تقارير أمنية

حرب العملاء مفتوحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين

المجد- وكالات

حين قتل مسلحون فلسطينيون في مدينة بيت لحم قبل سنوات سائق تاكسي عمومي أصيب كثير من أهالي المدينة بالذهول غير مصدقين أنه كان أحد أخطر عملاء الاحتلال.

وكشفت اعترافات السائق (40 عاما) الذي تبرأت منه عائلته لاحقا والذي تجند لخدمة العدو الصهيوني منذ كان في سن مبكرة أي نحو 15 عاما أنه كان يقف وراء عدة اغتيالات نفذتها دولة الاحتلال  في المدينة عبر إعطائه مشغليه معلومات حول أماكن وجود مطلوبين لكن أخطر اعتراف له على الإطلاق كان أنه شارك شخصيا في اغتيال أحد قادة الجهاد الإسلامي وجاء في اعترافاته أنه ارتدى زي الجنود الصهاينة  ونفذ معهم المهمة.

تعلم الناس آنذاك أن كل شخص يمكن أن يكون هو العميل كان يشعر الفلسطينيون أن كل شيء «مخترق» وفي الحقيقة فإن هؤلاء العملاء نجحوا وتمكنوا من اختراق الفصائل الفلسطينية ومعها الأجهزة الأمنية الفلسطينية وهذا ما تظهره محاكمات تجرى هذه الأيام في الضفة وغزة.

وربما ساعد على انتشار مزيد من العملاء هو استغلال الحالات الضعيفة والظروف الحرجة التي يعيشها  الفلسطينيون.

وكانت السلطة الفلسطينية توقفت بعد قليل من تنفيذها أحكام إعدام في 2001 بعد عام من اندلاع الانتفاضة الثانية بعدما ثارت ثائرة دول أوروبية هددت بوقف تمويل السلطة وهو ما اضطرت المقاومة وكوادرها أن يأخذوا على عواتقهم هذه المهمة.

وقتل الفلسطينيون عشرات من هؤلاء العملاء مثلما فعلوا مع سائق التاكسي أو من ثبتت عليه العمالة بالبرهان والدليل  أنهم عملاء .

 إذ لا يعرف بالضبط عدد العملاء الذين تمكنت إسرائيل من تجنيدهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن هم.

وتصطاد المخابرات الشبان الفلسطينيين على الحواجز في الضفة الغربية أو أثناء عودتهم من السفر على الجسور.

وهناك من يتلقى اتصالات هاتفية مباشرة على جواله من ضباط في المخابرات يستدعونه للحضور.

وساومت المخابرات آلاف الشبان مقابل منحهم تصاريح دخول إلى إسرائيل أو تحسين مستوى معيشتهم أو السماح لهم بالالتحاق بجامعات في الخارج أو تلقي العلاج.

واستغلت المخابرات الصهيوني حاجة بعض الشبان وهناك محاكمات لعملاء في الضفة تجندوا مقابل 50 دولارا أو أقل أو أكثر أو مقابل هدايا من نوع هاتف جوال أو أحيانا بطاقة تعبئة رصيد في هذا الهاتف التي لا تزيد على 10 دولارات والبعض تم اصطياده عبر شبكات الإنترنت أو في قضايا جنسية.

ودلت التحقيقات التي أجرتها أجهزة أمنية فلسطينية في غزة وفي الضفة أن جهاز «الشاباك» توسع مؤخرا في توظيف الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) في محاولاته لإسقاط الفلسطينيين عبر بعض المواقع الاجتماعية على الإنترنت مثل «فيس بوك» و«تويتر»، وهناك أساليب أخرى أقل جهدا ومثلا، اعترف أحد العملاء في غزة أن «الشاباك» قام بابتزازه ومساومته حيث طلب منه التعاون مقابل عدم نشر صوره وهو يرتشف فنجان قهوة مع ضابط المخابرات في مكتبه بمعبر «إيرز» في غزة وهدده بإرسالها على إيميلات مواقع المقاومة وبعض الإيميلات الفلسطيني بينما اعترف عميل آخر بأن ضابط «الشاباك» عرضوا عليه السماح لابنه المريض بالسرطان بالعلاج مقابل معلومات أمنية تتعلق بنشاطات المقاومة في المنطقة المجاورة لسكنه.

أما حول طريقة دفع المكافآت للعملاء فهي الطريقة المعتادة إسرائيليا والمعروفة بـ«البريد الميت» إذ يقوم الضابط المشغل بإخبار العميل بأن يتوجه إلى مكان محدد فيجد في نقطة محددة مبلغا ماليا.

وكانت الحكومة بغزة أعلنت عن أنها فتحت باب التوبة والعفو للعملاء ابتداء من الثامن من مايو (أيار) الحالي وحتى العاشر من يوليو (تموز) المقبل وعمليا سلم عشرات من العملاء أنفسهم بعدما تعهدت الحكومة بغزة  بسرية المعلومات.

وقال وزير الداخلية فتحي حماد: «نحن نقوم بالتحقيق مع الكثير من العملاء الذين يرتبطون مع الاحتلال ويزودنه بمعلومات عن عناصر المقاومة الفلسطينية وعن أماكن وجودهم».

ويعتبر الاحتلال قطاع غزة المحاصر أرضا خصبة لتجنيد عملاء لحاجاتهم الإنسانية، ويحاول كثيرا مع مرضى يطلبون التصاريح لتلقي العلاج، كما يرسل إلى هواتف الغزيين رسائل تغريهم بمبالغ مالية كبيرة.

وهذا الشهر فقد بث التلفزيون الصهيوني تقريرا عن حرب العقول المشتعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في مسألة تجنيد وملاحقة العملاء.

وتحدث التقرير عن عملاء اعتقلتهم السلطة وهربتهم إسرائيل، وعملاء آخرين أخذتهم إسرائيل إلى مناطق تسيطر عليها واختطفتهم السلطة من هناك كما تحدث عن صعوبة تجنيد عملاء في القطاع في وقت أخذت فيه الحكومة بغزة  تضرب بيد من حديد.

هذا وتواجه ظاهرة العمالة بغزة حملة مخططة من قبل الجهات الحكومية والمقاومة بأساليب مختلفة منها فتح باب التوبة لمن يرغب في العودة لشعبه ، ومنها بالعقاب لمن أصر على فعلته وبقي في صف العدو الصهيوني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى