على الدرب: كارتر الأمس وكارتر اليوم هل سوى جزاء.. سنمار..؟
لم تبق كلمة أو نقيصة الا.. وألحقتها الصهيونية العالمية واسرائيلها بهذا (الختيار) الذي كان قبل ثلاثين عاماً رئيساً للدولة الأميركية،. والختيار هو.. الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر،.
صحيح.. ان صحوة الضمير لدى كارتر جاءت متأخرة أكثر من اللازم ، فيما يتصل بسياسته التي شاركه في رسمها مستشار الامن القومي آنذاك بريزنسكي ووزير خارجيته مايس تجاه مسألة السلام في منطقتنا. إلا أن أحداً لا ينكر بأنه… منذ انتهاء رئاسته وفشله في تجديد رئاسته ، ظل يبدي الملاحظات ويطلق التصريحات (الناعمة) عن ضرورة التخفيف من انحياز الادارة الأميركية وذهابها الى كل هذا المدى في دعم اسرائيل والوقوف الى جانبها ، تحت كل الظروف،، بل انه لم يتردد في اتخاذ الموقف الحازم الحاسم من وجوب الانسحاب الاسرائيلي من لبنان ، اثر اجتياحه عام 1978 . حين قامت حكومة اسرائيل بقيادة مناحيم بيغن بمغامرتها في احتلال جنوبي لبنان. ادارة كارتر في ذلك الوقت أيدت بنوع من الحماس ، اصدار مجلس الامن قراره الدولي الشهير 425 على الرغم من وقوف اللوبي اليهودي في أميركا ضده،،.
وللانصاف والحق.. فان الرئيس كارتر لم يكن متحمساً لزيارة الرئيس السادات الى القدس ، بل كان ميالاً الى عقد مؤتمر دولي في جنيف ، يجمع الاطراف المعنية كلها ، وفقاً لما جرى الاتفاق عليه في مؤتمر جنيف الذي انعقد بعد حرب تشرين اواخر العام 1973،. إلا أنه ، في النهاية ، اضطر بعد تردد الى الرضوخ لضغوط اللوبي اليهودي. فرحب بخطوة السادات،، وليس هذا فحسب ، بل انه رضخ للضغوط نفسها عندما أقال مندوب أميركا بالامم المتحدة لأنه عقد اجتماعا مع مراقب منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة،،.
زيارة السادات للقدس ، لم تقتصر تداعياتها على احداث رجة مريعة في الشرق الاوسط كله ، بل انها قضت على فكرة المؤتمر الدولي في جنيف،. ومن تداعياتها الاكثر خطورة ، انها قادت الى جعل مفاوضات السلام(،) محصورة بين المصريين بقيادة السادات وبين الاسرائيليين بقيادة بيغن في منتجع كامب ديفيد،،.
في كامب ديفيد جرت المفاوضات بين الوفدين المصري والاسرائيلي باشراف ووساطة كارتر ومعاونيه. وبالرغم من تكتيكات المفاوضات التي استمرت اكثر من اسبوعين تخللها العديد من عمليات الشد والجذب والممانعة والمناورات التي بلغت أحياناً درجة التظاهر بترك الاجتماع والمغادرة ، إلا ان استجابة اسرائيل لمطالب مصر القطرية ، من جهة ، ووعود كارتر للسادات بمساعدته ، مقابل ان يساعده السادات في انجاح المؤتمر ، لأن من شأن نجاح المؤتمر رفع شعبية كارتر وبالتالي.. رفع نسبة نجاحه في تجديد رئاسته ، من جهة اخرى ، جعلا السادات يقدم على توقيع المعاهدة التي لم يكن من شأنها الا اخراج مصر من ساحة الصراع العربي الاسرائيلي وتحييدها،،.
وثمة اتفاق آخر تم بين الطرفين ينص على اقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في مناطق وجودهم (وليس للشعب الفلسطيني أو الارض الفلسطينية المحتلة)،،،.
جرى هذا.. مع ان السادات كان من اشد المتحمسين في ان تكون منظمة التحرير الفلسطينية هى «… الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني»،،.
ويسجل هنا ان وزير خارجية مصر في كامب ديفيد محمد ابراهيم كامل قد استقال ابان المؤتمر لأنه رفض القبول بما قبله رئيسه السادات،،.
ويسجل هنا ايضا ، ان المغفور له الملك حسين بقي في لندن طوال فترة المؤتمر في كامب ديفيد في محاولة لدفع السادات الى التريث والى عدم القبول بالشروط الاسرائيلية المتصلة بالقضية الفلسطينية،،.
جريمة كارتر الكبرى في كامب ديفيد انه لم يقدر النتائج والتداعيات التي يمكن ان تنتج عن هذا التفرد المصري الساداتي في ما توهمه بداية عملية السلام ، مع انها لم تكن بالاساس سوى خطة اسرائيلية متفق عليها.. مخطط لها،.
وبعد التوقيع ، حاول كارتر ان يستميل الدول العربية ويجرها الى تأييد المعاهدة الشريرة والالتحاق بها. غير ان الدول العربية لم تقابل محاولات كارتر بسوى الرفض والازدراء. وعُزلت مصر عربياً ، فضلا عن ان مغامرة السادات انتهت باغتياله،،.
وعلى فكرة.. فان كارتر ، وفي سعيه لاسترضاء اليهود قام بمدهم بمعونات عسكرية ومادية ومالية لم تكن مسبوقة ، ومع ذلك.. مع كل ما فعله لأجلهم ، لم يكن نصيبه من عرفان اليهود وتقديرهم ومكافأتهم أكثر من نصيب سنمار المعروف،،.