الأسرة ..الحصن المستهدف الذي يحتاج للحماية
المجد – وكالات
إن شأن الأسرة في الإسلام شأن عظيم، فهي الأساس الذي بقدر ما يكون راسخاً متيناً، يكون صرح المجتمع وبناؤه شامخاً منيعاً، لما يختزنه من عوامل القوة والحيوية والنماء.
ومن ثم كانت عناية الإسلام بمؤسسة الأسرة عناية بالغة وفي غاية الدقة والشمول.
فالأسرة ليست مجرد إطار عادي، يتصرف فيه كل عضو بمحض حريته وإرادته، بل هي إطار تحكمه ضوابط وتسجيه أحكام الشرع الحكيم التي ترتب على الزوجين وظائف ومهام مقدسة، تتمحور حول غاية سامية كبرى، هي الحفاظ على استمرار وجود الأمة الإسلامية متماسكاً قوياً، قادراً على أداء رسالته الحضارية العظمى، التي هي نشر دين الله في أرض الله، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، والدفاع عنه ضد قوى البغي والكفر والعدوان التي تريد أن تطمس نوره وتعطل رسالته.
ولتؤدي الأسرة وظائفها وتضطلع برسالتها، لابد أن تقوم على دعائم وأسس، تظل في غيابها كياناً مهزوزاً قابلاً للنقض في أي وقت وحين.
ظلت الأسرة المسلمة تمثل صمام أمان ضد الأخطار وجميع محاولات تذويب كيان الأمة وطمس هويتها وإلغاء تميزها وشهوديتها ، حينما كانت تعتصم بحبل الله المتين، ولكن هذه الأسرة هي نفسها التي أصبحت مدخلاً للهدم ونسف بنيان الأمة حينما وقعت فريسة بين أيدي الأعداء، فقد أيقن هؤلاء أن لا مطمع لهم في إضعاف الأمة والإجهاز عليها، إلا بالتسلل إلى حمى الأسرة لنقض عراها ونسف بنيانها. وكان ذلك مكراً كبارا من جانب قوى الشر والإفساد في العالم، والتي يتولى كِبْر قيادتها الأخطبوط الصهيوني اليهودي بأذرعه المتعددة التي تتحرك في كل اتجاه.
وإذا كانت الأسرة من المجتمع بمثابة القلب من الجسد، إذا صلح صلح الجسد كله، فإن موقع المرأة من الأسرة هو بمثابة القلب الذي إذا أدى وظائفه الحيوية في تغذية شرايين جسم الأسرة، وضخ دماء العافية والطهر والنقاء فيه، والتي إن هي إلا قيم الفضيلة والعفة والحياء، وبث روح التضامن والمسؤولية والإخاء، كانت الأسرة أسلم ما تكون.
بناء على هذه الحقيقة الناصعة،انطلقت القوى المعادية للإسلام بإصرار عنيد لتنفيذ خطتها الماكرة التي يتمثل أول بنودها في إخراج المرأة من مملكتها المنيفة وقلعتها الشامخة تحت شعار خادع وهو تحريرها من ربقة التخلف والتقليد، وفي تجريدها من لباس الحشمة والحياء الذي يمثل وسام فخار وعنوان وقار للمرأة المسلمة.
وكان ثاني بند في هذا السياق متمثلاً في هدم السدود بين الرجال والنساء، فأصبح بعضهم يموج في بعض، في تجليات مخزية ومظاهر تأباها الفطرة ويندى لها الجبين.
وهـكذا أصبح الاختلاط يتحول تدريجياً من حالات متفرقة معزولة، محصورة في بعض الأسر الميسورة المترفة ، ليصير ظاهرة متفشية في أوساط المجتمع بجميع شرائحه وطبقاته ، ومما زاد من تسريع فشو هذه الآفة واستحكامها في مفاصل المجتمع، الإعلام الفاجر الذي غزا البيوت بشكل رهيب ، وراح يزعزع يقين المسلمين في قيم ومفاهيم وعادات وعلاقات درجوا عليها وتناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل، وذلك من قبيل الحلال والحرام، والستر والحياء، والاحتشام، وبر الوالدين وقوامة الرجال على النساء، ووفاء الأزواج بعضهم لبعض، وما إلى ذلك من القيم الرفيعة التي سمت بالأمة وحافظت لها على مناعتها وتجذرها، وتميزها بين الأمم باعتبارها ممثلة لمنهج الهداية والفلاح، حاملة لرسالة الشهود على الناس مصداقاً لقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}، البقرة 143.
وهكذا بدأ بيض الاستعمار يفقس يوماً بعد يوم وقنابله الموقوتة المبرمجة تنفجر تباعاً لتمزق أشلاء الأسرة وتفكك أوصالها وأواصرها، فأصبحنا أمام نماذج للأسرة بعيدة كل البعد عما ألفه الآباء والأجداد.