بعد تركيا.. دولة الكيان تركز في القارة السمراء
المجد- خاص
في ظل التوتر الحاصل بين دولة الكيان وتركيا والعقوبات العسكرية والاقتصادية التي فرضتها الأخيرة على دولة الكيان وفي ظل تعكر العلاقات التجارية مع الدول العربية في ظل ربيع الثورات, بات نظر الساسة والاقتصاديين في دولة الكيان للدول الأفريقية أكثر جدية وواقعية.
فقد ذكرت تقارير أمنية أن النشاط الصهيوني في قارة إفريقيا يتزايد بشكل لافت للنظر، بعد أن أصبحت القارة السمراء مرتعاً للسفراء والدبلوماسيين ورجال الموساد والتجار الصهاينة، الأمر الذي يشكل متنفساً اقتصادياً لدولة الكيان من جهة وتهديداً حقيقياً لأمن المنطقة العربية في ظل ثورات الربيع.
ويقول محلل أمني لـ"موقع المجد .. نحو وعيي أمني " :" في ظل الثورات العربية والضعف المتنامي للأنظمة العربية المطبعة مع دولة الكيان بات الالتفات لأفريقيا كأهمية اقتصادية وأمنية لوجودها".
ويضيف :"تتزايد أهمية أفريقيا على الأصعدة الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية، وانسجاما مع هذا الاهتمام الجديد والمتجدد يأتي تحرك الخارجية الصهيونية والموساد باتجاه تعزيز الوجود الصهيوني وإقامة بنى ومرتكزات في معظم أنحاء القارة".
ويشير المحلل إلى أن دولة الكيان تقوم حاليا عن طريق شركات متخصصة وشركات أخرى مرتبطة بالموساد بإقامة علاقات تجارية مع التجار الكبار والمحليين في القارة السمراء بهدف توسيع النشاط الاستثماري.
وتبين التقارير الأمنية أن دولة الكيان تسعى للتغلغل الاقتصادي في عدد من الدول الغنية بالماس والذهب, كي تتمكن من دعم اقتصادها وحمايته من الانهيار في ظل العقوبات الاقتصادية الصادرة عن تركيا وهبوط قيمة الشيكل أمام العملات العالمية الأخرى.
وبفعل الأزمة بين دولة الكيان وتركيا انخفضت خلال الأسبوع الماضي قيمة الشيكل لأدنى قيمة منذ سنوات, ما دفع الاقتصاديين الصهاينة للبحث عن سبل تكفل إعادته لوضعه الطبيعي.
من جهة ثانية، تريد دولة الكيان للدولة المسيحية جنوب السودان أن تنمو بشكل سريع كي تصبح ذات قوة وفعالية وتأثير بما يدعم الخطوات الصهيونية الرامية لتعويض الاستثمار الاقتصادي الذي بدأ بالانحسار في تركيا, فدولة الكيان تريد الاستثمار في الأراضي السودانية الخصبة والبترول والمعادن التي تنتشر في هذه الدولة, ولا تريد لأحد أن يبني هذه الدولة غيرها.
تضاعف العلاقات
وتقيم دولة الكيان علاقات دبلوماسية مع 47 دولة أفريقية من مجموع دول القارة البالغ عددها 53 دولة، منها 11 دولة بتمثيل مقيم بدرجة سفير وسفارة، و33 بتمثيل غير مقيم، ودولة واحدة بتمثيل على مستوى مكتب رعاية مصالح، ودولة واحدة أيضاً بتمثيل على مستوى مكتب اتصال، علما بأن لدولة الكيان 72 سفارة و13 قنصلية، و4 بعثات خاصة على مستوى العالم.
يذكر أن العلاقات الصهيونية الأفريقية كانت شبه مقطوعة تقريباً في أعقاب حربي عام 1967 و1973، ذلك أن معظم الدول الإفريقية ناصرت القضية الفلسطينية، ولولا ثلاث دول هي: مالاوي وسوزيلاند وليسوتو وفي وقت لاحق جنوب إفريقيا لكانت إفريقيا بأكملها قد قاطعت دولة الكيان, لكن خلال العقود الماضية غيرت دولة الكيان من كامل سياستها واتجهت لدعم جهات سياسية في تللك الدول وأوصلتهم بدعمها لقيادة هذه الدول ما فتح المجال أمامها لمزيد من التوغل فيها.
وقد تبنت دولة الكيان خلال العقود الماضية سياسة تهدف إلى إشعال وتصعيد الصراعات في أفريقيا بهدف إسقاط أنظمة تسعى للتقارب مع الدول العربية، ودعم الاقليات، وذلك في الوقت الذي تقوم بدعم أنظمة الحكم المتعاونة معها والموالية لها في القارة الأفريقية، وبتوسيع دور حركات المعارضة في الدول المعادية لدولة الكيان لنشر حالة من عدم الاستقرار السياسي.
نمو متواصل
من جهة أخرى، يقول محلل اقتصادي مختص في الشأن الأفريقي :"دولة الكيان غزت الدول الأفريقية بشكل واسع، وقد تضاعف التبادل التجاري مع دولة جنوب إفريقيا لوحدها بمعدل 500% في السنوات الأخيرة، وتوجد في هذه الدولة أكثر من 800 شركة صهيونية تعمل في مجالات الطاقة والماس والأمن والزراعة وغيرها".
وأضاف :"لقد ارتفعت التجارة النفطية لدولة نيجيريا بمعدلات لافتة للنظر، وأقام الكثير من الشركات الصهيونية فيها مشاريع كبيرة في العام الماضي تجاوزت مئات الملايين من الدولارات".
وتوقع المحلل أن يزداد النشاط الاقتصادي والاستثماري لدولة الكيان خلال السنوات القادمة في الدول الأفريقية بما يغنيها عن العلاقات التجارية التركية, مشيراً إلى أن دولة الكيان تفكر في إقامة مشاريع ومصانع ضخمة في أفريقيا تنافس أسعار الدول الكبرى وخاصة في مجالات المعادن وصناعة السيارات.
أهداف اقتصادية:
وتشير دراسة نشرها موقع الجزيرة نت أعدها غازي دحمان إلى أن الجانب الاقتصادي يحتل في إستراتيجية دولة الكيان للتغلغل في أفريقيا أهمية كبيرة، ذلك أنه يحقق للدولة العبرية مجموعة من الأهداف:
E فتح أسواق للمنتجات الصهيونية.
E الحصول على المواد الأولية اللازمة للصناعة الصهيونية بكل سهولة.
E تشغيل فائض العمالة لديها من خبراء وفنيين في دول القارة.
وتوضح الدراسة أن دولة الكيان تبنت في إستراتيجيتها هذه مجموعة من الآليات وهي:
E الحصول على امتيازات للبحث عن البترول في أفريقيا، وتأسيس عدة شركات على أنها أفريقية.
E تحويل مبالغ كبيرة من المال تحت أسماء تجار يهود يحملون جنسيات تلك الدول.
E من خلال وجود خبراء يحملون جنسيات دول أوروبية ويدينون لدولة الكيان بالولاء.
E احتكار تجارة بعض المحصولات والأسواق، استهلاك العديد من السلع، كاحتكار أسواق المنتجات الغذائية وعصير الفاكهة في إثيوبيا، ومحصول البن في أوغندا، ومحاصيل السمسم والفول السوداني وغيرها في عموم دول شرق أفريقيا.
E اتباع سياسة إغراقيه في تجارتها بغية كسب الأسواق، مثلما حدث مع كينيا وإثيوبيا حينما أغرقت أسواقهما بمختلف البضائع والسلع وكانت جميعها تستوردها بأسعار منخفضة من بلدان أخرى، وذلك بهدف سد الطريق أمام التعامل الأفريقي الأفريقي، والأفريقي العربي.
وتستهدف دولة الكيان السيطرة على قطاع الصناعة الاستخراجية في القارة الأفريقية، مركزة في هذا المجال على استغلال الثروات الطبيعية كالماس في كلٍّ من الكونغو الديمقراطية وسيراليون وغانا وأفريقيا الوسطى، واليورانيوم في النيجر.
ويملك الصهاينة اليوم كبرى الشركات التي تتحكم في الاقتصاد الأفريقي كشركة "أغريد أب" للتطوير الزراعي التي تقوم باستصلاح الأراضي وإقامة المزارع و"شركة ألرا" و"موتورولا" و"كون" التجارية و"سوليل ونيه" الفرع الخارجي، وكذلك شركة فنادق أفريقيا وغيرها.