المناورة الأمريكية الصهيونية المشتركة (جينيبر كوبرا)
المجد- خاص
بدأ الكيان الصهيوني والولايات المتحدة يوم الأربعاء المنصرم (21/10/2009م) مناورة عسكرية مشتركة مع الكيان الصهيوني "جينيبر كوبرا" هي الأضخم من نوعها منذ وقع الحليفان عام 1981 مذكرة تفاهم إستراتيجي مشترك تنص على أن يعتمد أسلوب التعامل العسكري بينهما على المناورات المشتركة في البحر المتوسط بعد أن كان مقتصرا على الإمداد العسكري وتبادل المعلومات الاستخبارية لإضافة إلى الأبحاث الأمنية والعسكرية، واللافت أن هذه المناورات جاءت في الماضي كتهيئة للاعتداءات الصهيونية ومقدمات لها، كما حدث في حرب لبنان عام 1982 والتي جاءت عقب توقيع معاهدة التحالف الاستراتيجي "الكنز السعيد" بين "ريغان وبيغن" في 6 أيلول 1981.
تنفذ مناورات "جينيبر كوبرا" أو" كوبرا شجرة العرعر" عادة مرة كل عامين (منذ عام 2001)، بمشاركة رئيسية من سلاحي الجو والبحرية من كلا البلدين، إلا أن هذه المناورة في هذا العام لها ميزاتها الخاصة من حيث:
· تعتبر هذه المناورة هي الأضخم والأكبر والأكثر تعقيدا في تاريخ المناورات المشتركة، حيث أنها تعالج منظومة الدفاع الصاروخي والتصدي المشترك لأي عدوان.
· التوقيت والظروف الدولية والإقليمية التي جاءت خلالها.
· الأهداف المرجوة من تنفيذها مقارنة بسابقاتها والتي كانت تهدف فقط لرفع مستوى الجهوزية والتنسيق بين جيشي البلدين.
· تأتي هذه المناورة عقب قرار واشنطن إلغاء مشروع الدرع الصاروخي الذي كانت تنوي نشره في بولندا وجمهورية التشيك وهو ما ينقل مركز الثقل الصاروخي الأميركي من شرق أوروبا إلى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
· تأتي هذه المناورة من الناحية العملية تتويجا لسلسلة اختبارات هدفت لمعرفة قدرة الدفاعات الصهيونية على التصدي للصواريخ البالستية (في إشارة إلى الصواريخ الإيرانية).
بين يدي هذه المناورة:
سيناريو المناورة:
محاكاة تنفيذ هجوم صاروخي متزامن ومشترك من إيران، سوريا، جنوبي لبنان وفلسطين، في حين ستحاكي الأنظمة الدفاعية الصاروخية خلالها عمليات التصدي لإطلاق صواريخ شهاب الإيرانية بعيدة المدى، بوجود نظام إنذار مبكر متطور مرتبط بالأقمار الصناعية الأمريكية، بالإضافة لنظام الرادار الأمريكي اكس باند FBX-T الموجود في النقب، وتقييم قدرة هذه المنظومات على التنسيق والتعاون والتكامل، واختبار سرعة تمرير المعلومات والاستجابة للعمل المشترك، حيث ستجرب فترة الإنذار الجديدة (والتي تتراوح من 5 – 7 دقائق عقب إطلاق الصواريخ الإيرانية) بعد أن كانت في السابق دقيقتين فقط.
الخطوات التي سيتم تنفيذها خلال المناورة:
سيتم خلال المناورة تنفيذ العديد من الخطوات العملياتية الحساسة في إطار معالجة السيناريو السابق، وهي:
· استخدام شبكة صواريخ مضادة للصواريخ البالستية بعيدة المدى، ومنها شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكية "باتريوت"، وشبكة الدفاع الأمريكية الصهيونية "حيتس 2" ، وشبكة الدفاع الصاروخي الأمريكية المتنقلة "باتريوت هوك 3".
· نشر أنظمة صواريخ (آرو) للدفاع الجوي وثلاثة أنظمة أميركية هي (ثيد وإيجيس وباتريوت 3) والهدف منها أن تقوم بعمليات تصدي لهجمات صاروخية متزامنة ومتعددة المصادر.
· إجراء تدريبات عملية لتمكين المنظومات الدفاعية الصاروخية الأمريكية والصهيونية من العمل بصورة مشتركة، لاسيما الرادار الأمريكي "اكس باند FBX-T " الموجود في النقب والذي سيمكن صواريخ "آرو" من اعتراض صواريخ تحاكي صواريخ شهاب 3 الإيرانية ذاتية الدفع.
· كما ستشارك في المناورة قوات الإنقاذ التابعة لـ"قيادة الجبهة الداخلية"، حيث ستجري تدريبات على مواجهة سقوط صواريخ في الجبهة الداخلية، وسقوط صواريخ غير تقليدية على بطاريات الصواريخ وأماكن حساسة أخرى.
· من المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بعد نهاية المناورات بنشر سفن مزودة بانظمة صواريخ ايجيس في البحرين الأحمر والمتوسط.
· سيشارك في هذه المناورة نحو ألف عسكري أميركي وعدد مماثل من الجيش الصهيوني، بالإضافة إلى 17 قطعة عسكرية بحرية أمريكية تحمل أنظمة رادار لرصد أي صواريخ من نوع أرض- أرض.
أهداف المناورة:
الأهداف العملياتية:
1. تمكين البنية التحتية العسكرية اللازمة لتمكين المنظومات الدفاعية الأمريكية والصهيونية الثلاث من العمل بصورة مشتركة في حال وقوع مواجهة مع إيران على غرار ما فعلته إبان حرب الخليج الأولى 1991.
2. تحسين قدرات التنسيق والتعاون بين الجيشين الصهيوني والأمريكي في مجال الدفاع الجوي.
3. رفع القدرة العسكرية لكلا الدولتين ومقدرتهم على تشغيل و توظيف منظومات الدفاع الصاروخي لتواجه صواريخ هجومية سواء كانت عابرة للقارات أو متوسطة المدى يمكن أن تستخدم ضد أي منهما .
4. تهدف دولة الكيان الصهيوني من وراء هذه المناورة إلى تجميع أكبر قدر ممكن من مصادر القوة العسكرية، بالإضافة إلى ربط هذه القوة بالقوة الأمريكية استعدادا لمواجهات محتملة في المنطقة.
5. تقييم أجهزة المنظومة الدفاعية الصاروخية الصهيونية وخاصة منظومتي الصواريخ أرو-حيتس، وباتريوت، واختبار فعاليتها في اعتراض وإصابة (صواريخ إيرانية مفترضة) والتقاطها في الجو وإسقاطها خارج نطاق أهدافها.
الأهداف السياسية:
تهدف الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني من خلال هذه المناورة إلى توجيه عدة رسائل لأطراف مختلفة:
1. رسالة "تطمينية" من جانب الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بالتزامها بالخط السياسي العام لها تجاه الكيان الصهيوني ، بعد التخوف الصهيوني من توجهات الإدارة الأمريكية حيال عملية التسوية والملف النووي الإيراني، إضافة إلى تجديد التعهد الأمريكي بالحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وضمان تفوقها العسكري في المنطقة.
2. توجيه رسالة واضحة لكل الدول التي لديها قدرات صاروخية في المنطقة أن ضرب الكيان الصهيوني أمرا بعيد المنال، والتفكير بذلك سيجلب الويل والدمار لها.
3. توجيه رسالة إلى كل من الأطراف المعادية للكيان الصهيوني (خاصة المقاومة اللبنانية والفلسطينية) مفادها أن أي مس ب الكيان الصهيوني لن يواجه فقط برد صهيوني فحسب، بل ستطاله "يد البطش الأمريكي".
4. توجيه رسالة مضادة للتهديد النووي الإيراني، لاسيما في ظل التلويح والتهديد الصهيوني المستمر بالخيار العسكري.
الأبعاد والدلالات:
تأتي هذه المناورة في توقيت يحمل الكثير من الدلالات والأبعاد المختلفة، إذ أنها لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن مجمل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تأتي في إطار الوضع المتأزم والتهديدات المتبادلة في المنطقة، وتشعب الحديث عن الملف النووي الإيراني والتهديد بالخيار العسكري، وعملية التسوية المتعثرة في الشرق الأوسط، وتدهور الوضع في العديد من دول المنطقة على رأسها (فلسطين، العراق، أفغانستان وباكستان)، ولعل أبرز دلالات هذه المناورة وأبعادها:
· تعبر هذه المناورة عن مظهر مهم للغاية من مظاهر التعاون الإستراتيجي الوثيق بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، والذي دائما ما يتبدى في صورة تعاون عسكري متزايد سواء على مستوى صفقات السلاح أو المناورات العسكرية المشتركة أو حتى عمليات الأبحاث الأمنية والعسكرية والاستخبارية المشتركة.
· تعتبر هذه المناورة بمثابة تثبيت وترسيخ ومحاولة لفرض قناعة الولايات المتحدة القائلة بضرورة حماية الكيان الصهيوني من أي تهديد خارجي للحصول على "سلام إقليمي".
· تعتبر هذه المناورة بمثابة تتويج لعملية استخلاص العبر من الحروب السابقة، وتأتي في سياق مقاربة الاستراتيجيات العسكرية بين الكيان الصهيوني وأمريكا.
· تكشف هذه المناورة عن استمرارية طرح الخيار العسكري للتعامل مع إيران بقوة على الطاولة الأمريكية، الأمر الذي ينذر بحرب إقليمية جديدة قد تنشب في المنطقة، ولعل هذه المناورة هي المقدمة لهذا السيناريو.
· وجهت هذه المناورة ضربة قاصمة لأحلام "السلام المنشود" في المنطقة، وهدمت ما يمكن أن يكون قد بني من نوايا حسنة على أرضية وعود الإدارة الأمريكية الجديدة بإحلال "السلام العادل" في المنطقة.
· تواصل الولايات المتحدة تعزيز تعاونها العسكري والأمني مع الاحتلال بمعزل عن التعنت الصهيوني في موضوع تجميد الاستيطان والتسوية، الأمر الذي يعكس حقيقة التوجهات والوعود الأمريكية الحالية في المنطقة.
· قيام واشنطن بإلغاء مشروع الدرع الصاروخي الذي كانت تنوي نشره في تشيكيا وبولندا ونقل مركز الثقل الصاروخي الأميركي من شرق أوروبا إلى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر كان له عدة نتائج أبرزها:
o إعطاء الكيان الصهيوني مزيدا من الثقة بالنفس والطمأنينة من خلال الدور الذي ستلعبه في الدرع الصاروخي الأمريكي الجديد.
o توفير المزيد من الحماية للكيان الصهيوني.
o ترطيب العلاقة الروسية الأمريكية، وكذلك الروسية الصهيونية بما يتيح المجال لإجراء صفقات محتملة بين الروس والأمريكان في الشأن النووي الإيراني.
o تعتبر هذه الخطوة بمثابة تهديد كبير للأمن القومي العربي، واختراق للسيادة العربية.