تقارير أمنية

غزة: جداريات لمكافحة التخابر مع الاحتلال

 المجد- وكالات

قبالة مفترق "ضبيط" في مدينة غزة رسم عدد من الفنانين التشكيليين رسومات تحمل رسائل موجهة للعملاء والمتعاونين مع دولة الكيان، مفادها "كفوا عن التخابر وعودوا الى الصف الوطني"، ويمكن بسهولة ملاحظة ملصق موحد (بوستر) بالمضمون نفسه على غالبية الجدران وأبواب المساجد.

وجاء هذا النشاط في إطار حملة أطلقتها وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة بعنوان "حملة مكافحة التخابر مع الاحتلال الإسرائيلي"، ميدانها شوارع غزة.

"ابن فلسطين"، كما طاب له أن يسمي نفسه، قال وهو يرسم إحدى الجداريات التي تحث العملاء على تسليم أنفسهم والكف عن التخابر مع قوات الاحتلال أكد أنه يشعر بالفخر وهو يجير ريشته لهذه الزاوية، منوهاً إلى أنه رسم جداريات للحياة اليومية في غزة وهموم الحصار وجرائم الاحتلال، واعتبرها واجباً وطنياً وطريقة سلمية لمحاربة التخابر مع الاحتلال.

على الباب الخارجي لمسجد بئر السبع في مدينة غزة، يمكن بسهولة ملاحظة لافتة كبيرة تحمل مضمون مكافحة التخابر مع قوات الاحتلال، وتجذب هذه اللافتة المصلين الذين يؤمون المسجد أو المارة الذين يسلكون الشارع المفضي إلى المسجد.

وتحمل اللافتة تحذيراً موقعاً من قبل وزارة الداخلية ، يدعو كل العملاء الذين ارتبطوا بالمخابرات الصهيونية إلى تسليم أنفسهم بأسرع وقت ممكن، وينبههم إلى أن التعامل مع العملاء الذين يتطوعون لتسليم أنفسهم سيكون مختلفا تماما عن التعامل مع العملاء الذين يتم القبض عليهم متلبسين بجرم العمالة.

وكانت الداخلية فتحت باب التوبة للعملاء ابتداء من الثامن أيار الماضي وحتى العاشر من تموز الجاري.

وأكد الدكتور أنور البرعاوي، مسؤول الحملة الوطنية لمواجهة التخابر، أن الحكومة أطلقت الحملة من باب بدء الحرب على الصهيانية الذين استباحوا دماء الأطفال والنساء في فلسطين، ووصف التعاون مع الاحتلال بالخيانة العظمى، منوهاً إلى أن العملاء ساعدوا الاحتلال كثيرا في حروبه السابقة.

ونوه إلى أنهم حصلوا على اعترافات من كبار العملاء تؤكد قيامهم بتقديم معلومات إلى الاحتلال أدت إلى سفك دماء مدنيين وأبرياء في قطاع غزة.

وشدد البرعاوي على أن تكنولوجيا المحتل لا يمكن لها أن تقوم بشيء على الأرض لولا تزويدها بمعلومات دقيقة وحساسة من العملاء، مستشهدا بقول أحد جنرالات الاحتلال بأنه "لولا العملاء لما استطاع جيشنا تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف عند خصمنا".

ولفت إلى أن الخطوات التي قامت وستقوم بها الحملة تتقاطع مع مصالح الشعب الفلسطيني الذي يتطلع إلى مجتمع مترابط متماسك خالٍ من العملاء والمندسين بينه، ونوه إلى أن أعداد العملاء في قطاع غزة ليست بالأعداد الخيالية، مؤكداً قدرة الحكومة المقالة على مواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها نهائياً، حيث ستقوم بخطوات جديدة مكملة لخطواتها السابقة، التي كان من بينها فتح باب التوبة للعملاء قبل إلقاء الأجهزة الأمنية القبض عليهم.

وحذر جميع العملاء والخونة من أنهم لن يفلتوا من العقاب، وطالبهم بالاستفادة من دروس سابقيهم الذين كشفهم الاحتلال بعد أن أخذ منهم المعلومات، أو الذين وصل بهم الحال إلى الإعدام.

وقال مصدر أمني إن هذا الأسلوب نجح في زمن قياسي في دفع الكثير من العملاء لتسليم أنفسهم إلى الأجهزة الأمنية التي تقوم بتحويلهم إلى جهاز "الأمن الداخلي" الذي يتولى بشكل خاص معالجة ملف العملاء.

واعتبر المصدر ذاته أن وتيرة تسليم العملاء أنفسهم تتم بشكل غير مسبوق لثلاثة أسباب، أهمها نجاح جهاز "الأمن الداخلي" في الكشف عن الكثير من العملاء، لاسيما أولئك الذين لا تدور حولهم في الغالب الشبهات، إضافة إلى تنفيذ أحكام الإعدام في حق الأشخاص الذين أدانتهم المحاكم المختصة بالتخابر والتسبب في قتل مقاومين بناء على تعليمات المخابرات الإسرائيلية الداخلية (الشاباك)، والتأكيد على أنه سيتم تنفيذ كل أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم في حق العملاء.

وأكد المصدر ذاته أن الأجهزة الأمنية في غزة فوجئت ببعض الأشخاص يسلمون أنفسهم لها بعد اعترافهم بالعمالة، على الرغم من أنه لم يسجل عليهم أي شبهات أمنية، مشيرا إلى أن بعضهم يسلمون أنفسهم بشكل مباشر، وبعضهم يتوجهون إلى الوجهاء أو ممثلي الفصائل لتسليمهم إلى "الأمن الداخلي".

ورفض المصدر الكشف عن عدد العملاء الذين قاموا بتسليم أنفسهم، لكنه أكد أن هذا العدد آخذ في الازدياد، مشيراً إلى أنه من خلال التحقيق مع بعض العملاء الذين سلموا أنفسهم فإن ضباط "الشاباك" يمارسون ضغوطاً كبيرة على العملاء لعدم تسليم أنفسهم ويطمئنونهم بأنهم غير مكشوفين، وأن "الشاباك" يحرص على ضمان سلامتهم.

ورغم أنه من الصعب التحقق من مصداقية البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية بالحكومة الفلسطينية، فإن ما نسبته وسائل الإعلام الصهيونية مؤخراً لمصادر في جهاز "الشاباك" الذي يتولى بشكل رئيس مهمة تجنيد وتشغيل العملاء في قطاع غزة والضفة الغربية يؤكد أن أعدادا كبيرة من الفلسطينيين الذين يتعاونون معه تم الكشف عنهم، ما شكل ضربة للجهد الاستخباري الصهيوني.

ونقلت وسائل الإعلام الصيونية عن مصادر في "الشاباك" قولهم إنهم يحملون قادة الجيش الصهيوني مسؤولية الكشف عن العملاء، لأن الجيش لم يحرص خلال الحرب الأخيرة التي شنها على قطاع غزة على اتخاذ الإجراءات التي تضمن سلامة العملاء عندما قام باستخدامهم خلال الحرب، بسبب رغبة الجيش في تقليص الخطورة التي قد يتعرض لها جنوده، ما أدى إلى الكشف عنهم.

وأشارت مصادر "الشاباك" إلى أن الحركات الفلسطينية اكتشفت حتى أثناء الحرب العشرات من العملاء وقامت بتصفيتهم.

من ناحية ثانية، أكدت مصادر في "الداخلية" أنها لاحظت مؤخراً أن "الشاباك" يقوم بتوظيف وسائل جديدة في محاولاته لإسقاط الشباب الفلسطينيين في براثن العمالة، مثل الاستدراج عبر المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنت، وتحديدا "فيس بوك" و"تويتر"، وأنها ألقت القبض على عدد من العملاء اعترفوا أنه تم تجنيدهم من خلال تصفح هذه المواقع.

ونشرت الوزارة على موقعها على شبكة الإنترنت تطمينات للعملاء أكدت فيها أنها تحرص على أن تتم عملية تسليم العملاء بالسرية واحترام الخصوصية، مشيرة إلى أن هذه أول مرة يفتح فيها المجال لاستيعاب من ابتزته المخابرات الصهيونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى