عين على العدو

أطفال غزة لا بواكي لهم

صحيفة الدستور الأردنية


 لو أن ذئباً مفترساً هاجم منزل أسرة مترفة في إحدى عواصم العالم «المتحضر» وقتل أربعة من قططها الأليفة ، لهاجت الدنيا وماجت ولقامت وسائل الاعلام الدولية بالتحرك الى عين المكان لنقل الجريمة البشعة بالصوت والصورة،


أما أطفال غزة البؤساء الذين يحاصرهم الموت من كل جانب ويصب عليهم المعتدون نيران حقدهم المجنون بلا هوادة ، فهؤلاء لا بواكي لهم ، ولا أحد ينتبه لموتهم ، فالإعلام الغربي مشغول بملاحقة الشعلة الأولمبية من عاصمة الى أخرى خشية أن يطفىء نورها أنصار الدلاي لاما الهمجيون!.


لقد أباد العدوان الاسرائيلي أمس أسرة بكاملها فقتل أماً وأطفالها الأربعة الذين لم يبلغ أحد منهم سن السادسة في بيت حانون بقطاع غزة دون أن يتوقف العالم ولو للحظة للتفكير في هذه المأساة أو محاسبة المسؤولين عنها.


لقد أقامت اسرائيل الدنيا ولم تقعدها من أجل أحد جنودها المحتلين الذين اختطفوا ، وقتلت من أجله حتى الآن آلاف النساء والأطفال والرجال.. أما نحن فقد احترفنا احصاء الشهداء وأصبح تساقط جثث أبنائنا في فلسطين والعراق وغيرهما حدثاً عادياً.. فماذا يعني سقوط أربعة أطفال جدد؟ إنهم مجرد أرقام أخرى تضاف الى قوائم الذبح اليومي التي لا تستوقف أحداً.


لقد قتل الاسرائيليون أمس مسعداً الذي يبلغ من العمر عاماً واحداً (وكان سميه قد استشهد أيضاً العام الماضي) ، كما قتلوا بضربة جبانة واحدة هناء ذات الأعوام الثلاثة وردينة التي تكبرها بعام وصالحاً ذا السنوات الخمس ، إضافة الى والدتهم المرحومة ميسر التي كانت تجلس مع أطفالها في بيتهم الصغير البائس لتناول طعام الإفطار المتواضع.


الويل كل الويل لأمة لا يستوقفها مقتل أطفالها الأبرياء بينما هي تواصل اللهو والعبث والركض وراء الملذات. لقد خف وزن الانسان العربي بين أقرانه من شعوب العالم ، وتكالب علينا المعتدون وولغوا في دمائنا دونما رحمة ، ونحن مطأطئو الرؤوس ضعفاء أذلاء لا رجاء لنا ولا مخرج من هذا الهوان الذي يحاصرنا من كل مكان لأننا مشغولون بالتآمر على بعضنا بعضاً ونسج المكائد والدسائس الصغيرة ، بينما الأعداء يسرحون ويمرحون في ديارنا ويتلهون بقنص أطفالنا كما تقنص العصافير..


أتحداكم أن يمتلك أي منكم الجرأة لتدقيق النظر في صور الأطفال الشهداء الأربعة وفي عيونهم البريئة.. فهذه العيون تقول لكل منا وبأعلى الصوت: إنني أتهم كل واحد منكم وأحملكم مسؤولية حياتي التي أهدرت وطفولتي التي استبيحت تحت أسماعكم وأبصاركم..


معذرة أطفال غزة الأحياء منكم والأموات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى