المهمة المستحيلة للوزراء العرب
بعد فوات الأوان يلتقي اليوم وزراء الخارجية في القاهرة في مهمة مستحيلة تؤمن لهم دورا مؤثرا في لبنان, لقد اضاعت الجامعة العربية جميع الفرص للعب هذا الدور كان آخرها فرصة انعقاد القمة العربية في دمشق.
اننا نعيش زمن انهيار العمل القومي المشترك, تماما مثلما شهدنا انهيار اتفاقية الدفاع المشترك بعد ان اعطي الضوء الاخضر لامريكا وحلفائها بغزو العراق واسقاط نظام رئيسي من الانظمة العربية.
الانهيارات تتوالى فوق الرؤوس, وحدهم وزراء الخارجية يعيشون حالات انفصام عندما يلتقون تحت قبة الجامعة, يتجاهلون الوقائع, ويبدأون بتسطير بيانات واعلان مواقف ذات طابع مفصول عن الدنيا, لهذا تخرج الى الناس من دون فاعلية او قيمة.
لم يقرأوا الواقع في لبنان جيدا, لان معظهم اختار التعامل مع الازمة من باب الانحياز لمعسكر دون آخر, ضاربين عرض الحائط حقيقة ان معسكر الموالاة في بيروت يراهن علناً على تحالف امريكي يؤدي بالضرورة الى تهديد مصير المعارضة, او الجزء الاكبر منها المسمى مقاومة, فامريكا تريد شرق اوسط جديدا من بوابة لبنان بعد ان سدت امامها فرص اقامته من البوابة العراقية, شرق اوسط تكون فيه الخريطة السياسية في المنطقة تحت وصاية عسكرية وامنية واقتصادية امريكية – اسرائيلية.
العواصم العربية المعتدلة وكذلك المتحالفة مع الولايات المتحدة اعتقدت واهمة انه بمجرد اطلاق الفزاعة الايرانية بوجه شعوبها, فان الاصطفاف في الخندق الامريكي واحيانا الاسرائيلي يكون مشروعا ومبررا. هذا خطأ تدفع ثمنه اليوم في لبنان, كما دفعته من قبل في العراق, عندما توهمت بان الخلاص من صدام حسين يعني شرق اوسط كل ايامه ربيع واذا به نيروز ايراني وغضب شعبي عربي متصاعد من فشل السياسات العربية, وتحالفاتها الخاسرة والمذلة مع الولايات المتحدة, فشلها في تحقيق انجاز بمواجهة غطرسة امريكية – صهيونية تترجم يوميا الى مذابح في غزة والاستيطان وجدار في الضفة, عدا عن اطلاق قوة التدمير الغاشمة في الحرب اليومية الامريكية على العراقيين, وحروب الاسرائيليين على لبنان في تموز عام .2006
من دون ان تتخذ الحكومات العربية خطوة تنظيمية الى الوراء لانقاذ منظومة العمل العربي المشترك الواهنة كخيوط العنكبوت, وذلك باعادة نظر استراتيجية شاملة في مجمل سياساتها من التحديات القائمة, واضعة في الاعتبار امرين (1) الانحياز الى مصالح العرب وليس مصالح امريكا (2) وقف التدخلات الامريكية – العسكرية والسياسية في شؤون الامة الداخلية وازماتها بدءا من العراق وانتهاء بلبنان. اي العودة الى روح مواثيق الجامعة وعلى رأسها الحل العربي.
من دون ذلك من الافضل ان تتوقف بازارات المؤتمرات العربية وفي مقدمتها مؤتمرات القاهرة وشرم الشيخ, خاصة في زمن يتفاقم فيه عجز الدول عن تأمين الموارد لتأمين الغذاء والدواء لشعوبها, وفِّروا نفقات الاجتماعات والمؤتمرات, فمن يملك الواقع على الارض في لبنان وفلسطين هي منظمات الممانعة والمقاومة وليست ابدا قرارات العمل القومي المشترك بنسخته الامريكية البائسة والمعولمة.