ديمقراطية الاحتلال واحتلال الديمقراطية
المجد – خاص
الاحتلال والديمقراطية خطان لا يلتقيان. طالما تشدق الساسة الصهاينة والكتاب والمفكرون بالديمقراطية وتناسوا أنهم يقبعون فوق ارض محتلة قاموا علي تهجير أهلها واغتصاب أرضهم باسم الديمقراطية الصهيونية.
يقول احد المفكرين، في موقع “أنتي وور”، على شبكة الإنترنت، “ليست “دولة الكيان” ديمقراطية ليبرالية، ولا حتى “دولة يهودية وديمقراطية”، كما يدعي الموالون لها، بل هي دولة تمييز عنصري، لا في الضفة الغربية وغزة المحتلتيْن وحسب، بل داخل أراضيها أيضاً . ففي المناطق المحتلة، أصبحت الطبيعة العنصرية للحكم “الصهيوني” اليوم، أمراً لا يمكن تفنيده، وإن كان الساسة ورجال الإعلام في الغرب، نادراً ما يتطرقون إليها . أمّا داخل دولة الكيان، فهي مقنّعة وخفيّة إلى حدّ كبير”
ستة عقود من السيطرة الصهيونية على السكان الفلسطينيين المحرومين من أيّة مكانة سياسية وحماية سياسية باعتبارها فترة كافية لتحول علاقات السيطرة بين قوة محتلة وسكان يرزحون تحت الاحتلال إلى بنية نظام مستقلة ذات منطق تطوّري خاص بها.
وباستعراض الخطوط العريضة لتشخيص مفاهيم السيطرة الصهيونية على الأراضي الفلسطينية باعتبارها أساسا ثابتًا وأساسيًا في النظام الصهيوني عبر إعادة فهم الحقائق المعروفة.
نستطيع أن نرصد حقيقة انه وبعد ستة عقود على الاحتلال يواصل الجميع، تقريبًا ـ إن كان ذلك في الخطاب السياسيّ أو حتى في الأوساط الأكاديمية ـ رؤية الاحتلال كحالة مؤقتة ومميِّز عرضيّ للنظام الصهيوني، ما يضمن تغييب السؤال حول ما إذا كانت دولة الكيان مستعدة لوقف حالة الاحتلال، لصالح الحديث عن شروط فعل ذلك.
هذا الفكر الصهيوني يظهر احتلال الأرض وتهجير أهلها بحاله عرضية يمكن تجاوزها، كحالة غلاء الأسعار بتغير وزير الاقتصاد أو تغير السياسات التي تعمل على تجاوز هذه الحالة.
يمكن الحديث عن دولة الكيان كأنها دولة ديمقراطية، وعن غالبية مواطنيها كأناس ذوي ميول متنوِّرة وأنماط حياة عصرية، وعن سكان المناطق (من الفلسطينيين) كأنهم عدو خطير يهدد النظام من الخارج من المباح التعامل معه بشتى الأنواع والأساليب.
وتكمن الخصوصية التي تواجه بقوة هذا المنطلق في كونه يوظف الحالة الصهيونية وعلاقتها بالمناطق المحتلة ويستفيد منها، لكنه يحاول ألا يختزل العلاقة بمقولة واحدة ووحيدة، إذ يعتبر أن التحليل الذي يرى في الوجود الإسرائيلي حالة كولونيالية بامتياز تحليل صحيح ومفيد، لكنهما يعتبران انه لا يمكن اختزال الوجود الإسرائيلي بهذه المقاربة، كذلك الأمر بالنسبة للابارتهايد(التفرقة العنصرية) دولة الكيان تمارس نظام فصل واضح المعالم لكنه ليس فقط ابارتهايد، وهو حالة احتلال لكنه ليس احتلالا فقط.
الابارتهايد الصهيونية فاقت الإفريقية بين التميز بين الجنسين البيض والسود، لتتخطاها وتصل إلى تميز داخلي بين الجنس اليهودي الواحد، رغم ادعائهم السامية وأنهم الشعب المختار إلا أنهم يميزون بين بعضهم البعض بين اليهود الشرقيين والغربيين وبين اليهود المتدينين والعلمانيين صراع داخلي ربما من حين لأخر يطفو علي السطح ليجسد معالم ومفاهيم الديمقراطية المشوهة للاحتلال يدعي الديمقراطية والحداثة.
من الممكن إبراز وتمييز خاصية الحالة الصهيونية ، والتي تكمن، ضمن القدرة على المزاوجة بين وضع الاحتلال وكأنه "خارج" الدولة، ووضعه في الوقت نفسه "داخل" الدولة. مفارقة عجيبة يوضح فيها الاحتلال أفكاره بصورة ملوثة متناقضة لا تتسم بالوضوح.
ولعل الأغرب في مفاهيم اليهود الصهاينة المثقفين، أنهم يعتبرون الاحتلال حالة هذه الحالة تنتهي ليس بعودة الأرض إلى أصحابها، وليس بعودة ألاجئين المهجرين خارج أراضيهم، وليس بالرحيل عن الأراضي التي تم اغتصابها في عام48 ولكن ينتهي في تغيير النظام في دولة الكيان.
في الختام نقول هذه هي ديمقراطية الاحتلال المبنية علي الموت والقتل والتهجير وسلب الأراضي من أصحابها لتجسد اسما مفاهيم احتلال الديمقراطية الصهيونية التي تعمل بكل الطرق على تسويقها في الداخل والخارج.