الأمن عبر التاريخ

من مهام رجال المخابرات في العصر الأموي

المجد- خاص

هذه المراقبة من المهام برجال المخابرات في العصر الأموي، فقد سار الخلفاء الأمويون على سيرة الخلفاء الراشدين في مراقبة العمال مسترشدين بمعطيات القرآن الكريم، الذي يؤكد على أن المنصب هو مسئولية، يثمر تشريفاً في الدنيا والآخرة، في حالة إقامة العدل، ويكون خزياً في حالة الركون إلى الظلم وإتباع الهوى، استناداً لقول الله عزّ وجلّك (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) [ص: 26]. واستناداً إلى قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم : "ما من عبدٍ استرعاهُ اللهُ رعيةً، فلم لحطها بنصيحة، إلا لم يجد ريح الجنة".

لقد عُرف عن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان كغيره من الخلفاء بأنه شديد اليقظة كثير الحذر، والتعهد لعماله، حتى ولو كان ذلك العامل أخاه، فكان يتعهد لأحد عيونه بمراقبة عماله، كما حدث مع أخيه بشر بن مروان عندما كان والياً على العراق بعد مقتل مصعب بن الزبير، حيث ترك معه روح بن زنباغ الجذامي كعين على بشر هذا يراقبه ويقوّم أعماله، ويرسل التقارير إلى الخليفة في دمشق.

وقد أخبرت عيون الخليفة عبد الملك بن مروان بأن أحد عماله قبِل هدية، فأمر باستدعائه، وحقق معه، فاعترف بقبوله الهدية، وحاول تبرير فعلته دون جدوى، ولكنه عزل.

وقد بلغ الخليفة عبد الملك بن مروان عن طريق عيونه أن الحجاج بن يوسف الثقفي قد أسرف في معاقبته المناوئين له، بعد دير الجماجم، وفي مكافأة الموالين له، أرسل إليه مهدداً محذراً.

كما عُرف عن واليه الحجاج بن يوسف الثقفي مراقبته لعماله، حتى في تصرفاتهم الشخصية عندما بلغه عن مالك بن أسماء الفزاري شعراً فيه فحش، استدعاه وحقق في الأمر، وعندما ثبت الأمر عليه عزله.

ومن ين هذه المراقبات ما مارسه الخليفة سليمان بن عبد الملك أثناء خلافته، وكان لا يتوانى في عزل منْ يُعرف عنه التقصير، كما حدث مع خالد القسري عامله على مكة، عندما أساء السيرة مع أهلها.

كما حرص الخليفة عمر بن عبد العزيز على أن يكون له عيون لمراقبة عماله وموافاته بالأخبار عنهم، فعندما وصلته أخبار مع عيونه عن أن موظفي الخراج، في إقليم فارس يمارسون الظلم إزاء الفلاحين، من خلا تسعير منتجاتهم الزراعية، بطريقة غير عادلة فضلاً عن انعدام الأمن في الإقليم، أرسل مجموعة من أتباعه للتحقيق، وطلب من واليه عدي بن أرطأة عامل العراق التعاون التام مع هذه المجموعة.

كما أرسل الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عاملة على خراسان الجراح الحكمي، مندداً لاستخدامه العصبية القبلية، والتي أثارت حالة من التوتر بين التجمعات القبلية.

كما ندّد باستخدام أحد عماله لأهل الذمة، في المناصب الحساسة، لما في ذلك من تأثير سلبي على سير وتنفيذ السياسات العامة للدولة، لا سيما العلاقات متوترة مع العدو البيزنطي.

كما عُرف عن الخليفة هشام بن عبد الملك أنه كان يُراقب تحركات أكبر ولاته وهو خالد بن عبد الله القسري، الذي يتولى حكم العراق والشرق من خلال عيونه وجواسيسه، وفي رسالة شديدة اللهجة أشار فيها إلى نمو ثروته الشخصية، استناداً إلى وسائل غير مشروعة،وإلى أتباع أخيه أسد القسري، عامل خراسان للعصبية القبلية فيها، فضلاً عن استخدامه المفرط لأهل الذّمة، على حساب نظرائهم من المسلمين، فضلاً عن محاولة الدؤبة في إحاطة شخصه بهالة من التعظيم والتبجيل، مما يجعله نداً للخليفة، وحصوله على هدايا النوروز والمهرجان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى