أمن المتصفحات – الحلقة الثالثة – جوجل كروم/يوم
المجد – خاص
نحن اليوم على موعد مع الحلقة الثالثة من سلسلة أمن المتصفحات، هذه الحلقة نخصصها لمتصفح جوجل الشهير جوجل كروم (Google Chrome)، هذا المتصفح الذي كان أحد منتجات عملاقة الإعلانات والإنترنت جوجل، ورغم أن جوجل إنطلقت في عام سبتمبر 1998 إلا أن النسخة الأولى من متصفحها كروم لم يرى النور إلا في الذكرى العاشرة لتأسيسي الشركة أي في سبتمبر عام 2008.
عند انطلاق متصفح الكروم كانت شركة جوجل مدركة أن جزءاً كبيراً من نجاح متصفح الفايرفوكس يعتمد على توفر مصدره المفتوح، ولكنها كانت كشركة تجارية لا ترغب في جعل الكود المصدري لمنتجها مفتوحاً، لذلك عمدت الشركة إلى حل وسط يقضي بإطلاق جزء كبير من الكود المصدري لمتصفحها تحت إسم جوجل كروميوم (Google Chromium) حيث أمكن للمبرمجين من أنحاء العالم المساعدة في تطوير هذا الجزء من المشروع وكشف الثغرات بسرعة مما ساعد الشركة على إبقاء كلا المتصفحين أكثر أماناً.
وهناك ميزة أمنية أخرى للجوجل كروم ينفرد بها ألا وهي أن كل نافذة من نوافذ المتصفح تعمل ضمن عملية مستقلة (seperated process) وذلك لمنع تسلل البرمجيات الخبيثة في حال فتح صفحة ملغومة إلى باقي النوافذ وإلى الجهاز، أيضاً تعمل الصفحات في بيئة معزولة (sandbox) مما يجعل التصفح أكثر أماناً.
توفر أيضاً شركة جوجل قائمتين سوداوين Black Lists إحداهما للمواقع والصفحات الإحتيالية (Phishing and scam) والثانية للمواقع الملغومة بالفيروسات (Malware) ، وكلتا القائمتين متوفرتان لعامة الناس وللشركات الراغبة في التحديث (فايرفوكس مثلاً يعتمد على هاتين القائمتين) وذلك عبر دالة برمجية خاصة API. حيث يقوم المتصفح بتحديث القوائم السوداء كل نصف ساعة ليتمكن من فحص تواجد الصفحات التي يحاول المستخدم فتحها ضمن القوائم السوداء ويمنع ذلك في حال تشكيلها خطراً عليه (بعكس متصفح الإكسبلورر الذي يقوم بإرسال العناوين التي تتصفحها إلى الشركة لتتم مقارنتها هناك! مما ينتهك خصوصية المستخدمين بشكل صارخ ويفضح المواقع التي يزورونها لشركة مايكروسوفت!.
وبالرغم من إنطلاق المتصفح كروم بعد فايرفوكس بأربع سنوات وبعد إكسبلورر بأربعة عشر سنة كاملة إلا أنه لاقى نجاحاً باهراً وسريعاً في غضون ثلاث سنوات فقط، حيث أن توفر مزايا الأمان وسرعة الاداء مقارنة بالإكسبلورر بالإضافة للترويج الكثيف له من عملاق الإعلانات جوجل كان عاملاً مساعداً له بشكل كبير، وبدا أن نجاحه ذلك مقتطع من حصة مايكروسوفت في سوق المتصفحات!
حيث أظهرت بعض الإحصائيات الصادرة عن مؤسسة statcounter.com ومؤسسات أخرى أن جوجل كروم حصل في الشهر الذي أطلق فيه على حصة 1% – 3% من سوق المتصفحات العالمية بينما كان فايرفوكس يحوز على نسبة 25% من السوق العالمي والإكسبلورر على 67% تقريباً ! بحكم أن مايكروسوفت توفره بشكل تلقائيا وإجباري مع الوندوز !
اليوم وبعد ثلاث سنوات على إطلاق الكروم فإنه أصبح يحوز على نحو 21% من سوق المتصفحات بينما فايرفوكس ثابت عند 26% وأما الإكسبلورر فهي في إنخفاض مستمر منذ ذلك الوقت وقد وصلت حصته إلى 39% فقط ! بينما تقدر مؤسسات أخرى نسبة الإكسبلورر ب 35%.
بقي أن نشير لأمر واحد وهو أن هناك إنتقادات كبرى واكبت إطلاق الجوجل كروم في بداية عمله حيث تم الحديث بشكل واسع أن المتصفح يجمع معلومات كثيرة جداً وتفصيلية من أجهزة المستخدمين ويرسلها للشركة الأم التي قالت إن الغرض كان تحسين المنتج بينما كان في طوره التجريبي، حتى أن المكتب الإتحادي الألماني لأمن المعلومات التقنية قد حذر المواطنين الألمان من إستخدام هذا المتصفح نظراً لمخاطره على خصوصيتهم!
وقد بذلت جوجل لاحقاً جهوداً جبارة من أجل تفادي هذه الإنتقادات بتعديل كثير من سمات ومميزات متصفحها وجعل ميزة إرسال المعلومات معطلة بشكل إفتراضي مع السماح للمستخدم بتفعيلها إن رغب في ذلك من تلقاء نفسه، ولعل النجاح المتواصل للكروم يدلل على نجاح جوجل في تفادي الإنتقادات.