مخطط صهيوني لتمزيق عرب موريتانيا
المجد- وكالات
تميز الأسبوع السياسي في موريتانيا بضجة أثارها أول بيان صادر عن ثلاث منظمات يديرها ناشطون عرب طالبوا فيه العرب السمر الموريتانيين بالاستعداد للحرب الأهلية ضد العرب البيض.
وفيما لا تزال تتواصل تداعيات هذا الحدث في "كواليس" المؤسسة السياسية والاجتماعية الموريتانية، يبدو أن موريتانيا بدأت بالفعل تواجه مخططاً صهيونياً يسعى لمعاقبة هذا البلد على قطعه العلاقات مع "الكيان" الصهيوني، وتبقى الأسئلة التي تتردد في نواكشوط عن سبل مواجهة نظام الجنرال عزيز لهذا المخطط الذي يبدو أنه اخترق الخطوط الحمر.
وفي هذه الأثناء، وبحسب معلومات "الخليج" أعدت مجموعة من القيادات الموريتانية المقيمة في الغرب وفي داخل موريتانيا تقريراً مثيراً عن المخطط الصهيوني للفصل بين عرب البلاد السمر والبيض والتهيئة التي تجري لتنفيذ هذا المخطط الذي يكشف لأول مرة بهذه التفاصيل.
التقرير الذي نشرته صحيفة "البداية" الموريتانية تضمن معلومات خطيرة جدا عن مباشرة "الموساد" التقدم في مخطط تمزيق الوحدة الداخلية الموريتانية وذلك عبر اتخاذ آليات جديدة من شأنها زعزعة الاستقرار في البلد خلال السنوات القليلة المقبلة.
فقد نقل التقرير عن مصدر أمني كبير في العاصمة الموريتاني نواكشوط قوله إن الموساد أوكل إلى رجاله في العاصمة الفرنسية باريس مهمة تشكيل "ميليشيا" مسلحة في موريتانيا وتدريبها وتزويدها بالسلاح ليكون بإمكان هذه الميليشيا البدء ب"العمل الفاعل" في مرحلة لاحقة.
وقال المصدر إن الموساد كان قد باشر مهمة تمزيق البلد خلال الفترة الانتقالية الأولى (عهد العقيد أعلي ولد فال) وذلك بعد أن اتضح مدى الرفض الجدي والقاطع من طرف الشعب الموريتاني للعلاقات مع "إسرائيل".
وتم اتخاذ خطوات إضافية على هذا الطريق خلال فترة ولد الشيخ عبدالله بعد أن تم تسريب مضمون مكالمة هاتفية لولد الشيخ عبدالله خلال تواجده في دولة عربية يقول فيها لأحد مستشاريه، وكان يطلعه على بيانات متعلقة برفض الأحزاب لاستمرار العلاقة، "هذه العلاقة لا بد أن تقطع".
ويضيف التقرير "وفيما كان ولد الشيخ عبدالله يرتب لقطع العلاقة مع الكيان الصهيوني، كانت المفاجأة الكبيرة هي زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن لموريتانيا وطلبه من ولد الشيخ عبدالله عدم قطع هذه العلاقة بحجة أن ذلك يخدم إيران في المنطقة، وأن العرب باتوا يفضلون "إسرائيل" على إيران، وأن قطع هذه العلاقة سيؤذي الشعب الموريتاني بمخططات "إسرائيلية" جديدة، خاصة وأن "إسرائيل" كانت قد سلمت ملفات حركة تحرير الأفارقة الموريتانيين "أفلام" للأمن الموريتاني في عهد ولد الطايع ما أدى لتفتيت الحركة واختراقها".
وقال التقرير "وبرغم التزام عباس لقادة تل آبيب بعدم قطع موريتانيا لعلاقاتها ب"إسرائيل"، فإن عناصر الموساد بالسفارة "الإسرائيلية" بنواكشوط كانوا قد قطعوا خطوات كبيرة في سبيل اختراق المجتمع الموريتاني".
فقد تمكن "الإسرائيليون" عبر التواجد الميداني على الأرض الموريتانية من وضع تصور أكثر قابلية للتطبيق، إذ تم اتخاذ القرار بالتخلي عن دعم القضية الإفريقية في موريتانيا وتبني مشكلة "الحراطين" وذلك للاعتبارات التالية:
1- ان الحراطين يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع الموريتاني تقارب ال 48% من سكان الداخل (في الخارج يقيم 5.1 مليون نسمة من المهاجرين)، على عكس الأقلية الإفريقية التي لا تبلغ سوى خمس السكان (20%).
2- أن الحراطين يعانون من جميع أشكال التهميش، فمن بينهم نسبة لا تزال تمارس عليها العبودية التقليدية، ويمثلون أكبر أحزمة الفقر في البلاد، كما تنتشر في صفوفهم الأمية، ويسهل اختراقهم نظرا لطبيعتهم وواقعهم المجتمعي.
3- لدى العديد من الحراطين نقمة كبيرة على أسيادهم السابقين "البيظان" (العب البيض) الذين يتحكمون في السلطة ويملكون قرابة 90% من الثروات.
4- إن حركة "الحر" التي تمثل قيادات الحراطين ينتمي أغلبها للتيار الشيوعي الذي لا يعبأ كالعادة بأمور الدين الذي يمثل الرابط الأساسي للمجتمع الموريتاني.
وأورد التقرير أن البداية الفعلية لهذا المخطط هي:
العمل على إضعاف اقتصاد "البيظان" عبر تدبير أعمال لحرق الأسواق على أن تظهر كحرائق "قدرية" لا تقف خلفها أي جهة، وكذلك التخريب المستتر لمنشآت "البيظان" وأموالهم غير الخاضعة للرقابة الدقيقة (الثروة الحيوانية)، ورفع أجور اليد العاملة، والدخول في نزاعات عقارية مع الملاك التقليديين للأرض، ثم الدعوة الصريحة ل"الحراطين" للدفاع عن أنفسهم وتهيئتهم للقيام بثورة ضد "البيظان" ثم الشروع في أعمال عنف على غرار أعمال العنف العرقية التي شهدتها البلاد سنتي 1966 و1989.
التعبئة الدولية وراء منظمات الحر المنتقاة وتلك التي تم تمويل تشكيلها لإيصال صوتها للخارج وخاصة الدول والمنظمات الغربية والإفريقية (الحساسة اتجاه الرق)، وربط منظمات الحر بالتمويلات التي تقدمها الكنائس و"المنظمات العالمية الحرة" التي تعادي الحضارة الإسلامية العربية. وأضاف التقرير "بعد تسلم الجنرال محمد ولد عبدالعزيز للسلطة واتخاذه الخطوات النهائية لطي ملف الأفارقة وإغلاق الباب مرحلياً أمام ذلك المشكل، أقدم الجنرال على تجميد العلاقات مع "الكيان" الصهيوني، الأمر الذي دفع الموساد "الإسرائيلي" لرفع درجة تنفيذ المخطط.
فقد عززت منظمات الحر الجديدة من حربها الإعلامية (مؤتمرات صحافية، منشورات، كتابات جدارية، أفلام وثائقية، سلسلة مقالات ومعالجات سياسية، اختلاق حالات رق، افتعال حالات نزاع بين الأرقاء السابقين والأسياد، تعبئة عنصرية في آدوابه والتجمعات السكانية في الكبات والحياء الفقيرة…).
وفي منحى جديد كشف التقرير عن مصدر مطلع في العاصمة الفرنسية باريس أنه في بداية هذه السنة2009 قام المدعو "مالك شبل" وهو شخصية معروفة بخدمة قضايا الصهيونية، ومكلف من قبل الموساد باختراق كل ما هو عربي أو إسلامي، وخاصة أنه الرجل المكلف من قبل "إسرائيل" بإدارة "ملف دارفور" بالإشراف شخصياً على زيارة بيرام ولد الداه (رئيس منظمة) إلى فرنسا وفتح أمامه أبواب وزارة الخارجية الفرنسية ليعقد مؤتمراً صحافياً يبث خلاله دعايته أمام الصحافة الدولية، وفي نفس اليوم الذي عقد فيه المؤتمر الصحافي لبيرام ولد الداه في وزارة الخارجية الفرنسية نشرت صحيفة "لوموند" (الصحيفة الفرنسية الأكثر شيوعاً) ملفاً متكاملاً عن العبودية في موريتانيا.
ويضيف المصدر "بعد عودة بيرام من زيارته للغرب وإلقائه محاضرات عن العبودية في موريتانيا، ومد المنظمات الغربية بتقارير مهمة عن موريتانيا في مختلف المجالات وخاصة الدور الليبي والإيراني الجديد في موريتانيا في ظل نظام الجنرال عزيز، لوحظ دعوته المباشرة للحراطين للقيام بأعمال جنائية ضد البيظان".
في تشرين الأول الماضي وجهت الحكومة الموريتانية، وباقتراح من وزير حقوق الإنسان محمد الأمين ولد داده، الدعوة للأمم المتحدة لإجراء تحقيق حول العبودية في موريتانيا.
وقال التقرير إنه بدل الوعي بخطورة القضية ومعالجة الملف داخلياً وقعت السلطات، والمجتمع، في "كمين" سياسي" و"حقوقي" لا يرحم عبر هذه الدعوة غير المبرمجة والتي لم يجر الإعداد لها إلا من طرف واحد داخليا وأطراف خارجية كثيرة، وهكذا أصبحت موريتانيا مدانة رسميا على المستوى العالمي.
وفي الشهر الجاري (4/11/2009)، أعلنت غولنارا شاهينيان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لأشكال العبودية المعاصرة في نواكشوط أن "حالات عبودية خطيرة جداً ما زالت موجودة في موريتانيا. ويتعرض أفراد لأشكال متنوعة وخطيرة جداً من العبودية، بعضها في الأرياف وغيرها في المدن".
إتهم التقرير غولنارا شاهينيان، وهي أرمينية، بأنها مجندة للصهيونية العالمية ودفعت بها لتشغل العديد من المناصب العالمية. وتساءل التقرير هل كانت زيارة شاهينيان (الصهيونية المشبعة بكره العرب) زيارة اعتيادية وطبيعية أم وراءها كومة كبيرة داخلية؟
وهكذا، يضيف التقرير، فوجئ الرأي العام الموريتاني يوم الثلاثاء الماضي ببيان منسوب لثلاثة تنظيمات غير مرخصة من طرف السلطات، أصدرت بيانا دعت بشكل صريح للاستعداد للقيام بأعمال جنائية وفتنة طائفية تستهدف البيظان.
وقال "ومن "الطريف" أن اللوبي الصهيوني هو الذي دشن انطلاقة حركة "قوات تحرير الأفارقة الموريتانيين" (أفلام) بمساعدة يهود المغرب الذين انتهزوا فرصة سوء العلاقات الموريتانية المغربية وقتها لوضع ذلك المخطط، وتساءل التقرير "كم كلفتنا تلك القضية.. وحتى كم ستكلف في المستقبل"؟
استنساخ صورة "دارفور" في موريتانيا واستخدام مصطلحات "الجنجويد" و"العرب البربر" و"المجاميع المتعاونة مع السلطة" إلى غير ذلك يعتبر بحق معطى سياسيا جديدا يعني التغافل عنه التوقيع ضمنيا على وثيقة حرب أهلية وشيكة يخطئ من يظن أنها ستقتصر على الحوزة الترابية الحالية، ففي الشرق قبائل إقليم "أزواد" ذات خبرة عقود في الحرب الأهلية، وفي الشمال القبائل الصحراوية المتحفزة والأطماع الجزائرية والمغربية "المزدوجة"، وفي الجنوب دولة السنغال التي تتفرج على مصائد الأسماك وعلى النفط المستخرج من المياه الإقليمية الموريتانية. فضلاً عن المطامع في مياه النهر والأراضي الزراعية في الولايات الجنوبية.
وخلص التقرير إلى أنه "على القوميين العرب وعلى السلطة مواجهة "الدارفوريين الجدد" إذ إن القبول بطرح يفرق الأغلبية العربية في البلاد إلى عرب بيض وعرب سمر، أمر بالغ الخطورة ويجب التصدي له بكل قوة، وربما بكل خبث".
وختم التقرير باعتبار "الحراطين يمثلون مستقبل العروبة في البلد والتغاضي عن زرع الكراهية في صفوف هؤلاء لحضارتهم العربية قرار يعني نهاية "موريتانيا الشنقيطية" إلى الأبد".