الأمن المجتمعي

التربية العقائدية الحصن الواقي للأبناء

المجد_

تقع مسؤولية أمن الوطن على جميع المواطنين؛حيث أنهم هم الذين سوف ينعمون بالراحة والطمأنينة فيه، والمسؤولية الأولى في حفظ أمن المجتمع تقع على الأسرة؛ لأنها هي مصنع المواطنين ومكان إعدادهم؛ لذا يجب على الأسرة أن تعي دورها تماماً تجاه أمن المجتمع، وأن تقوم بدورها خير قيام، و إلاَّ حصل خلل وقصور يؤدي إلى نتائج سلبية تجاه الأمن المطلوب في الوطن.

ويمكن تقسيم الأدوار التي يجب أن تقوم بها الأسرة من تنشئة أولادها على حب الوطن وحفظ أمنه على النحو التالي:

أولاً – الدور التربويّ:

تقع مسؤولية تربية الأبناء على الوالدين في المرتبة الأولى وهذه التربية تبدأ منذ الصغر يقول الله عزّ وجل واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيراً

والتربية شاملة تشمل دين الإنسان ودنياه،يقول السعديّ – رحمه الله – في تفسير هذه الآية: " أيّ ادع لهما بالرحمة أحياءً و أمواتاً جزاء على تربيتهما إياك صغيراً، وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق،وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين فإن له على من رباه حق التربية "

نفهم من ذلك أن تربية الأولاد وإن كانوا صغاراً لا تعني توفير الطعام، والشراب، والكساء، والعلاج وغير ذلك من أمور الدنيا، بل تشمل كذلك ما يصلح دين الإنسان فيسعد في الدنيا والآخرة، وأهم ما يبدأ به المربي في تربية الصغير هو: التربية العقدية فإذا صلحت العقيدة صلح ما سواها من أمور، ومن أساسيات العقيدة التي يجب على الأبوين تربية أولادهم عليها حـب الله – سبحانه وتعالى – و حـب نبيه محـمد – صلى الله عليه وسلم – وامتثال أمرهما واجتناب نهيهما عنه، وكذلك حب الآخرين وحفظ أموالهم، وأرواحهم وأعراضهم والأحاديث الواردة في هذه المعاني كثيرة ففي الحديث: عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: " قال النبي – صلى الله عليه وسلم – بمنى: أتدرون أيَّ يوم هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال فإن هذا يوم حرام. أتدرون أيَّ بلد هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال : بلد حرام. أتدرون أيَّ شهر هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: شهر حرام. قال: فإن الله حرَّم عليكم دِماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا "

ففي هذا الحديث توجيه نبويّ كريم يوجب على الآباء والأمهات تربية أولادهم منذ الصغر على مضمونه وعدم التساهل والتهاون بما جاء فيه، والتطبيق التربويّ لذلك هو زجر الصغير ونهيه إذا خالف أي من المحرمات الواردة في الحديث فلا يقبل الأبوين منه غيبة إنسان، و لا أخذ حق إنسان أي كان بغير وجه وإذا حصل منه ذلك يبادر الوالدان بالتنبيه بخطورة ما قام به، ويأمرانه أن يتوب ويستغفر الله، وينهيانه عن فعله مرة أخرى. فإذا رُبيّ النشء على هذا الهدي النبويّ فإنه يعيش في آمان مع نفسه ومع الآخرين في المجتمع.

كما أن من الجوانب العقدية التي يجب على الأبوين تربية أولادهم عليها وهو جانب مهم يحقق تطبيقه آمن المجتمع واطمئنانه وهو تربية الأولاد منذ الصغر على الهدي الإسلاميّ في وجوب طاعة ولي الأمر يقول الله تعالى: يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلاً.

وأولو الأمر هم : الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان لله طاعة وللمسلمين مصلحة.  ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:" من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني"

وسبب اهتمام النبيّ – صلى الله عليه وسلم – بشأن الأمراء حتى قرن طاعتهم إلى طاعته حتى تقر قريش بذلك لأنهم لم يقروا إلاَّ لرؤساء قبائلهم، فأعلمهم الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم – أن طاعتهم مربوطة بطاعته، ومعصيتهم بمعصيته حثاً لهم على طاعة أمرائهم لئلا تتفرق الكلمة.

وإضافة إلى وجوب طاعة ولاة الأمر، أوجب الإسلام لزوم جماعة المسلمين وعدم الخروج عليها ففي الحديث المتفق عليه عن حذيفة بن اليمان عن أبي إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – يقول: كان الناس يسألون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. فقلت يا رسول الله ! إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم وفيه دخن،قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديى تعرف منهم وتنكر قلت: فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها قلت: يا رسول الله صفهم لنا. فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت: فما تأمرني، إن أدركني ذلك؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال: فأعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".

فطاعة ولي الأمر، ولزوم جماعة المسلمين واجب شرعيّ جاءت به الشريعة الإسلامية لجمع الكلمة ونبذ الفرقة وحفظاً لأمن العباد والبلاد، وهذه مبادئ عقدية في دنينا الحنيف يجب على الآباء والأمهات تربية أولادهم عليها ليخرج لدينا جيل فاعل في وطنه مطيعاً لله،ولرسوله – صلى الله عليه وسلم – ولولي أمره محب للآخرين محافظاً على أعراضهم،وأموالهم،وأرواحهم.

يتبع ،،،،،

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى