أبو سيسي يكشف تفاصيل عملية اختطافه من أوكرانيا
المجد
كشف المحرر عبادة بلال على لسان الأسير د. ضرار أبو سيسي تفاصيل اختطافه من أوكرانيا قبل عام, حيث حقق معه رئيس جهاز الأمن العام الصهيوني الموساد "يورام كوهين",إضافة لتعرضه لتعذيب وحشي خلال عملية الاختطاف.
في الثامن عشر من شباط (فبراير) 2011، اختفى د. ضرار أبو سيسي، وضجت وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية وحتى الغربية بالبحث في تفاصيل اختفاءه وهو مدير تشغيل محطة كهرباء غزة.
وبعد عام.. وحيدا معزولا في سجن عسقلان الصهيوني، يقبع د. ضرار أبو سيسي، 43 عاما، تتدهور صحته بشكل سريع، وسط مخاوف وتحذيرات وإهمال طبي، حيث فقد الأسير 32 كجم من وزنه بشكل مفاجئ, وعاد ليشكو من قلبه العليل أصلا قبل وبعد اعتقاله.
المحرر عبادة بلال تحدث إبان عزله في بئر السبع إلى أبو سيسي الذي كشف له مرارا _كما يقول_، كيف اختطفه الاحتلال من أوكرانيا، متهما السلطات الأوكرانية بالتورط في الجريمة بشكل مباشر.
يقول بلال "قريبا مني في (المقبرة) _في إشارة إلى عزل بئر السبع_ كانت زنزانة أبو سيسي، تفصلنا 50 سم فقط، وكنا نتحدث طويلا وعلى مدار ساعات، حتى منتصف الليل، عبر نافذة صغيرة في بوابة الزنزانة".
"رجل روحاني، على خلق ودين وعلم، رجل بمعنى الكلمة، ذلك الأسير أبو موسى ضرار" يروي بلال، ويتابع "كان يشتكي الإهمال الطبي، ويستذكر بشكل متكرر كيف اختطفته أجهزة الأمن الصهيونية، الموساد والشاباك من قطار أوكرانيا".
في القطار
"ودعت أولادي وزوجتي، وانطلقت بالقطار إلى مدينة أخرى، يحتاج السفر إليها ساعات طويلة، وبعد فترة وجيزة توجه إلي رجل بزي مدني، وطلب جواز سفري، فسألته من تكون؟ وبأي صفة تطلبه، قال: أنا ضابط في الأمن الداخلي الأوكراني، وأبرز بطاقة تثبت ذلك" يروي أبو سيسي لبلال.
يعلق بلال "إنها أشبه ما تكون بالفيلم السينمائي"، ويتابع، "طلب رجل الأمن _ذي الخلقة الأوكرانية_ بلغة البلاد من ضرار التوجه معه إلى غرفة أخرى، لأن هناك مشكلة في جواز سفره، وإذا بها خاليه إلا من رجل أوكراني آخر".
حاول أبو سيسي الاستفهام مرارا من ضابطي الأمن، لكن عبثاً فعل، وعند أول محطة، توقف القطار، واقتيد إلى خارج القطار ليفاجأ بسيارة دفع رباعي كبيرة، بزجاج أسود، وحولها عدد كبير من رجال الأمن الأوكراني، يقول بلال، "ما زال أبو سيسي حتى تلك اللحظة يعتقد أنه معتقل لدى جهاز الأمن الداخلي _المخابرات_ الأوكراني".
إلى "كَيِيف"
وجد ضرار نفسه في "كييف" مقيداً معصوب العينين، أخرج من السيارة وأدخل في فيلا، ليتفاجأ بسبعة من الضباط، لا تبدو عليهم ملامح الشعب الأوكراني، ويخاطبه أحدهم بالعربية، فيقول" هل تعرف من نحن؟، نحن جهاز المخابرات الصهيوني".
قيد أبو سيسي على كرسي، وبدأت جولة التحقيق، ليتفاجأ ضرار بأن يورام كوهين رئيس الشاباك والميجار أوسكار المحقق القذر كما يصفه أسرى عسقلان، وآخرين من كبار الرتب العسكرية، يحققون معه مباشرة، عن شاليط وعلاقته بالقسام.
ويسترسل بلال واصفا التعذيب الذي تعرض له د. ضرار، فيقول "كان تعذيبا وحشيا، حيث ضرب على صدره بقوة، ولطم بقوة وسرعة لطمات عديدة على الوجه، وأسمع أصوات صراخ وأنين، واستمر ذلك 5-6 ساعات، حسب تقديره".
"حيا في تابوت"
ترك أبو سيسي وحيدا في غرفة التعذيب، وجيء بعدها برجل قيده وعصب عينيه وأدخله في تابوت وأغلقه بإحكام، يقول بلال "تحدث أبو سيسي عن نقله إلى مطار كييف، عرف ذلك من أصوات الطائرات، ثم أدخل تابوته في طائرة، هبطت لاحقا في محطة ترانزيت على ما يبدو، ثم واصلت رحلتها، إلى المطار الصهيوني.
لكن اللافت ، كما يقول عبادة بلال، أن "الرحلة من محطة الترانزيت التي هبطت في الطائرة الصهيونية، ومطار الاحتلال استغرقت نصف ساعة أو 40 دقيقة فقط!".
نقل أبو سيسي إلى "بتيح تكفا"_ معتَقَلٌ صهيوني_ حيث عاد "يورام كوهين" من جديد للتحقيق معه، مضافا إليه عاموس جلعاد، مسؤول ملف شاليط في الكيان آنذاك، وعاد مسلسل التعذيب.
المشهد اليوم
وعلى الرغم من أن قضية أبو سيسي مضى عليها عام منذ اختطافه، إلا أن السلطات الأوكرانية، حسبما قال بلال، نقلا عن أبو سيسي، ترفض لقاء زوجته الأوكرانية الأصل، ومتابعة ملفه، على الرغم من أنه اختطف من داخل أراضيها.
ويعيش د. ضرار حالة صحية صعبة، حيث يعاني من عدة مشاكل في القلب، واضطرابا في ضغط الدم، ويشكو بشكل متواصل من الإهمال الطبي، حيث ترفض السلطات الصهيونية السماح بإدخال طبيب خاص له من خارج السجن.
وتمنع إدارة السجون الصهيونية دخول الصحف العربية إلى الأسير "الموقوف" أبو سيسي، فيما لم تعقد محاكمة له حتى اللحظة.
ويشغل الأسير حتى اختطافه منصب مدير تشغيل محطة توليد الطاقة الكهربائية الوحيدة في غزة، فيما لم يعرف له أي نشاط عسكري في القطاع، ونفت "حماس" عضويته فيها أو أي من أجهزتها العسكرية أو السياسية أو الأمنية.
وبعد كل ما تقدم تبقى التساؤلات مطروحة، عن أسباب اختطافه، ومآلات قضيته، في ظل غياب واضح للتهم الموجهة له، وعن صمت أوكرانيا، في الوقت الذي شمرت فيه عن سواعدها لينقل مختطفا في تابوت حيا إلى مقابر الأحياء.
نقلاً عن: موقع فضائية الأقصى