مقاومة الجواسيس والتخفي عن عيونهم مبدأ أمني يحقق المبادرة والسيطرة
المجد-
لقد كان قادة الفتح الإسلامي يحذرون من أن يطلع العدو على أسرارهم ويحذرون جواسيس العدو ، فكان أبو عبيدة بن الجراح في حروبه يحذر من تسرب الأخبار إلى العدو ، وقد قال لخالد بن الوليد ذات ليلة:"يا أبا سليمان إن جواسيس عدو الله تكشف أخبارنا وتوصلها إليه ، فإني أقسم عليك إلا جلت في عسكرنا جولة واختبرت أمر الناس فلعلك تقع بأحد من جواسيسه ، فجال خالد وأمر الناس بالحذر والحيطة فاكتشفوا رجلاً بين صفوف المسلمين فأنكر أنه من جواسيس الأعداء ، ولكنه ظهر انه مرتبك ، وعندما رآه أبو عبيدة على هذا الحال أمره باختباره بالقرآن الكريم وفحصه بالصلاة ومدى معرفته لها ، فلم يحسن ما يحسنه المسلمون ، فاستخبره عن شأنه فأقر أنه من عيون العدو.
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سراياهم التي كان يرسلهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يكمنون النهار ويسيرون في الليل وذلك من باب التعمية على العدو والحذر منه ، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل سعد بن وقاص بسرية لاعتراض عير قريش فخرجوا وهم يمشون على أقدامهم يكمنون النهار ويسيرون في الليل حتى وصلوا إلى مكان "الخرار" (موقع بالحجاز ).
هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرهم يكمنون الليل ويسيرون في النهار وذلك بتوجيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول في رواية عن انس بن مالك رضي الله عنه: عليكم بالدجلة فإن الأرض تطوي بالليل.
لذا فمن أهم ركائز مقاومة جواسيس الأعداء اتخاذ الإجراءات السليمة في الحرص من أن تتسرب الأخبار إليه ، وإن من أهم وسائل مقاومة جواسيس الأعداء الكشف عمن يقومون بأعمال التجسس وتعقبهم ، ومتابعة نشاطاتهم وذلك بالوسائل السرية في حماية الأسرار لإحباط محاولات العدو من الحصول على معلومات عن المسلمين عن طريق جواسيسه وأعوانه في الداخل.
فقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تتسرب الأخبار إلى العدو وعمل على مقاومة جواسيس قريش في مكة والمدينة ، فبث عيونه ودورياته لتجوب الدروب حول المدينة دون تسرب المعلومات إلى قريش ، كما بث عيونه في الداخل ليقضي على كل خبر يمكن أن يصل أو يتسرب إلى قريش عن طريق عيونها داخل صفوف المسلمين وذلك في فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة ، وذلك ليتمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم من السيطرة على الموقف وليستفيد من عنصر المبادرة أيضاً.