آليات جديدة في التجنيد والتواصل
المجد- خاص
دأب العدو الصهيوني دائماً على ابتكار الوسائل المتنوعة لجمع المعلومات وتجنيد أكبر عدد ممكن لصالح أجندته الاستخبارية انطلاقاً من قناعته بأنه لا سبيل لنجاح تكنولوجيته في تحقيق أهدافه والسيطرة على المعلومات دون زرع عملائه في شرائح المجتمع الفلسطيني المختلفة. هذه الوسائل لم تكن عشوائية بل كانت وليدة دراسة دقيقة ومفصلة للفئة المستهدفة "دراسة اجتماعية, نفسية, بيئية, مادية,…." اعتمادا على تكنولوجيا متطورة وخبرة أمنية كونتها تجارب السنين, كما سعت أجهزة الأمن الصهيونية دائماً إلى المحافظة على عنصر التفوق الميداني المتمثل بعملائه، دعماً لآلته العسكرية وللنيل من خصمه وإلحاق الأذى به على كل المستويات.
ونظراً لأن الحرب الاستخبارية لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية، كان لا بد من ايلاء ملف العملاء أهمية كبيرة من خلال دراسة الآليات الجديدة المتبعة في التجنيد والتواصل بين العدو وعملائه مستعينين بما يتوفر من معلومات وتجارب واقعية وخبرة مسبقة سنقدمها في ثلاثة أجزاء.
الأول: آليات جديدة في التجنيد والتواصل
الثاني: آليات الحصول على المعلومة
الثالث: المهام التي يكلف بها العملاء
أولاً: أساليب الإسقاط المستخدمة:
ابتكرت أجهزة أمن العدو أساليب إسقاط تتماشى مع الواقع الأمني والاقتصادي الجديد "الانسحاب من غزة, الحسم العسكري وسيطرة حركة حماس على القطاع, الإغلاق المستمر للمعابر التجارية والمرورية وازدياد نسبة البطالة ". فبعدما كان الإغراء الجنسي ومن ثم الابتزاز هي الوسيلة الأنجع للإسقاط, عمد العدو إلى التنويع في وسائله نذكر هنا من واقع التجربة ما يلي:
– الإغراء المالي.
– استغلال الحاجة لـ "المال, العلاج, السفر, التعليم, العمل,…..".
– استغلال المشاكل الأسرية والتفسخ الاجتماعي.
– الترغيب والترهيب والتهديد.
ومن الأساليب الجديدة والتي استغل فيها العدو الواقع الجديد للإسقاط بضحاياه:
– الاعتقال في الاجتياحات وفي البحر وفي المعابر ومن ثم الإسقاط, حيث تكون اللقاءات الأولى هي لقاءات مباشرة بين ضابط التجنيد والشخص المستهدف بالإسقاط وقد يعرض عليه مبلغ من المال ويسأله عن أهله وعن جيرانه ويفاجئه ببعض المعلومات التي تخصه لرفع الحاجز النفسي وبناء علاقة وطيدة بينه وبين الضابط , ثم يُنقل إلى ضابط آخر وهو ضابط التشغيل لإعطائه التعليمات مباشرة بدون أي وسيط .
– عن طريق المؤسسات الأجنبية والوفود الأجنبية التي تتقنع بلباس الإنسانية وتستغله لممارسة دورها الإستخباري.
– الاتصال المباشر من قبل المخابرات الإسرائيلية على أشخاص محددين من قبلهم حيث تعتمد أجهزة الأمن الصهيونية على خبراء في علم النفس لاختيار هؤلاء الأشخاص وابتكار الأسلوب الأنسب للوصول إليهم والسيطرة عليهم "مثلاً إن كان المستهدف ملتزم دينياً يخاطبه بالأسلوب الديني, وإن كان فقيراً يعرض عليه المساعدة المالية,….إلخ" لخلق جو من الأمان والاطمئنان. وقد يستمر التواصل شهورعدة قبل العرض عليه العمل معهم وتكون الطلبات في البداية بسيطة لكسر حاجز التعاون مع الاحتلال ومن ثم التوريط في الإبلاغ عن المجهادين الذين يتم قصفهم.
– استدراج الشخص عبر الجوال كأن تتصل فتاة بشاب بحجة الخطأ عدة مرات فيلاحظ الشاب ذلك وتحاول الفتاة توسيع التعارف مع الشاب وهكذا حتى يصل الأمر في النهاية إلى العمالة .
– توزيع بيان مطبوع يحتوى على دعوة للأهالي للإدلاء بأي معلومات عن المجاهدين والمقاومين عبر رقم هاتف خلوي مكتوب في البيان أي أن الشخص سيدلي للعدو بمعلومات دون أن يعرف العدو شخصيته ولا يعرفه أحد وذلك كما حدث في الحرب الأخيرة حيث تم إلقاء هذه البيانات على أهالي المناطق الحدودية والمواجهة المباشرة.
وقد يستخدم أكثر من أسلوب في آن واحد لتوريط الضحية وإحكام القبضة عليه.
ثانياً: آليات التواصل والاتصال:
تنوعت آليات التواصل بين العدو الصهيوني وعملائه, فالضابط الإسرائيلي يفضل التواصل المباشر مع عملائه "التواصل الخيطي" لربطه وجدانياً وعقلياً به, لكن كون هذا النوع من التواصل يحتاج إلى جهد أمني أكبر من الضابط للحفاظ على عميله وخاصةً بعد التغير في الوضع الأمني في القطاع, كان لابد من التفكير في وسائل قد تكون أكثر حفظاً على العملاء, ونذكر منها هنا:
– شرائح الاتصال العبرية" سيلكوم, أورانج" وأحياناً الجوال.
– ربط العملاء بالأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع عن طريق أجهزة متطورة.
– استخدام المعابر الحدودية بحجة الانتقال أو متابعة الأمور الحياتية كغطاء لمقابلة ضابط المخابرات كالتجار والمرضى والعمال والمسافرين.
– الاجتياحات والاعتقالات وذلك بهدف الالتقاء بالعميل.
– عن طريق الإنترنت والبريد الإلكتروني وغرف الدردشة.
– تحديد نقاط ميتة للمقابلة مع الضابط " البحر بحجة الصيد,السلك الحدودي, المعابر التجارية والعسكرية,…." حيث يذهب العميل إلى النقطة فيجد جيب بانتظاره ليقله, ويؤمر بخلع ملابسه ومن ثم تفتيشه ويلبس زي عسكري وينقل لمقابلة ضابط التشغيل لتلقي التعليمات والمهام.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذه الوسائل قد تطورت مع تطور قدرة المقاومة على ملاحقة العملاء وإحباط الكثير من مخططاتهم:
– فقد كان التواصل بين الضابط وعميله على سبيل المثال في بداية الانتفاضة الأولى عن طريق الكتابة على أحد الجدران في حي العميل لتبليغه بوقت وتاريخ ومكان اللقاء.
– ثم تطور بتشكيل مجموعات وربط العميل بآخر ليكون مسئولاً عنه وحلقة الوصل بينه وبين ضابط المخابرات.
– ثم الالتقاء عن طريق أحد الأقارب أو أفراد العائلة والمقيمين في الداخل.
– وإلى وقت قريب كانت الحواجز العسكرية والمستوطنات حتى المعابر تشكل غطاء للتواصل مع العملاء.