عين على العدو

الوحدة” 504″ في الجيش الصهيوني تجسس وفشل وسقوط

المجد- خاص

تعتبر الحدود من النقاط الاستخبارية المهمة لدى الكثير من الدول حيث يتم من خلالها حماية الداخل من تسلل الغرباء ورجال المخابرات وفي دولة الكيان الصهيوني توجد وحدة مخصصة من الاستخبارات لحماية الحدود ومراقبتها ومتابعة التحركات القريبة منها .

ومن هذه الوحدات الوحدة 504 وهي من وحدات جهاز الاستخبارات"أمان" وقد تم تشكيلها لتعمل في المناطق الحدودية بهدف تجنيد سكان الحدود في المناطق المختلفة والتعرف على تطورات الأوضاع فيها  حيث ارتبط اسم هذه الوحدة بالجنوب اللبناني المحتل حيث عملت هذه الوحدة بشكل كبير في الجنوب اللبناني وفي المناطق الحدودية بين لبنان والعدو الصهيوني حيث كان معظم عناصرها من مليشيا جنوب لبنان الموالي للكيان الصهيوني.

وحسب يوسي مليلمان المحلل الصهيوني والكاتب في صحيفة هآرتس أن «الوحدة 504» التابعة لـ«أمان» تشغّل عملاء، وبموجب توزيع العمل بين هذه الوحدة والموساد فإن «الوحدة 504» مسئولة عن تفعيل العملاء في المناطق التي تحد دولة الكيان مثل سوريا ولبنان ومصر، إضافةً إلى مناطق السلطة الفلسطينية.

لكن كان نشاط هذه الوحدة ظاهراً دون أي شك في المناطق اللبنانية حيث أفادت التقارير والمعلومات ان الوحدة 504 كانت دائماً في صراعات مع اللبنانيين حول كيفية جمع المعلومات وتجنيد عملاء لصالحها .

وبما أن هذه الوحدة 504 صاحبة التخصص في منطقة الحدود مع لبنان  إلا أن بعض أجهزة الاستخبارات الصهيونية كانت تعمل داخل لبنان وكلها كانت تتسابق في عملية تجنيد المصادر والعملاء حيث دب صراع بينها بدلاً من تنسيق الجهود  لدرجة أن إحدى الوحدات أفشلت عمليات عسكرية واستخباراتية ذات قيمة.

 وبقيت الساحة اللبنانية قوية وعصية ضد عمل هذه الوحدات الصهيونية إلا أن في نهاية الأمر تقرر إقامة جسم مركزي في جهاز الاستخبارات أوكلت إليه مهمة إحباط  أي عملية  في لبنان، شرط أن يتحمل جهاز «الشاباك» مسؤولية إدارته بمساندة ممثلين من وحدة عسكرية تعرف باسم «الوحدة 504».

هذا الجسم أطلق عليه «تجميع وإحباط» وقد بذل على مدار سنتين جهوداً استخباراتية غير عادية في لبنان لإحباط عمليات ضد دولة الكيان لكنه فشل في مهمته. فتقرر تفكيكه، ما ولدّ نقاشاً كبيراً بين قياديين في الأجهزة الأمنية وبين المبادرين لإقامته. وهنا تعززت الخلافات حول ما يتعلق بجمع المعلومات والتنسيق، فأعلن الشاباك انه يرفض مواصلة نشاطه في لبنان على هذا النحو وطالب بان تكون مهمته مقتصرة على إحباط الإرهاب، وانه يرفع يديه عن الوحل اللبناني، كما ذكر في تقريره آنذاك. وقد اعترف قائد وحدة «تجميع وإحباط» في ذلك الوقت، حاييم بورو، أن أسباب الفشل والتنسيق كمنت في اختلاف العقيدة والتفكير بين الأطراف وبين الجيش، وأساليب العمل وسلم الأولويات.

تهم بالفشل

وقد وجه الشاباك، في رسائل إلى قيادة الأجهزة، اتهامات لقادة الوحدة 504 جاء فيها ان الضباط الذين أوكلت إليهم مهمة تفعيل العملاء أهملوا الموضوع واستغلوا وجودهم هناك لتحقيق مصالح شخصية بينها عمليات تهريب واتجار من لبنان بغطاء علاقات تجارية مع لبنانيين.

في ذلك الوقت، عصفت أزمة حادة في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الصهيونية، لتبدأ عجلة الإخفاقات بكل ما يتعلق بالملف اللبناني فظهرت نتائج ذلك في حرب تموز 2006م حيث كثر الحديث عن الفشل الاستخباراتي والذي حمل للموساد مسئولية ذلك الفشل.

تعتبر الوحدة 504 أول وحدة كلفت بمهام تجسسية في لبنان ولكن مع دخول القوات الصهيونية للبنان أمر رئيس الحكومة آنذاك مناحيم بيغن رئيس الشاباك  ،أبراهام شالوم، بأخذ دور فعال في لبنان بجانب الوحدة 504 لأنه كما طلب أنه يريد نتائج أسرع وأكثر فاعلية في ذلك الوقت ، حيث كان يعمل الموساد في داخل لبنان أصلاً ، وهنا بدأت التداخلات في الصلاحيات أدى ذلك إلى عرقلة العمل أحياناً.

وتعترف دولة الكيان الصهيوني بأن أكثر من عملية فشلت بسبب حال البلبلة التي كانت تسيطر على نشاط الوحدات المختلفة  إلى حد انه تم قتل أكثر من عميل بالخطأ وهو في طريقه للإدلاء بمعلومات. وأحد هؤلاء أطلق عليه لقب «الغليظ» وقد قتل من قبل وحدة «غولاني» في الجيش وهو يقترب من البوابة عند الحدود للإبلاغ عن مخطط لتنفيذ عملية. في هذه الفترة وحتى العام 1991 تواصلت الصراعات والخلافات بين الموساد والشاباك ووحدة 504. وفي كل مرة كانت تتصاعد فيها الصراعات وتفشل دولة الكيان الصهيوني في تجنيد عملاء وجمع معلومات كانت تدخل جهة استخباراتية جديدة إلى لبنان حتى وصل عددها إلى ثماني وحدات. وجندت دولة الكيان الصهيوني موازنات طائلة وقوى عاملة كبيرة لكنها لم تنجح حتى في السيطرة على نشاط هذه الوحدات التي تحول نشاطها في لبنان إلى صراعات داخلية.

وهذه الوحدات هي: وحدة 504 والشاباك، والموساد، ووحدة الاستخبارات المعروفة بوحدة التنسيق، ووحدة حرس الحدود التابعة للشرطة الصهيونية، ووحدة يهلوم وهي استخباراتية تابعة للشرطة، ووحدة استخبارات تابعة للشرطة العسكرية وأخرى لوزارة الدفاع، ووحدة الأمن الاستخباراتي التابعة لميليشيا «جيش لبنان الجنوبي المتعاملة مع الكيان الصهيوني".

أحد أشكال الصراع  بين الـ 504 ووحدة استخبارية أخرى

وجود هذا العدد الكبير من الوحدات يشير أساسا إلى صراعات القيادة الأمنية الصهيونية وعدم التنسيق في ما بينها، وهو ما وصفه احد كبار رجال الشاباك بـ "الأخطبوط المسمم". ويقول اليوم، اسحق تدهار، وهو من كبار رجال الاستخبارات الصهيونية، إن "الخلافات والصراعات التي شهدتها الوحدات الثماني على مدار السنوات، لم تساعد بتاتاً أجهزة الأمن بالوقوف في وجه "حزب الله". فتوزيع المسؤوليات والصلاحيات بينها لم ينفذ بالشكل المطلوب والمعلومات لم تعدل على مدار السنوات لتناسب المتغيرات على ارض الواقع".

على سبيل المثال وحدة 504 كان يتوجب عليها جمع معلومات حول تنظيم قوات الجيش اللبناني وقواعده العسكرية من خلال تفعيل عملاء كانوا يأتون إلى الحدود. أما الموساد فكان عليه تفعيل عملاء من الخارج. هذا التقسيم الذي اقره جهاز الأمن لم يكن يناسب الوضع في لبنان، في حين كانت كل وحدة تعمل على انفراد وبالشكل الذي تعرفه ووفق التعليمات التي تصلها ما أدى إلى عرقلة عمليات أو فشلها.

احد كبار رجال الشاباك يقول: "على سبيل المثال إذا كان من السهل علينا أن نلتقي عميلاً على الحدود وليس خارج لبنان كان العاملون في وحدة 504 يعرقلون العمل بعدم تقديم المساعدات المطلوبة لتنفيذ العملية وأحياناً كثيرة كانوا يتجاهلون الطلب، والعكس أيضا فإذا كانت وحدة 504 تريد تجنيد عميل من الخارج كانوا في الموساد يعرقلون تسهيل السفر وتنفيذ المهمة".

القيادة الصهيونية  تأمر بإعادة تفعيل الوحدة "504"

مع اندحار العدو الصهيوني من الأراضي اللبنانية وهروب مليشيا جيش الجنوب داخل الكيان قام العدو الصهيوني بإعطاء أوامره لوقف نشاط عمل الوحدة 504  وتجميد أي نشاط لها بهدف ترتيب عمل هذه الوحدة وفق المعطيات الجديدة المترتبة على الاندحار من أراض لبنان.

وقبل عامين من الآن أب بعد حرب تموز 2006م  وافق الموساد على إحياء الوحدة 504 بعد اقتراح تقدم به واحد من المدراء الأربعة لرئيس  الموساد مئير داغان بهدف الاستفادة من عناصر جيش لحد اللبناني الذي هرب داخل دولة الكيان حيث أقيمت لهم مدينة "أضواء اسحاق رابين"  والتي تقع شرق مدينة الطيبة.. وحسب المصادر الصهيونية انه تم ترتيب الأوضاع المالية والاجتماعية لهؤلاء اللبنانيين في مليشيا لحد  وذلك ضمن خطة وتتضمن خطة للموساد وهي  إعادة ملف عملاء لحد من وزارة الاستيعاب إلى القسم المالي والاجتماعي ‏في جهاز المخابرات الخارجية الذي سيتولى مسؤولية إدارة شؤون هذه العائلات ومنحها الشروط ‏نفسها المعطاة لليهود القادمين من الخارج.

وحسب مصادر العدو أنه على الرغم من تقسيم العمل بين الموساد وبين "504" يفترض أن يكون واضحا، إلا أنه يتضح، بالرغم من التنسيق القائم بينهما، أنه من الممكن أن يمس عمل جهاز استخباري بعمل الجهاز الموازي. وأشار في هذا السياق إلى أن ما حصل في لبنان يجعل من هذه المسألة أكثر حدة، خاصة مع دخول طرف استخباري ثالث، هو الشاباك، في سنوات معينة.

و بعد أن نشرت قناة "المنار" عن اعتقال 18 لبنانيا بتهمة التعامل مع الموساد ، فإن قصصهم التي تناقلتها وسائل الإعلام اللبنانية تتيح الاطلاع على طرق عمل الأجهزة الاستخبارية الصهيونية، والأهداف والأجهزة المستخدمة.

ونقلت المصادر عن معلقين صهاينة  قولهم إن سقوط الشبكة يعود إلى خلل في الاتصال بين العملاء. وأن ما نشر في لبنان عن سقوط الشبكة، على أن ذلك ليس بسبب الاعترافات أساسا وإنما لسبب آخر يبقى سرا ويكشف عنه لاحقا، من المرجح أن يكون تفعيل أجهزة تصنت أدت إلى إسقاط الشبكة أو طريقة العمل إلا أن الأسباب الحقيقية غير واضحة حتى اللحظة بالنسبة لنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى