مطالبات بجهد جماعي لمجابهة التخابر مع الاحتلال
المجد-
طالب سياسيون ومختصون الأحد بتكامل الجهود ما بين الأجهزة الأمنية وفصائل المقاومة والمؤسسات الوطنية لمجابهة التخابر مع الاحتلال وتحصين المجتمع الفلسطيني من محاولات تجنيد العملاء والقضاء على النسيج الداخلي.
ودعا هؤلاء خلال ندوة نظمتها وزارة الداخلية في غزة بعنوان "ظاهرة التخابر مع الاحتلال ودورنا في محاربتها" إلى تحسين العلاقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية وتعزيز الانتماء الوطني، وإزالة أسباب الإحباط التي عكسها تردي الأوضاع المعيشية والانقسام.
وقال رئيس مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس: "إن التخابر مع العدو جريمة تعاني منها كل الشعوب وليست حكراً على الشعب الفلسطيني أو حالة فريدة، بالرغم من خطورة هذه الجريمة، مضيفاً "أن الاحتلال لا يقتصر في تجنيد العملاء على الحصول على المعلومة وإنما يهدف إلى المس بالثوابت والمبادئ".
وأكد أن ابتزاز الاحتلال للمواطنين الفلسطينيين واستغلال الوضع المعيشي الذي فرضه عليهم لتجنيد العملاء يُعد جريمة حرب، كون ذلك مخالفاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقية "جنيف" التي تلزمه بالحفاظ على مستوى مقبول من رفاهية السكان واحترام كرامتهم.
وشدد على أن التخابر مع الاحتلال جريمة تستوجب محاكمة من اقترفها ومن أمر باقترافها، لافتاً إلى أن قانون العقوبات الدوري في القانون الفلسطيني يعتبرها جريمة خطيرة ويطالب بالإعدام لمن يرتكبها.
من جانبه، عدَ الباحث القانوني هشام المغاري أن الاحتلال يحاول إيجاد صف من العملاء لجمع المعلومات وضرب المقاومة الفلسطينية لمحاولة إفشالها وإضعاف ثقة الفلسطينيين بإمكانيات النصر وبقضيتهم، على اعتبار أنهم يعيشون في مرحلة تحرر وطني.
وأشار إلى أن الانسحاب الصهيوني من غزة عام 2005 وفوز حماس في الانتخابات وسيطرتها على القطاع عطل نسبياً بعض أبواب التخابر مع الاحتلال.
وبيَن أن استهداف عدد كبير من العملاء خلال الحرب على غزة أشعر الاحتلال باستنفاذ معلوماته، مما دفعه لتكثيف جهوده من أجل تجنيد المزيد من العملاء، من خلال أساليب الإغراء المالي والجنسي والتهديد بالفضيحة، بالإضافة إلى استغلال الفقر والتعليم والعلاج.
ودعا المغاري إلى العمل الجاد على تعزيز الانتماء الوطني والوازع الديني بين المواطنين الفلسطينيين لمواجهة هذه الأساليب.
التنسيق الأمني
من ناحيته، أكد رئيس هيئة التوجيه السياسي والمعنوي في غزة أنور البرعاوي أن الجاسوسية من أخطر الأدوات التي يستخدمها الاحتلال في حربه النفسية، قائلاً "إن الاحتلال استطاع اختراق الجدار القيمي داخل الشعب الفلسطيني في حربه الجاسوسية".
وعدَ أن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال في الضفة الغربية "يسهم في تشريع الخيانة"، مضيفاً "إنه لا فرق بين من يتواصل مع ضابط المخابرات الصهيونية مباشرة ومن يتواصل من خلال واسطة تخدم الاحتلال"، على حد تعبيره.
وطالب بتحسين معاملة الشرطة وقوى الأمن للشعب حتى لا يتحول المواطن إلى إنسان مضاد ومنتقم، داعياً كافة المؤسسات والمدارس والجامعات في المجتمع إلى العمل على ترسيخ المبادئ والعودة إلى الدين والقيم.
وأشاد بحملة التوبة التي أطلقتها حكومة غزة للعملاء، داعياً إلى تضافر الجهود بين القوى الوطنية لإيجاد برامج للتنمية الأمنية والعمل على مستوى علاجي ووقائي لمواجهة هذه الظاهرة.
وشدد على أهمية تدريب العاملين في الأمن على كيفية الحفاظ على أمن المجتمع ومواجهة وسائل الاحتلال في الإسقاط الأمني وسد الطرق التي يحاول من خلالها الحصول على المعلومات واختراق الأمن.
وقال الخبير في الشئون الصهيونية صالح النعامي "إن المعلومة الاستخباراتية أهم متطلب لدى الاحتلال في مواجهة المقاومة الفلسطينية"، مضيفاً "إن أنظمة القمع وضعف عامل الانتماء العربي هي أكبر وأخطر أوراق دولة الكيان الرابحة في المجال الاستخباراتي".
وتطرق إلى بعض أمثلة السقوط في العمالة داخل الكيان الصهيوني، عادَاً أن الكشف السريع عن العملاء بالصورة الحالية أمراً ليس بالايجابي وينعكس سلباً على المجتمع.
وأكد أن معالجة ظاهرة العملاء تأتي من خلال تحصين الناس، والشبان بشكل خاص من خلال تعزيز الوازع الديني وإزالة العوامل النفسية التي من شانها أن توقعهم في مستنقع العمالة.
من جهته قال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب "إن الإهمال الأمني من قبل فصائل المقاومة أحد أهم العوامل التي ساعدت على اختراق الاحتلال الأمني"، موضحاً أن التجنيد المفتوح في العمل التنظيمي أو المقاومة دون تأهيل أو تربية للعناصر وحالة الصراع المفتوح مع الاحتلال ساعد على ذلك.
وأضاف "أن الدور المتخاذل للسلطة من خلال التنسيق الأمني والتعايش المجتمعي والوفود السياحية في الضفة، بالإضافة إلى السماح لأفراد الأمن بحضور دورات للإطلاع على أساليب الاحتلال في التعامل مع المجتمع الصهيوني كلها عوامل ساهمت في انتشار الظاهرة.
وطالب فصائل المقاومة بوضع خطة لمواجهة العملاء والتخابر كجزء أساسي في عملها، داعياً إلى الوصول لحالة تكامل لمواجهة هذه الظاهرة، والاستفادة من النموذج اللبناني في التعاون بين المقاومة وأجهزة الأمن.