جاسوس صهيوني وقع في حب أميرة مصرية ففشلت (عملية نايلون)
كان هدفها اغتيال شخصيات مصرية عام 1948
• المؤلفة عملت في الموساد 32 عاماً وزوجها كان نائباً لرئيس الجهاز
• المخابرات الإسرائيلية استعانت بضابط بريطاني لتهريب الحشيش إلي مصر
• روث قمحي: يهود مصر كانوا مثقفين وأثرياء عن غيرهم من اليهود في بقية الدول العربية
المجد-
كشف كتاب صهيوني صادر حديثا عن عملية إرهابية خططت لها دولة العدو الصهيوني بعد أسابيع قليلة من إعلان إقامة الدولة العبرية في 15 مايو 1948. وورد في الكتاب الذي يحمل اسم "الصهيونية في ظل الأهرامات" أن دولة العدو الصهيوني أرسلت عميلا سريا إلي مصر يدعي تيد كروس، التقي بأحد الناشطين من الجالية اليهودية في مصر، وروي له انه جاء إلي القاهرة لاغتيال عدد من الشخصيات القيادية المصرية. ولم تكتف دولة العدو الصهيوني ، بحسب الكتاب، بالتخطيط لعمليات الاغتيال، وإنما سعت إلي نشر إدمان المخدرات بين صفوة المجتمع المصري. وجندت إسرائيل ضابطا من الجيش البريطاني قام بنقل شحنة "حشيش" إلي القاهرة لبيعه هناك، وتدبير تكاليف تنفيذ عمليات الاغتيال أيضاً!
وكان تيد كروس، او باسمه العبري "ديفيد ماجن"، يهوديا من أصل مجري، من أسرة متدينة. وقد انتقل الي جنوب افريقيا حيث خدم هناك في الجيش. وفي الحرب العالمية الثانية خدم كروس في سلاح المخابرات البريطانية. وكان بن ناتان الذي كان سفير دولة العدو الصهيوني في المانيا وفرنسا، قد جند كروس للعمل في شعبة الابحاث بوزارة الخارجية الصهيونية. ولم يكن جهاز المخابرات الصهيونية"الموساد" آنذاك قد تأسس بعد. وأطلق الصهاينة علي عملية الاغتيالات التي كان يستهدفها تيد كروس بحق المسئولين المصريين اسم "عملية نايلون". ولكن العملية فشلت ولم تتم بسبب وقوع العميل الصهيوني في قصة حب رومانسية مع الأميرة المصرية أمينة نور الدين، واضطر للهرب من مصر! وبمرور الأيام ألقت دولة العدو الصهيوني القبض عليه واتهمته بأنه جاسوس مزدوج كان يعمل لصالح مصر، ثم قررت حبسه حيث قضي بضع سنوات في السجن حتي توفي هناك عام 1973.
مواليد القاهرة
ومؤلفة الكتاب هي الدكتورة "روث قمحي"، وهي من مواليد القاهرة. وعملت لاثنين وثلاثين عاما في جهاز المخابرات الصهيونية الموساد، تحت ستار العمل في مكتب رئيس الحكومة الصهيونية في تل أبيب! وبعد استقالتها تفرغت للعمل بالبحث التاريخي. وهي متزوجة من ديفيد قمحي (من مواليد 1928) الذي عمل نائبا لرئيس الموساد ومديرا عاما لوزارة الخارجية الصهيونية. ويعمل حاليا رئيسا للمجلس الصهيوني للعلاقات الخارجية. كما كان حتي 22 يوليو 2008 رئيسا لمجلس إدارة صحيفة معا ريف الصهيونية.
وتقول المؤلفة في مقدمة كتابها أنها ليست من مؤرخي الصف الأول في دولة العدو الصهيوني ، ولكنها حرصت علي توثيق الحركة الصهيونية في مصر خلال الفترة التي تتراوح بين عامي 1918 و1948، وان كتابها يمثل نموذجا جديدا لأبحاث الجاليات اليهودية في الدول الإسلامية.
وأرجعت قمحي فشل عملية "نايلون" لاغتيال القادة المصريين الي ما وصفته بجهل النخبة الحاكمة الاشكنازية في دولة العدو الصهيوني بطبيعة مصر وشعبها، مما تسبب في إلحاق الضرر بالجالية اليهودية هناك. ووصفت الأمر بأنه كان مواجهة ثقافية، "فقد تعامل الإسرائيليون مع يهود مصر بنظرة استعلائية استشراقية، رغم ان كثيرا من اليهود المصريين كانوا يعيشون في المدن، وكانوا ينتسبون إلي الطبقة المتوسطة، ولم يخطر علي بالهم أنهم سيتحولون إلي فلاحين في إسرائيل بعد مغادرتهم مصر!". وتستشهد المؤلفة بفكرة النظرة الاستعلائية بما فعله مناحم اوسيشكين، احد قادة الحركة الصهيونية حين زار الإسكندرية وأراد أن يكتب كلمة رقيقة في دفتر التشريفات الخاص بالجالية اليهودية هناك، فلم يجد ما يكتبه سوي عبارة تشير إلي مفهومه عن يهود مصر: "لا تنظر إلي القارورة الصغيرة وإنما إلي ما فيها". أي انه أراد القول أن مظهر اليهود المصريين قبيح من الخارج ولا يستحق النظر، ولكن بداخلهم شيئا جيدا!
اليهود المصريون
وتقول روث قمحي ان اليهود المصريين كانوا يتميزون عن اليهود الموجودين في بقية الدول العربية، لأن يهود مصر كانوا أثرياء وتجار ومثقفين ويغلب علي أكثرهم نمط الحياة الأوروبية. وكان اغلب يهود مصر ينتمون إلي طبقة اقتصادية واجتماعية مرتفعة نسبيا عن بقية المصريين الذين عاشوا بينهم. وتضيف: "كانت مصر في بداية القرن العشرين، مع طابعها الجغرافي والسياسي المميز، ومدنها المتطورة، وتعدد ثقافاتها، وسيادة المناخ الليبرالي فيها، مكانا يجذب اغلب العائلات اليهودية من جميع أنحاء العالم ليعيشوا فيها". وتقول المؤلفة: "ان عائلتي مثال ودليل بارز علي ذلك: فقد كان أبي من أوروبا الغربية ولكنه كان من مواليد القاهرة. وكان جدي من روسيا البيضاء، وهاجر إلي إسرائيل عام 1905، ثم هاجر إلي مصر حيث استقر هناك مع جدتي. وكانت أمي سورية من مواليد حلب، ولكنها من أسرة ذات أصول ايطالية عاشت في سوريا، وهاجرت إلي مصر. وفي بيت جدي وجدتي لأبي سمعت اللغتين العبرية والييديش، وعلمتني جدتي الثانية اللغة العربية بلهجتها الحلبية، وعندما يجتمع أفراد الأسرة جميعا كانت اللغة الفرنسية هي القاسم المشترك بينهم جميعا!".
وذكرت المؤلفة أن كتابها يعتمد علي آلاف الوثائق التي تمكنت من جمعها من العديد من مراكز الأرشيف علي مستوي العالم، بما فيها دولة العدو الصهيوني، بالإضافة إلي الصحف والشهادات الحية وما إلي ذلك. وقالت أن كتابها يجعل من الصهيونية المصرية نقطة أساسية تربط الأحداث وتدور حولها صراعات القوي بين يهود مصر وممثلي دولة العدو الصهيوني قبل إقامتها، وبين الصهاينة والقادة المحافظين للجالية اليهودية المصرية. وتقول: "أنا أيضا اطرح بعض التساؤلات حول امتناع المشروع الاستيطاني اليهودي في فلسطين عن تقديم المساعدة ليهود مصر وقتما كانوا في حاجة إليها. وكذلك عندما بدأت مسلسل الفضائح والعمليات الفاشلة التي خططت لها المخابرات العسكرية الصهيونية لتنفيذ عمليات تجسسية وإرهابية في مصر، والتي عرفت إجمالا بعد ذلك باسم "الفضيحة" و "عملية سوزانا" و"فضائح لافون".
وأشارت المؤلفة إلي أنها عثرت علي العديد من الوثائق التي كتبها والدها بخط يده، والتي ترجع إلي بداية سنوات الثلاثينيات من القرن العشرين. وعندما قرأت كل الصحف اليهودية التي كانت تصدر في مصر باللغة الفرنسية فوجئت أنها وجدت من بينها صحيفة باسم "إسرائيل"، وبها تقارير كثيرة كتبها والدها عن المؤتمر الصهيوني الذي عقد في مدينة لوتتسيرن في ألمانيا في اغسطس 1935، حيث أوفدته الصحيفة كمراسل لها إلي هناك لتغطية المؤتمر. كما نشرت الصحيفة صورة لوالدها مع ممثل مصر في المؤتمر الصهيوني!".