تفتيش جسده وأغراضه وممتلكاته وسيارته وكذلك حجزه إذا اقتضى الأمر.
أما البند العاشر من القانون فانه يمنح الجهاز وموظفيه إمكانية تفتيش بيت أو ممتلكات الشخص أو سيارته دون إنذار مسبق وفي أي وقت يراه الجهاز مناسبا، وإن لم يكن صاحب هذه الممتلكات حاضرا، بل حتى دون معرفة صاحبها بهذا التفتيش، وهذا ما تم تعريفه في القانون باسم التفتيش الخفي “חיפוש סמוי “.
هذا القانون الذي فتح الباب القانوني والتشريعي للجهاز على مصراعيه، يمكـّن جهاز الشاباك من الدخول إلى أي مكان أو بيت بشكل سري ودون علم صاحبه، بهدف الحصول على معلومات أو التفتيش عن معلومات ومستندات قد تفيده في تحقيق أغراضه الخاصة. وعليه فان كل مواطن أصبح معرضا في كل لحظه لمثل هذا التفتيش السري إذا رأى الجهاز حاجة لذلك، والأمر لا يحتاج سوى الحصول على إذن من رئيس الحكومة أو رئيس الشاباك نفسه.
وفي إجابته عن سؤال وُجه إلى المستشار القضائي السابق لجهاز الشاباك، المحامي ارييه روطر يقول فيه: “قليلة هي الحالات التي تصل إلى يد القاضي، غالبية الصلاحيات هي تنفيذية ولا بديل لذلك فالقاضي مؤهل من الناحية القانونية للفصل بين طرفين فهو إذا ليس رجل مخابرات وفي نهاية المطاف فان المسئولية تقع على من جاء من عالم المضمون (الجهات المختصة – الشاباك)، فليست الحكمة في السماح بالتنصت الخفي وأنت لا تدري مدى أهمية الموضوع لأنك لست رجل مخابرات ولا تتحمل – بصفتك قاضٍ- أي مسئولية “.
ويضيف بقوله أن المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز يدعم هذا الرأي ويؤيده.
إن المقابلة المذكورة مع المستشار القضائي للشاباك تظهر مدى الاستقلالية التي يتمتع بها هذا الجهاز ومدى الدعم الذي يتلقاه من الحكومة بل ومن المحكمة أيضا، لكن يضاف إلى ذلك الشعور الذي لا يمكن إخفاؤه بالقوة والغطرسة التي تميز هذا الجهاز. فمثلا، عندما سئل آرييه روطر عن المحكمة ودورها كانت إجابته: “وماذا تعرف المحكمة عن عملنا؟ فلتبقي المحكمة في مجالها ونحن في مجالنا.” وعندما سئل عن موقف الشاباك من مؤسسات حقوق الإنسان أجاب “نحن نتعامل معهم كواقع موجود.”
وأما عندما سئل “هل يوجد تغطية وتعمية على مخالفات تحصل داخل الجهاز؟”، فبدل أن يجيب بـ “لا”، نجد أنه يجيب: “لا يوجد عندي شعور أن هذا ما يحدث”، وكأنه يقول “لا يهم ما يحدث طالما إنني لا اشعر به”. فهذا المستشار القضائي والذي لا بد انه ملم بكل كبيرة وصغيرة لا يريد أن يعطي إجابة قاطعة وهذا في حد ذاته إجابة، واللبيب من الإشارة يفهم.