تقارير أمنية

بين ليفني وغولدا مائير – الزمن لا يعمل لمصلحة إسرائيل

المجد-

حين كانت تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية حتى آذار الماضي شكلت من موظفين مختصين في وزارتها لجنة قانونية قبل أكثر من عامين وكلفتها إزالة جميع مذكرات التحقيق أو إلقاء القبض التي صدرت عن محاكم في بريطانيا وفي دول أخرى، وفي ذلك الوقت اشتكى قادة الجيش المتقاعدون مثل (يعالون) وزير في حكومة نتنياهو الآن، ودورون ايلموغ جنرال احتياط فرّ من مطار لندن على نفس طائرة إلعال الإسرائيلية عام 2004 حين علم بوجود مذكرة اعتقال لمحاكمته بارتكاب جرائم حرب، لكن ليفني لم تستطع إزالة المذكرات القضائية هذه ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين بل ولم تتمكن من إيقاف تزايدها ضد 11 شخصية بينهم وزراء وجنرالات، وها هي ليفني وغولدا مائير الثانية تحاول تجنب إلقاء القبض عليها بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية حين تعلن أنها لا تستطيع زيارة لندن لحضور مؤتمر (للصندوق القومي اليهودي) ولا للاجتماع المقرر مع رئيس الحكومة البريطانية (غوردون براون) على هامش زيارته؟!

ويعتقد المراقبون أن ليفني زعيمة حزب كاديما والمعارضة الآن ارتكبت خطأ حين أعلنت في رد فعلها على مذكرة إلقاء القبض عليها بأنها دعمت وتدعم حتى الآن كل ما قام به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 28/12/2008 ضد الفلسطينيين لأن اعترافاً كهذا سيحمله المدعون إلى المحاكم التي سيعرضون فيها ادعاءاتهم ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين.

وفي الأسبوع الماضي عرض ستيفن سالاتياز الكاتب السياسي الأميركي مدى فداحة الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد البشرية حين أجرى مقارنة بين نسبة الضحايا الفلسطينيين من الأطفال والنساء بحسب عدد سكان القطاع فكشف أن مقتل 500 طفل فلسطيني في الحرب الأخيرة على قطاع غزة الذي يعيش فيه 1.4 مليون يعني مقتل 305 آلاف طفل أميركي بالمقارنة مع عدد الأميركيين 305 ملايين.

وإذا كانت غولدا مائير وزيرة الخارجية ورئيسة الحكومة سابقاً قد ضللت قبل عقود كثيرة الرأي العام الأوروبي والعالم الغربي فإن ليفني وشركاءها في جرائم الحرب لم يعد في مقدورهم الآن تضليل الجميع وخصوصاً في عصر لا يمكن فيه حجب الصور والمعلومات والأرقام عن الرأي العام، فخلال ثلاثة عقود لا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن حروباً ليس ضد جيوش بل ضد مدنيين ومنظمات مقاومة تولت مسؤولية الدفاع عن أراضيها وهذا ما حدث بعد اجتياح إسرائيل للبنان في الثمانينات وما حدث منذ عام 1967 للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان.

ولا شك في أن انتقال هذه الحقائق إلى مستوى المطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب بل محاكمة (إسرائيل نفسها) وإلى مستوى الدعوة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية في بريطانيا وأوروبا بشكل عام لا يقلق القادة الإسرائيليين فحسب بل يزعزع الشرعية التي منحتها دول أوروبا لهذا الكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة قبل أكثر من ستين عاماً.

تحسين الحلبي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى