عين على العدو

انتصار جديد للمقاومة الصومالية على حلفاء بوش

محيط


لم تكد تمر أيام قليلة على الهزيمة الموجعة التي تلقاها حلفاء بوش في لبنان على يد حزب الله ، إلا وتلقى حلفاؤه في الصومال أيضا ضربة قاصمة بعد نجاح مقاتلي المحاكم الإسلامية في السيطرة على مدينة “جيليب” جنوب العاصمة مقديشيو.


 


ففي 17 مايو ، وبعد معارك طاحنة مع القوات الحكومية والإثيوبية ، أعلن محمد حسن ورسام ، أحد أعيان “جيليب” أن السلطات المحلية أخلت المدينة بعدما استولى عليها الإسلاميون ، مشيرا إلى سقوط ثلاثة قتلى من القوات الحكومية في تلك المعارك.


 


ويرى مراقبون أن المحاكم الإسلامية وقوات المقاومة الأخرى باتت قريبة جدا من أبواب العاصمة ، خاصة وأنها تسيطر الآن على 7 مدن بالقرب من مقديشيو ، منها جيليب ، ومدينة “بلعد” شمالي العاصمة التي سيطرت عليها في 30 إبريل الماضي ، بينما لاتزال حركة “الشباب المجاهدين” الإسلامية تحكم سيطرتها على مدينة “واجد” الاستراتيجية الواقعة في محافظة “بكول” جنوب غربي الصومال .


 


كما أن محافظات جوبا السفلى والوسطى تخضع لسيطرة المحاكم الإسلامية باستثناء مدينة “كسمايو” التي تخضع لسيطرة ميليشيات قبلية معادية للحكومة الانتقالية, وتبسط المحاكم سيطرتها أيضا على مدينة بلدوين عاصمة محافظة هيران ومحافظة جلجدود في وسط الصومال.


 


والمثير للانتباه هنا أن الخسائر لاتقف عند طرد القوات الحكومية من المدن والبلدات المحيطة بالعاصمة فقط وإنما تجاوزتها إلى المعارك التي تدور بصورة شبه يومية داخل مقديشيو نفسها ويتجرع مرارتها القوات الإثيوبية المتحالفة مع الحكومة الانتقالية والمدعومة أمريكيا ، ولعل مقتل تسعة جنود إثيوبيين في يوم واحد خلال اشتباكات مع مقاتلي المحاكم الإسلامية في ضاحية التوفيق بمقديشو في 19 إبريل الماضي يؤكد حجم المأزق الذي بات يعيشه حلفاء بوش في الصومال.


 


وهذا ما عبر عنه بوضوح شيخ شريف أحمد، رئيس التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال، حيث أعلن في 28 إبريل الماضي أن قوات المقاومة باتت تسيطر على مناطق واسعة من أراضي الصومال , تمتد من الحدود الكينية جنوبًا، ومرورًا بعدد من البلدات الاستراتيجية الهامة ، وصولاً إلى وسط الصومال ، قائلا :” إن هناك توسعًا للمقاومة وتصعيدًا في عملياتها”.


 


فشل ذريع آخر لبوش


وفي ضوء ما سبق ، تبدو خيبة أمل بوش كبيرة جدا ، فهو كان يتوقع استقرار الأمور في الصومال فور دخول القوات الإثيوبية إلا أن العكس هو الذي حدث والتف الشعب الصومالي حول المقاومة بكافة أطيافها .


ومع أنه تدخل مباشرة أكثر من مرة بقصف مواقع للمقاومة ، إلا أن الفشل كان حليفه أيضا وجاء دوما بنتيجة عكسية ، وهذا ما تأكد في القصف الجوي الذي نفذته مقاتلات أمريكية في 2 مايو واستهدف منزل القائد العسكري لحركة شباب المجاهدين الصومالية أدن حاشي عيرو بمدينة دوسو مريب (500 كلم) شمال مقديشيو ، فرغم استشهاد عيرو ، إلا أن  حركة شباب المجاهدين توعدت بمواصلة الجهاد تحت قيادة جديدة, وقال المتحدث باسم الحركة مختار علي روبو : “حتى إذا استشهد عيرو فإن معتقداته باقية والرجال الذين دربهم وأرشدهم مازالوا على قيد الحياة. سنواصل القتال حتى تحرير الشعب الصومالي من الاحتلال الإثيوبي”.


 


وأمام هذا العناد والاصرار ، أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية صراحة أنه لا سبيل لتحقيق نصر في الصومال ، قائلة :” إن الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة بزعم القضاء على قادة القاعدة أمثال أبو طه السوداني وهو خبير متفجرات لدى تنظيم القاعدة وكذلك فاضل عبد الله محمد الذي تتهمه بتدبير تفجير السفارتين الأمريكتين في تنزانيا وكينيا عام 1998، لم ولن تسفر عن شيء ، وهو ما يحتم على الإدارة الأمريكية الاستفادة من أخطائها السابقة في الصومال وتفادي الهزيمة العسكرية والسياسية التي لحقت بها عام 1993 عقب مقتل 18 من قوات “الدلتا” الأمريكية في مقديشو على يد ميليشيات الجنرال محمد فارح عيديد وإسقاط مروحيتين قتاليتين من طراز “بلاك هوك” وسحب جثث الجنود الأمريكيين في شوارع مقديشو أمام كاميرات التليفزيونات العالمية وهو ما انتهى بإصدار الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون قرارا بسحب القوات الأمريكية من الصومال وترك المهمة للأمم المتحدة التي انسحبت بدورها في إبريل 1995، تاركة الصومال في حال من الفوضى”.


 


ويبقى ما ذكرته صحيفة “جيرزاليم بوست” الإسرائيلية هو العامل الحاسم في هذا الشأن ، حيث أكدت في 11 مايو أن الدرس البارز الذي خرجت به مما يجرى في بيروت وما جرى قبله في قطاع غزة أنه ما من مكان تقدم فيها أمريكا دعمها المفتوح لأي شخصية عربية، إلا ولوحقت تلك الشخصية في الشارع العربي بالعار، حيث وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ضحية لالتحاقهما بركب السياسة الأمريكية ، موضحة أن انتصار حزب الله على حلفاء أمريكا في شوارع بيروت في الأيام الأخيرة أكد أن الجهود الأمريكية المضنية الجارية منذ سنوات لإلغاء حركة حماس وجماعة حزب الله، ارتدت بالوبال على أمريكا نفسها، بل وأضافت قوة جديدة للجماعتين بين أنصارهما ، وهذا ما تكرر أيضا في الصومال .


 


والخلاصة أنه مثلما أخطأت إدارة بوش الحسابات بشأن العراق ولبنان ، كررت الشيء ذاته في الصومال عندما اعتقدت أن التدخل الإثيوبى هو الحل السحرى لإبعاد الإسلاميين عن الحكم في تلك الدولة العربية ذات الأهمية الاستراتيجية بالقرن الإفريقي ، واتضح فيما بعد أنه لم يسفر عن شيء سوى غرقها في مستنقع جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى