الأمن التقني

أقمار التجسس الصهيونية… محاولة لاحتلال الفضاء

 المجد – خاص

لم يعد الفضاء مقتصرا على النجوم والكواكب والمجرات, وربما تسهر في إحدى الليالي متأملا نجما من النجوم  دون أن تعلم أن هذه النجم هو واحد من مئات الآلاف من الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض.

وقد تكون فكرتك أن هذه الأقمار الصناعية هي مجرد وسائل للاتصال لمتابعة المباريات على الهواء في أي وقت وفي أي مكان في العالم. لكن هل تساءلت يوما ما عن ماهية الأقمار الصناعية وما هي فكرة عملها؟

 

تقوم فكرة الأقمار الصناعية على أساس محطات التقوية تقوم باستقبال الإشارات من محطات أرضية وتجميعها ثم إرسالها إلى محطات أرضية أخرى. وقامت هذه الفكر في الأساس كوسيلة لدراسة الفضاء والمستقبل, أو لحماية الأرض من المخاطر عن طريق دراسة الظواهر الطبيعية والتنبؤ بالأعاصير وحالة الجو. وكلما ازداد بعد القمر الصناعي عن الأرض كلما ازدادت سرعة دورانه حول الأرض وتحقيق نسبة دراسة أكبر. وتختلف الأقمار الصناعية في حجمها فهناك أقمار اتصالات ضخمة يصل وزنها إلى 3 أطنان وهناك أقمار تجريبية تصنعها الشركات وطلاب الجامعات ويصل وزن بعضها إلى 10 كيلوغرامات.

 

بالطبع كل ما تم ذكره ليس إلا جزء بسيط من استخدامات الأقمار الصناعية التي تفيد البشرية, لكن ليست كل استخدامات الأقمار الصناعية حسنة النية. فالفضاء الخارجي تسبح فيه آلاف من الأقمار الصناعية التجسسية التي تطلقها الدول لاستفادة منها في جمع المعلومات عن الدول المعادية والمناطق العسكرية والمنشآت النووية, كما تستخدمها الدول لتعقب الإرهابيين والمطلوبين أمنيا وبذلك أصبح العالم مكشوفا للكل ولا يوجد ما يمكن حجبه من معلومات عن تلك الدول التي تمتلك هذه الأقمار الصناعية التجسسية. ولكن لماذا انحرف مسار استخدام الأقمار الصناعية إلى أغراض التجسس؟

في شهر مايو من عام 1960 قام الاتحاد السوفييتي بإسقاط طائرة تجسس أمريكية فوق أراضيها بواسطة صاروخ موجه أرض-جو. وبدأت الولايات المتحدة في التفكير في وسيلة تجسس تكون في مأمن من كشفها أو تدميرها عند وقوعها تحت تأثير الرادارات السوفيتية. وفي أغسطس من نفس العام أطلقت الولايات المتحدة قمر صناعي تجسسي مزود بنظام مراقبة (ساموس) وأطلق على هذا القمر اسم (يو3) وذلك لأنه يقوم بنفس وظيفة طائرة التجسس (يو2) واستطاعت الولايات المتحدة تحقيق مكاسب واسعة من استخدام هذا القمر التجسسي حيث يمتاز بالقدرة على البقاء في الجو لفترة طويلة على عكس طائرات التجسس التي لا تستطيع البقاء في الجو لفترات طويلة كما أن الارتفاع الشاهق الذي يمكن للقمر الصناعي الوصول له يساعد على استطلاع مساحات كبيرة من الأراضي أكثر مما يمكن لطائرات التجسس استطلاعه.

توسعت استخدامات أقمار التجسس بعد ذلك فأصبح بإمكان أقمار التجسس رصد الصواريخ والغواصات التي لا يمكن لأجهزة الرادار رصدها وإنذار الأماكن التي تستهدفها هذه الصواريخ بميعاد وصول الصواريخ تحديدا لصدها. كذلك مكنت أقمار التجسس الحكومات من التجسس على أنشطة بعضها البعض وأصبح بمقدور الحكومات معرفة ما إذا كانت دولة ما تقوم ببناء منشآت نووية. كذلك مكنت أقمار التجسس المنظمات الدولية من مراقبة تطبيق الدول للاتفاقيات المبرمة خاصة المتعلقة بالتسليح أو دعم أي جماعات أو دول.

وبالطبع لم يكن الكيان الصهيوني ببعيد عن استخدام هذه التكنولوجيا الرهيبة وذلك في سعيه الدائم لتسليح نفسه بكل ما هو حديث بغرض تدمير الآخرين والبقاء قويا. ومع أوائل الثمانينات بدأ العمل الجدي في إسرائيل لإطلاق أقمار التجسس (أفق) وكانت المحاولات كالتالي:

1- 1988 .. إطلاق القمر (أفق1) واستمر عمله في الفضاء حتى انتهاء عمره الافتراضي عام 1990.

2- 1990.. إطلاق القمر (أفق2) واحترق بعد 3 أشهر من وصوله إلى مداره.

3- 1995.. إطلاق القمر (أفق3) بعد خمس سنوات من التوقف عن إطلاق أقمار صهيونية.

4-1998..  فشل محاولة إطلاق القمر (أفق4).

5-2002.. إطلاق القمر (أفق5) وما زال مستمرا في العمل حتى الآن.

6-2004.. فشل إطلاق القمر (أفق6) وكانت هذه آخر محاولات إطلاق سلسلة أقمار (أفق).

7-2007.. إطلاق القمر (أفق7) وانضمامه للقمر (أفق5) مع تكنولوجيا أحدث تمكنه من التقاط صور فوتوغرافية لأصغر الأجسام.

 

لم يكتفي الكيان الصهيوني بسلسلة أقمار (أفق), ففي عام 2000 تم إطلاق قمر التجسس (أيروس) وفي عام 2006 تم إطلاق النسخة الثانية (أيروس ب) وكلا منهما ما يزال يسبح في الفضاء ويقوم بالدوران حول العالم لجمع المعلومات السرية والدقيقة. وللأسف هذه الأقمار تمر فوق الأراضي العربية عشرات المرات على مدار العام  وتبسط سيطرتها فوق الفضاء العربي والإسلامي دون أي رد فعل تجاه هذه التحركات.

 

وفي الخامس من أكتوبر من هذه العام ذكرت القناة الثانية الإسرائيلية أن الشركة المنتجة للأجهزة الإلكترونية لجهاز الأمن العام الصهيوني (الشاباك) عن تطوير كاميرات مراقبة حديثة يمكن تثبيتها في الأقمار الصناعية وتستطيع التقاط صور دقيقة  لأجسام قد يصل قطرها إلى 50 سنتيمتر من مسافات قد تصل إلى 600 كيلومتر مما يعزز قدرة إسرائيل التجسسية على الدول المجاورة. كما ذكرت القناة أن الكيان الصهيوني يقوم بتطوير أقمار من سلسلة (أفق) لتتمكن مراقبة جميع الأفراد في الشرق الأوسط.

 

من هنا نرى أن الكيان الصهيوني في إطار خططه للتجسس على الفلسطينيين والأراضي العربية لا يتوانى عن دعم مشاريع التجسس واستثمار الملايين فيها ودعم الأبحاث والشركات التي تعمل في مجال الفضاء بغرض الوصول إلى أحدث تكنولوجيا التجسس لتمكين القوة العسكرية الإسرائيلية من مراقبة حركات المقاومة الفلسطينية وجمع المعلومات العسكرية عن الدول العربية المحيطة.

 

لذلك يجب على الدول العربية مواجهة هذه التحديات بتشجيع الاستثمار في هذه المجالات وتشجيع الشركات والجامعات على ابتكار الأفكار والمشروعات التي تدعم مجال تطوير أقمار التجسس لمواكبة التطور الكبير في عالم التسليح والتجسس لحماية الأراضي العربية وإضعاف الكيان الصهيوني حتى يتحقق النصر بإذن الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى