تقارير أمنية

كيف ألقي القبض على خلية الجبهة الشعبية صيف 91

المجد- خاص

بعد عامين من الانتفاضة الأولى حولت عمليات جهاز الشاباك المنظمات الفلسطينية إلى أكثر حذراً وإحكاما، وهذا الأمر أجبر المخابرات الصهيونية على مواجهة وسائل التغطية والتمويه على الخلايا الفدائية الناشطة.

ففي صيف 1991م علم جهاز الشاباك الصهيوني بوجود خلية كبيرة للجبهه الشعبية تعمل في منطقة القدس.

 

الجبهة الشعبية اعتبرت خلال سنوات عديدة التنظيم الثاني في درجته في منظمة التحرير الفلسطينية وقد أنشئت في ديسمبر 1967م ومنذ ذلك الحين وقف على رأسها الطبيب جورج حبش (الذي تبني سابقاً أفكار القومية العربية، وانتقل مع مرور الزمن لتأكيد الموضوع الفلسطيني .

 

طرف الخيط الوحيد الذي كان مع الشاباك لتلك الخلية الخطرة كان أحد عملائه الذي نجح في أن ينضم للجبهة الشعبية ولكنه شُغل بحذر شديد مثل كل جديد لم يعرفوا أصله جيداً، لذلك لم يستلم التعليمات مباشرة، وإنما عن طريق نقطة متينة (وهي مكان يضعون فيه وسائل أو الأدوات القتالية كي يمنعوا حصول علاقة مباشرة) هذه النقطة كانت عبارة عن حفرة صغيرة مغطاة بحذر بجوار أرجوحة في حديقة عامة، والرسائل التي وضعت هناك كانت على الغالب توجيهات أيديولوجية معروفة للجبهة الشعبية للارتقاء بمستوى أفرادها.

 

عمل جهاز الشباك على نشر المراقبين على المنطقة لكي يتم معرفة الشخص الذي يضع الرسائل وذلك لوضعه تحت المراقبة للوصول لرجال الخلايا التابعة للجبهة الشعبية, وليس على مراسل بريد لمواد إعلامية فقط.

 

الشاباك طالب العميل أن يضع في النقطة الميتة رسالة يقول فيها أنه عثر على قنبلة يدوية في مكان معين، وأخذها للبيت وهو يريد أن يعرف ماذا يفعل بها، وقد كتب الرسالة ووضعها في النقطة الميتة في الحديقة العامة وعاد للبيت.

وحين عاد هناك بعد ثلاثة أيام وجد في الحفرة رسالة الرد، وفيه أوامر واضحة في تاريخ معين (الساعة 16.30) عليه أن يحفر حفرة في مكان معين وفقاً للأوامر التي استلمها، وهنا رجال وحدة العمليات الخاصة التابعة للشاباك تخفوا في المكان وتابعوا ما يحدث.

وبعد ثلاث ساعات من الموعد المحدد وصل شخص إلى المكان، نظر حوله كي يتأكد أن أحداً لا يراقبه أو راقب الحفرة بعد قليل أخذ القنبلة دخل سيارته وسافر إلى رام الله فتابعته وحدات الشاباك حتى وصل بيت شقة قريب من المنطقة السكانية.

وقد استخدم الشاباك الصهيوني أساليب مختلفة كي يتأكد من أن يكون البيت مراقب بشكل متواصل وعملوا على تصوير كل من يدخل ويخرج من البيت، بالإضافة لمتابعة غالبية الخارجين حتى تم اعتقال أحدهم حين وصل إلى مخيم اللاجئين الأمعري لكن هذا الشاب لم يعترف بشيء خلال التحقيق المكثف معه.

 

لم ييأس الشاباك وحاول أن يعرف من هم سكان ذلك المبني في رام الله لكنهم لم يفلحوا بشيء واتضح أن كل الشقق مؤجرة ولم يكن ممكنا الحصول على قائمة كاملة للسكان.

في النهاية قرر جهاز الأمن العام الصهيوني أن يقتحم البيت بواسطة حيلة يتم من خلالها ايجاد حادثة رشق للحجارة ضد الجيش في منطقة قريبة يتم من خلالها البحث عن المشبوهين برشق الحجارة.

وبالفعل أقام الجيش بالتعاون مع الشاباك حملة تفتيش في العمارة السكنية التي كانت بها المجموعة التابعة للجبهة الشعبية وشرعت بتفتيش الشقق فيها, وحين طرقوا أحد الأبواب لم يرد أحد تم اقتحامها ، الشقة كانت مؤجرة لمواطن من غزة ولأخته، وبعد مقارنة الشخصية للوثائق التي وجدت معهم اتضح أن الاثنين كانا أعضاء في الجبهة الشعبية والتي تعتبر تنظيماً غير إسلامياً يبدى انفتاحاً اتجاه النساء وتشجيع انضمامهن لصفوفه.

 

في الشقة كان هناك شاب مرتبك حاول يحرق أوراقاً، فهاجمته القوة ونجحت في تخليص الأوراق منه, وقد كانت الشقة فارغة ولم يظهر فيها أي علامات لأي أنشطة مقاومة.

شك الجنود بشيء مريب من ارتباك هذا الشاب فقرروا فحص الأرضيات والجدران بشكل مكثف وفي المطبخ وجدوا جدراً مغطي بالخارصين "الكراميكا"، وعندما طرقوا عليه ظهر له صداً خاصاً، فبدأ الجنود تفكيكه واتضح لهم أن بعضها ملصق على لوح خشبي يشبه الباب فتم رفع اللوح وهنا برز تجويف مظلم بداخله مواطن عربي من شفا عمر.

الشاباك واصل البحث على امتداد الجدران وكانت إحداها مغطاة بورق ملون ما أثار الشك وبعد التدقيق فيه  وجدوا أنه ليس من نفس المادة، وقد استخدم للتمويه فتم فتحه ووجد شخص آخر بداخله, وخلال التفتيش في هذا المكان اكتشفت المخابرات الصهيونية وثائق مختلفة، ختم وبطاقات هوية صهيونية وكاميرات متطورة، وأدوات تنكر، وباروكات وشوارب وذقون، بالإضافة لآلات طباعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى