الأولويات الاستخبارية للكيان في قطاع غزة
المجد-
تمثّل المعلومة الاستخبارية إحدى مركبات العقيدة الأمنية الصهيونية الهامة، فالحصول على المعلومات الاستخبارية اللازمة يعني تقليص الإمكانيات المادية المطلوبة لشن الحروب وتنفيذ الحملات العسكرية والعمليات الخاصة، فضلاً عن أنّها تسهم في تقليص المخاطر التي تحدق بالجنود الصهاينة أثناء تنفيذ العمليات العسكرية, من هنا، فقد جاء استثمار دولة الكيان الهائل في مجال جمع المعلومات الاستخبارية والإصرار على تحقيق ذلك بمختلف السبل وبشتى الوسائل.
وقد جاء التوسع في الاستثمار في مجال جمع المعلومات عبر المصادر الإلكترونية والمصادر البشرية, وإن كانت دولة الكيان قد قطعت شوطاً في توظيف التقنيات المتقدمة في دفع التجسس الالكتروني قدماً, لكن مما لا شك فيه أنّ المصادر البشرية تظل المصادر ذات المصداقية العالية، لا سيما عندما تتمكّن المخابرات من اختراق حركات المقاومة ومعرفة ما يدور داخل مؤسساتها المختلفة عن طريق عملاء يتم زرعهم بهدوء.
أولويات وضرورات استخبارية:
إنّ هناك ثلاث أولويات للكيان في قطاع غزة تتطلّب من دولة الكيان استعداداً استخبارياً على نحو خاص، وهي:
أولاً: إمكانية شن حملة عسكرية على قطاع غزة، للقضاء على القدرات العسكرية لحركات المقاومة ولاستعادة قوة الردع الصهيونية في أعقاب تنفيذ صفقة تبادل الأسرى.
بكل تأكيد، دولة الكيان ستبرر شن مثل هذه الحملة بتواصل إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على دولة الكيان لكن هذا مجرد ذريعة لتسويغ شن الحملة, يدرك كل من المستوى السياسي والعسكري في الكيان عبر الحرب الأخيرة على قطاع غزة التي شنتها دولة الكيان على القطاع أواخر عام 2008، وهي تعي أنّ أيّ حملة عسكرية على قطاع غزة يجب أن تكون قصيرة جداً، ودقيقة، تتجنّب المس بالمدنيين، حتى لا يحدث مزيد من التآكل في مكانة الكيان الدولية.
وهذا يتطلّب تركيز الضربات على حركات المقاومة، وتحديداً ضد حركة حماس وقادة جناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام", وهذا بدوره يتطلّب الحصول على معلومات استخبارية دقيقة تمكّن الجيش الصهيوني من تنفيذ هذا الهدف.
ثانياً: الإحاطة بمستوى وحجم عمليات تهريب السلاح إلى قطاع غزة، حيث أنّ دولة الكيان تخشى أن تنجح حركات المقاومة الفلسطينية في تهريب سلاح يكسر ميزان القوى القائم حالياً بينه والمقاومة.
بالطبع تحاول دولة الكيان في كثير من الأحيان تضخيم قدرات المقاومة عبر الحديث عن نجاحها في تهريب أسلحة ما، لكن هذا التضخيم يأتي فقط من أجل تبرير شن العمليات العسكرية ضد المقاومة.
وللأسف، فإنّ الذي يمكّن الكيان من توظيف النجاح في ذلك، هو أداء بعض الفصائل الفلسطينية الإعلامي التي يتطوّع المتحدثون باسمها للحديث عن قدرات كبيرة للمقاومة, لكن في المقابل، فإنّ الكيان, وإن كانت تحاول التضخيم من أجل التوظيف المعد له سلفاً، فإنّها معنيّة بالحصول على معلومات استخبارية دقيقة حول كل ما يدخل القطاع من سلاح، من أجل التحوُّط له، وأخذ الاستعدادات اللازمة.
فعلى سبيل المثال قرر الجيش ألاّ تقوم الطائرات الحربية الصهيونية بالطيران بالقرب من الحدود مع مصر، ذلك بعد أن وصلت معلومات حول وجود مضادات للطائرات بإمكانها المس بهذه الطائرات.
ثالثا: إنّ دولة الكيان معنيّة بمعرفة خيارات فصائل المقاومة السياسية، لأنّ هذه الخيارات تعطي تصوُّر حول الخيارات العسكرية المتاحة لها. فعلى سبيل المثال، تبذل دولة الكيان جهوداً كبيرة لمعرفة توجهات حركات حماس نحو المصالحة ودوافعها، وتصورها لتأثير الربيع العربي على مستقبلها.
من هنا، فإنّ المخابرات الصهيونية تبذل جهود من أجل الإحاطة بالجدل الذي يدور في المستويات القيادية للحركة.