في العمق

لماذا تصعّد دولة الكيان من لهجتها ضد مصر؟!

المجد

عادت أجواء التوتر بين مصر ودولة الكيان على جبهة سيناء لتلقي بظلالها على العلاقة بينهما ومنطقة الشرق الأوسط عمومًا، وذلك على خلفية دراسة حديثة أعدها أستاذ التاريخ العسكري بجامعة تل أبيب والخبير العسكري الصهيوني أيهود عيلام، زعم فيها أن أجواء الحرب بين مصر والكيان باتت وشيكة وقريبة من أي وقت مضى.

 وتزامنت هذه المزاعم مع بدء الكتيبة الاستخباراتية الصهيونية عملها الأربعاء الماضي على الحدود مع مصر, بهدف جمع المعلومات الاستخباراتية عن شبه جزيرة سيناء وتحليلها، بالإضافة إلى مراقبة الوضع الأمني فيها عبر وسائل حديثة.

وعلى الرغم من ادعاء دولة الكيان أن هذه التحركات جاءت على خلفية غموض الوضع الأمني في مصر بعد الثورة، بالإضافة إلى التوتر القائم في شبه جزيرة سيناء، إلا أن التقارير الإعلامية الصهيونية ذهبت إلى أبعد من ذلك وتعاملت مع تلك الاستعدادات على أنها تكهنات باستعداد دولة الكيان لحرب وشيكة مع مصر.

واستندت التقارير الإعلامية إلى ما جاء في دراسة "عيلام" وتأكيده على أهمية شبه جزيرة سيناء لأمن الكيان باعتبارها جبهة دفاعية أمامية وأرض غنية بالموارد الطبيعية والنفط.

حيث يمكن للكيان من خلالها السيطرة على قناة السويس وتأمين خليج العقبة والممرات الجوية، إلى جانب كونها ساحة مناسبة لتنفيذ تدريبات جوية وبرية.

 ووفقاً لدراسة الخبير الصهيوني، فإنه يوجد احتمال لإلغاء المصريين لاتفاقية "كامب ديفيد" نتيجة المتغيرات التي طرأت في الداخل المصري وتزايد العداء تجاه الكيان، ومن ثم اندلاع مواجهات عسكرية بينهما".

إلا أن الحديث الصهيوني عن اندلاع مواجهات عسكرية وشيكة، لم يلق اهتماماً كبيرًا عند الخبراء الإستراتيجيين المصريين، الذين تعاملوا مع هذا الكلام على أنه محاولة للتأثير على الروح المعنوية للشارع المصري، الذي أصبح أكثر حدة في انتقاداته لسياسات دولة الكيان بعد الثورة.

محاولة تمويه

إلى ذلك، اعتبر المراقبون أن الحديث عن حرب محتملة بين مصر والكيان ما هو إلا محاولة للتمويه على التوجه الصهيوني نحو إيران واحتمال توجيه ضربة لطهران على خلفية برنامجها النووي، مؤكدين أنه ليس هناك أي مبرر أمام الكيان للدخول في حرب مع مصر تكبدها خسائر فادحة.

وهي وجهة النظر التي يتبناها مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق عبد الله الأشعل، والمرشح المحتمل للرئاسة، متوقعًا أن تكون هناك حالة من الاستقرار والتقارب على المستوى الرسمي بين مصر والكيان، نظراً لحاجة الأخيرة إلى مصر في المرحلة المقبلة، في ظل المتغيرات الإقليمية التي تفرض نفسها على المنطقة.

فيما يقول الخبير العسكري اللواء حمدي بخيت:" إن دولة الكيان سعى للوقيعة بين الشعب والجيش بحديثها المتكرر عن حرب محتملة"، وحول كتيبة الاستخبارات التي أنشأها الجيش الصهيوني، ذكر بخيت أنها تتعلق بالكيان، وتتم في ناحيتها الحدودية دون المساس بالسيادة المصرية، مؤكدًا في الوقت ذاته على قدرة مصر على حماية الحدود مع الكيان من أي محاولات اختراق أو تجسس.

لا حرب

إلا أن الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية نبيل عبد الفتاح، يعلق قائلا :"إن مصر تمر بلحظة حاسمة في تاريخها, وبالتالي فإن تحديد طبيعة علاقتها المستقبلية بالكيان يصبح أمرا صعبًا".

ومع ذلك، يؤكد عبدالفتاح أن العلاقات الثنائية في الوقت الراهن ليست سيئة بالدرجة التي يتوقع معها حدوث حرب وشيكة بين البلدين، مدللاً على ذلك بما أعلنه الجانب المصري ممثلاً في المجلس العسكري بأن كل الاتفاقات الدولية التي سبق وأن وقعتها القاهرة والحكومات المتعاقبة "موضع احترام"، وأن من ضمن تلك الاتفاقيات "كامب ديفيد".

ولفت إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد تفاقمًا للوضع بين الطرفين ولكنه لن يصل للحل العسكري.

تغييرات مصرية

من جهته، يتوقع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عبد المنعم المشاط أن تشهد العلاقات المصرية الصهيونية مزيدًا من الترشيد من الجانب المصري في إطار معاهدة السلام، لافتا الى أن هناك ملفات شائكة تثار الآن كقضية الغاز، وخاصة أن تصدير الغاز إلى لدولة الكيان لم يكن ضمن بنود كامب ديفيد.

وأضاف :"دولة الكيان لم تبدِ ارتياحها لما تقوم به مصر في ما يخص المصالحة الفلسطينية، وكذلك فتح معبر رفح أمام سكان غزة، على الرغم من أنه أمر يخص الشأن المصري وحده".

وأردف أن كل ذلك جعل دولة الكيان تحاول استفزاز الشعب المصري وحكومته عن طريق إطلاق بعض التصريحات المستفزة على لسان كبار مسئوليها أو خبرائها العسكريين, الأمر الذي يمثل خطورة على طبيعة العلاقات الثنائية".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى