عين على العدو

العودة بخفى حنين

 


أزراج عمر



عاد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن من واشنطن بعد لقائه مع الرئيس بوش خالى الجراب..


هكذا صرّح فى شرم الشيخ أثناء محادثاته مع الرئيس المصرى حسنى مبارك. فخلال لقاء عباس-بوش قال هذا الأخير بأنه بصدد وضع اللمسات على “معالم” الدولة الفلسطينية.


وإن كلمة “معالم” تعنى البحث مجددا من قبل الإدارة الأمريكية عن صيغة لا علاقة لها بالمطالب الفلسطينية المتمثلة فى تطبيق الشرعية الدولية التى تعنى عمليا إنشاء الدولة الفلسطينية على أساس حدود ما قبل حرب 1967.


فإدارة بوش ترفض عودة اللاجئين جملة وتفصيلا. وفى الوقت نفسه تعتبر القدس الشرقية جزءا من السيادة الإسرائيلية. وفضلا عن ذلك، فإن هذه الإدارة تؤكد مرارا بأن المستوطنات الإسرائيلية القديمة فى الضفة الغربية يجب القبول بها فلسطينيا.


وفى الوقت ذاته، فإن المشكلات الأخرى مثل المعابر، والمياه، والمجال البحرى لم تحسم بشكل يضمن الحياة للدولة الفلسطينية المفترضة، أو لنقل، المتخيلة.


وأكثر من ذلك فإن شكل الدولة الفلسطينية الجغرافى يتميز بأنه فسيفساء مبعثر ومنفصل. ومن هنا، فإن صيغة الدولة الفلسطينية التى فى مخيلة الرئيس الأمريكى جورج بوش هى مجرد جزر، وبقع لا شيء يصل فى ما بينها.


وعلى ضوء هذه الصيغة، فإن هذه الدولة المفترضة غير قابلة للحياة، بل إنها ستتحول إلى تابع للدولة الإسرائيلية فى كل المجالات فى حالة تطبيق ما يدعوه الرئيس بوش بالمعالم.


وفى الواقع فإن ثمة احتمالات كثيرة بخصوص إعلان الدولة الفلسطينية قبل انتهاء عهدة الرئيس بوش..


إنه يحتمل أن تختلق إدارة أولمرت وقائع جديدة تحول دون ذلك، مثل تفجير الحرب مع إيران، أو اجتراح نزاع مسلح مع سوريا.


إن أوراق اللعبة التى بيد إسرائيل لطمس خريطة الطريق، وإلغاء الإعلان عن الدولة الفلسطينية كثيرة. فالدلائل المادية متوفرة لتدعيم هذه الاحتمالات.


إن مبادرة التهدئة مع إسرائيل التى قبلت بها حركة حماس والتى مدتها ستة أشهر تدخل أساسا فى التكتيك الفلسطينى لاختبار مدى جدية وعد بوش لإعلان ميلاد الدولة الفلسطينية، ومدى جدية نوايا حكومة أولمرت.


وإن مدة ستة أشهر هى المدة التى بقيت لإدارة بوش فى البيت الأبيض. ولكن حكومة أولمرت رفضت مبادرة حركة حماس علما أن هذه المبادرة تمثل الحد الأدنى للتنازل الفلسطينى وبالأحرى لتنازلات المقاومة الفلسطينية.


هناك علامات استفهام كبيرة أمام نوايا الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش فى تحقيق مطلب إنشاء الدولة الفلسطينية.


فهو قد استبعد الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وكذلك اللجنة الرباعية من وضع الخطوط العريضة للحل النهائي.


وإلى جانب ذلك فإنه قد همّش الجامعة العربية حيث أنها تحولت إلى مجرّد رأى استشارى فى أحسن الأحوال.


إن اختزال القضيّة الفلسطينية إلى مجرد ثالوث أمريكي- إسرائيلى وسلطة فلسطينية يعنى الانفراد بها، والتصرف فيها وفقا للخطة الإسرائيلية وأهداف الدولة العبرية على المدى الطويل والمتمثلة فى إنشاء كيان فلسطينى هلامى وتقييده وتفريغه من محتواه النضالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى