فيلم المفاعل السوري.. سخافة
الاحمق وحده يصدق امريكا بوش وتشيني وبولتون
فيلم المفاعل السوري.. سخافة
ميخائيل – يدعوت
كم هو مؤسف عدم وجود كثيرين اجتهدوا في رؤية كامل فيلم فيديو الصغير السي.اي.ايه. عن المفاعل السوري . يكفي الجميع الصور والتحذيرات التي ظهرت في الصحف، ليصبحوا مقتنعين بأن القصة كلها واضحة لهم.
لو اجتهدوا وشاهدوا الفيلم الصغير كله (ولا يصعب البتة ان نجد صيغته الكاملة في الانترنت)، فلربما كان يثور في خاطرهم انه لا توجد علامات فصل صارمة فيه، بل غير قليل من علامات السؤال المقلقة، بل اثبات لا يستهان به للخوف من انه تقوم وراء جميع هذه القصة المعوجة بواعث اكثر قطرية واسفافاً من انقاذ بواقي الشتات وابعاد خطر كارثة ذرية.
كان سيتبين لهم اولاً ان ليس الحديث عن فيلم فيديو البتة. فهذا عرضٌ ضئيل الشأن جداً، ذو نوعية متدنية. وليس الجزء الكبير منها سوي نص يقفز علي شاشة سوداء، وقارئ يتلوه بإيقاع املاء. وكذلك الجزء التخطيطي منها غير مطور علي نحو خاص: فبضع بطاقات صامتة، وعدد من الصور، وشيءٌ من الصور المتحركة ـ لنقل بلطف ـ انها صبيانية شيئاً ما. باختصار شيءٌ يبدو اكثر مثل اجراء درس في مدرسة شعبية اكثر من كونه فيلماً لـ السي.اي.ايه. من اجل المشرعين في اكبر الدول العظمي. وثانيا، يتنقل القارئ والعرض كله بحرية بين صور وتنقيحات محوسبة، وبين صور اقمارٍ صناعية ورسوم متحركة، من غير ان يجهد احدٌ نفسه في توضيح الاشياء. يقدم كل شيء الي المشاهد في خليط ـ اذلك مقصود؟ ـ ولا يستطيع دائماً ان يعلم ما الذي يشاهده: ايشاهد صورة؟ ايشاهد عملاً منتجاً محوسباً؟ او ربما تأليفاً بين الاثنين؟
وثالثاً، اكثر الصور قديمٌ جداً. فبعضها بلا شك صور قبل اربع سنين او خمس او ست علي الاقل. مثلا، صورة هيكل المبني المقام، ذاك الذي يفترض ان يقنع بالتشابه المدهش بينه وبين المفاعل الكوري في يونغ بيان. لا شك في ان هذه الصورة قد صورت قبل سنة 2003، لانه كان يمكن آنذاك ان نري في صور (غوغل ايرث) المبني الكامل (ذاك الذي يسميه الامريكيون جدار الغلاف ) يقف صُلباً علي حاله. يصعب جداً تصوير هيكل مبني بعد ان اكمل، اليس كذلك؟ وبعض الصور الاخري اكثر قدماً.
ورابعا، لا تشتمل اي واحدة من الصور علي شيء من دليل ما يتصل بمكان التصوير (او تاريخه كما قيل آنفا). يمكن ان نطلب من دولة اهانة نفسها واهانة العالم كله بحملة جنرالات ووزراء، خدعوا العالم كله بمشاهد من هذا النوع، شيئاً اكثر بقليل من اثبات المزاعم التي تبينها البطاقات المصورة. ان احمق كاملاً فقط سيظل يصدق الامريكيين، ما ظل بوش، وتشيني وبولتون ورعاياهم يجلسون بقرب صنبور المعلومات والاختلاق.
خامسا وهو الاهم: لا يوجد في الفيلم الصغير كله شيءٌ دقيقٌ بل رمزٌ لاقل القليل من دليل ما علي شيء حدث اثناء تموز (يوليو) 2006، وكان فيه ما يسوغ عملية عسكرية ما. لا شيء. مجرد قول للقارئ لا غير. لا صورة مفاعل كامل، ولا صورة قمر صناعي لقافلة امداد، ولا طرف رمز لبناء شيء آخر من المنشآت الضرورية لمفاعل عسكري، ولا شيء من صورة لجدار يبني او شارع يشق، او سور يقام، او مواقع حراسة تحفر، او ثكنات تنشأ. لا شيء.
تبدو المنطقة كلها في ايلول (سبتمبر) 2007 كما بدت في بدء 2004 بالضبط. فما الذي اصبح ملحاً فجأة كثيراً في ايلول (سبتمبر) 2007؟
يؤسفني، لكن يحتاج الي اكثر من ذلك لاقناع البشر بأن هذه القصة كلها لا توجد لها جذور سياسية عميقة. هنا وهناك ايضاً. هنا زعيمٌ يؤمل عملية ما تثبت انه يعرف القرار . وهنالك ـ نائب رئيس بلا كوابح، مستعد لكل عمل حماسي لتعويق اتفاقات دولية تعارض تصوره الأزعر.